منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الصفقات العمومية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-09, 13:54   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
abbes8
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية abbes8
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المطلب الثالث:
تمييز الصفقة العمومية عن غيرها من العقود الأخرى.
مما لا شك فيه أن الصفقات العمومية تختلف عن سائر العقود الأخرى مدنية وتجارية وعقد العمل اختلافا كبيرا. إذ أنّ ما يعدّ صالحا للأفراد قد لا يكون كذلك بالنسبة لجهة الإدارة. كما أنّ الصفقات العمومية تكلف خزينة الدولة أموالا كبيرة. لذا وجب أن تخضع لأحكام مميّزة تتعلق بإجراءات وطرق إبرامها تختلف عن تلك التي يخضع لها الأفراد والمقرّرة في القانون المدني خاصة.
وسنتولى فيما يلي التمييز بين الصفقات العمومية والعقود المدنية من جهة، وبين الصفقات العمومية والعقود التجارية من جهة ثانية، وبين الصفقات العمومية وعقد العمل من جهة ثالثة.
الفرع الأول: التمييز بين الصفقات العمومية والعقود المدنية.
تختلف الصفقات العمومية عن العقود المدنية من زوايا كثيرة أبرزها:
1- من حيث مراكز أطراف العلاقة العقدية
إن العقد المدني يحتل أطرافه مرتبة واحدة ولا امتياز لطرف على طرف. ولا يمكن للمشرّع والأمر يتعلّق بمصلحة خاصة، أن يرجح مصلحة على مصلحة كأن يغلب مصلحة البائع على المشتري. أو المؤجر على المستأجر أو الرّاهن على المرتهن. إن مثل هذا التمييز إذا ما تم سينسف نظرية العقد في مجال القانون الخاص عامة. بينما العقد الإداري وبالنّظر لاحتوائه عضويا على إدارة عامة أو هيئة عمومية وجب الاعتراف لها بالتمتّع بامتيازات السلطة العامة بما يمكنها من تحقيق الهدف من التعاقد.
2- من حيث إجراءات إبرام العقد
تخضع الإدارة أو الهيئة العامة لطرق محددة عندما تبدي رغبتها في التعاقد. وتلزم كأصل عام بإعلام الجمهور وبنشر إعلان مناقصة مثلا أو مزايدة. وتخضع لإجراءات طويلة وثقيلة، ولرقابة معقّدة. إنّ الإدارة العامة في غالبية النظم القانونية ليست حرة في اختيار المتعاقد معها، بل هي مجبرة على التعاقد بكيفية وإجراءات محدّدة. وهذا بهدف ترشيد النّفقات العامة مراعاة لما تكلّفه الصفقات العمومية من أوجه كبيرة وضخمة للصرف. بل إن المشرع عمد إلى حماية قواعد تنظيم الصفقات العمومية بأدوات جزائية تطبق عند الإخلال بهذا التنظيم وهو ما أشارت إليه المادة 26 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته. بينما العقد المدني يحكمه مبدأ الحرية التامة في اختيار الطرف المتعاقد للطرف الآخر. كما يتمّ بسرعة كبيرة ولا يخضع لإجراءات الشهر كأصل عام.
3- من حيث الهدف من العملية التعاقدية
إنّ الهدف من إبرام العقد المدني هو تحقيق المصلحة الخاصة لأطراف العقد. فعقد البيع مثلا يحقّق مصلحة للبائع وللمشتري. فالبائع انتفع بالثمن والمشتري انتفع بمحل البيع. بينما الهدف من إبرام الصفقات العمومية هو تحقيق المصلحة العامة. فعقد الأشغال العامة مثلا إذا نصب على إنجاز طريق من نقطة إلى أخرى أو إنجاز جسر أو مجموعة سكنات، فإنّ المنتفع هو الجمهور. كما أن عقد تموين إدارة الخدمات الجامعية بمادة معيّنة كاللّحوم أو الخبز أو الخضر والفواكه إنّما تمّ بغرض إطعام الطلبة. وهكذا فكل صفقة عمومية إنّما يرجع عائدها وأثرها على دائرة المنتفعين.
4- من حيث الجهة القضائية المختصة بالنظر في النزاع
يعقد الاختصاص بالنّظر في الخصومات النّاتجة عن تنفيذ العقود المدنية لجهة القضاء العادي. بينما يعقد الاختصاص بالنّظر في منازعات الصفقات العمومية كأصل عام للقضاء الإداري أو لجهة محددة تشريعا.
ولقد كرس القانون العضوي 98/01 المؤرخ في 30 ماي 1998 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله.والقانون 98/02 بنفس التاريخ والمتعلق بالمحاكم الإدارية. والقانون العضوي 98/03 بتاريخ 3 جوان 1998 المتعلق باختصاصات محكمة التنازع وتنظيمها وعملها الازدواجية القضائية من منظور هيكلي. وأخيرا كرس قانون الإجراءات المدنية والإدارية الازدواجية الإجرائية
5 من حيث سلطة القاضي الفاصل في النزاع
إن سلطة القاضي الإداري أوسع من سلطة القاضي المدني هذا الأخير الذي يسيره الخصوم.طبقا للمبدأ القائل الخصومة ملك للخصوم، بينما القاضي الإداري يستطيع جبر الإدارة على تقديم قرار وهو ما أشارت إليه المادة الفقرة 2 من المادة 819 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد.
الفرع الثاني: التمييز بين الصفقات العمومية والعقود التجارية.
تتميز الصفقة العمومية عن العقد التجاري من زوايا عدة أبرزها
1 من حيث قواعد الإثبات
لما كانت الحياة التجارية يسودها عنصر الائتمان ويحكمها مبدأ السرعة، وجب أن تساير أحكام العقود التجارية هذين المبدأين أو الميزتين. لذا وجدنا المشرّع الجزائري وهو يسنّ قواعد إثبات العقد التجاري كان في غاية من المرونة. فذكر وسائل عدّة يثبت بها العقد التجاري فإلى جانب السندات الرسمية ذكر السندات العرفية والفواتير المقبولة والرسائل والدفاتر التجارية للطرفين والإثبات بالبينة وهو ما قرّرته المادة 30 من القانون التجاري الجزائري.
بينما العقد الإداري لا يثبت إلا بالكتابة. ولقد سبقت الإشارة أنّ القضاء الإداري الجزائري ممثلا في مجلس الدولة تشدّد في تطبيقه لهذا الشرط فلم يقبل ادّعاء بوجود علاقة عقد بعنوان صفقة عمومية إذا لم يكن المدعي يحوز عقدا مكتوبا بين يديه. ثمّ إنّ عنصر الكتابة ورد في مختلف التعريفات التشريعية الجزائرية للصفقات العمومية وفق ما بينّا ذلك سابقا.
2 من حيث طرق الإبرام
تتميّز الصفقة العمومية عن العقد التجاري فيما يخصّ طرق الإبرام. فإذا كان من اليسير إبرام عقد تجاري تماشيا مع السرعة وحركة المجتمع التجاري، فإنّ الأمر لا يكون كذلك بالنسبة للصفقة العمومية التي يأخذ إبرامها مراحل طويلة ويمر بإجراءات معقدة كما سيتضح لنا من خلال طرق الإبرام. وأن كل مخالفة لتنظيم الصفقات ينجم عنها المسؤولية الجزائية المقررة في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته.
3 من حيث الجهة القضائية المختصة بالنظر في النزاع
يتميّز العقد التجاري عن الصفقة أيضا فيما تعلّق بقواعد الاختصاص القضائي في حالة نشوب نزاع أو خصومة. فإذا كان القضاء الإداري هو المختصّ بالنّظر في منازعات الصفقات العمومية فإنّ القضاء العادي هو الجهة المختصّة بالنظر في المنازعات التجارية.
ومن جملة الأحكام الجديدة فيما يخص تشكيلة المحكمة التجارية نصت المادة 533 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد أن المحكمة التجارية تتشكل من قض رئيسا ومساعدين ممن لهم دراية بالمسائل التجارية ويكون لهما دور استشاري.بينما تتشكل المحكمة الإدارية فقط من قضاة.
الفرع الثالث: التمييز بين الصفقات العمومية وعقد العمل.
ليس المجتمع التجاري فقط والمدني هو من خصّه المشرّع بأحكام خاصّة ، بل امتدت الخصوصية أيضا للمجتمع العمّالي الّذي يحكمه التشريع العمالي أو الاجتماعي.
وقد عرف الفقه عقد العمل على أنّه " اتفاق يلزم بمقتضاه شخص بوضع نشاطه في خدمة شخص آخر وتحت إشرافه مقال أجر".
ويتبين لنا من تعريف عقد العمل أنه قد يقترب من الصفقة العمومية خاصة وأن هذه الأخيرة قد يكون موضوعها خدمة.وعقد العمل هو الآخر ينصب على خدمة يقدمها العامل لصاحب العمل.
غير أنه مع ذلك تظل الصفقة العمومية تتميز عن عقد العمل من جوانب كثيرة ومتنوعة أبرزها
1 من حيث عنصر الشكل
من خلال تعريف عقد العمل وربطه بتعريف الصفقات العمومية نجد أن عقد العمل لا يشترط فيه عنصر الكتابة. وهو ما أشارت إليه صراحة المادة 8من القانون 90-11 المؤرخ في 21 أفريل 1990 .
المتعلق بعلاقات العمل المعدل والمتمم بقولها:" تنشأ علاقة العمل بعقد مكتوب أو غير مكتوب وتقوم هذه العلاقة على أية حال بمجرد العمل لحساب مستخدم ما" بينما الصفقة العمومية شرط الكتابة فيها لازم بل هو ركن من أركان العقد.
2 من حيث طرق الإبرام وقواعد الرقابة
تختلف الصفقة العمومية أيضا عن عقد العمل سواء من موضوعها أو طرق إبرامها أو قواعد رقابتها. وهو ما سنفصل فيه لاحقا.الأمر الذي يبعث بطئا في ظهور الصفقة العمومية، بينما عقد العمل يبرم في مدة وجيزة ويخضع هو الآخر لأطر رقابية خاصة.
3 من حيث قواعد الاختصاص القضائي
تعرض منازعات العمل على مستوى المحكمة الابتدائية وهذا بعد المرور وجوبا بمرحلة الصلح الذي تتولاه مكاتب المصالحة وفقا للتشريع الجاري به العمل. وطبقا للمادة 502 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية يتشكل القسم الاجتماعي من قاض رئيسا ومساعدين .بينما تتشكل المحكمة الفاصلة في منازعات الصفقات العمومية فقط