منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الصفقات العمومية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-09, 13:52   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
abbes8
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية abbes8
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرع الثالث: التعريف الفقهي
لقد أجمع فقه القانون الإداري أنّ نظرية العقد الإداري هي نظرية من منشأ قضائي أرسى مبادئها وأحكامها القضاء الإداري الفرنسي ممثلا في مجلس الدولة عبر اجتهاداته من خلال القضايا والمنازعات المعروضة عليه.
ورغم الطابع القضائي لنظرية العقد الإداري ومع محاولة المشرّعين في غالبية النّظم تقنين جوانب في النّشاط التعاقدي للإدارة، إلا أنّ دور الفقه في تحليل الأجزاء المختلفة لهذه النّظرية يظل بارزا في كل الدول. وإذا كان العقد الإداري يلتقي مع العقد المدني بالنظر أنّ كل منهما يعبّر عن توافق إرادتين بقصد إحداث الأثر القانوني المترتّب على العقد، إلا أنّ تميّز العقد الإداري عن العقد المدني يظلّ واضحا في كثير من الجوانب والأجزاء. وهو ما تولّى الفقه الإداري توضيحه وتحليله.
ولقد عرّف الفقه العقد الإداري على أنه: " العقد الذي يبرمه شخص من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره وتظهر نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام وذلك بتضمين العقد شرطا أو شروطا غير مألوفة في عقود القانون الخاص."
المطلب الثاني:
المعايير التشريعية للصفقات العمومية وموقف القضاء منها
إذا كانت الصفقات العمومية عقودا إدارية محدّدة بموجب التشريع فلا شك أن المشرع بتقنينه للعمل والنشاط التعاقدي للإدارة يكون قد حدّد معالم وعناصر تتميّز بها الصفقة العمومية. وهو ما أكد عليه المشرّع في مختلف قوانين الصفقات العمومية.
غير أنّ وضع معايير للصفقات العمومية من جانب المشرّع لم يمنع القضاء وكذلك الفقه من تقديم التفصيل حول هذه المعايير. بل إنّ كثيرا من هذه المعايير ذات منشأ قضائي ولعب الفقه دورا كبيرا في تحليلها وتأصيلها سواء في فرنسا أو مصر أو في الجزائر.
وعليه قدّرنا تقسيم هذا المطلب إلى ثلاثة فروع خصّصنا الفرع الأول للمعايير التشريعية للصفقات العمومية، والفرع الثاني للتطبيقات القضائية لهذه المعايير، والفرع الثالث للمعايير الفقهية للصفقات العمومية.
الفرع الأول: المعايير التشريعية للصفقات العمومية "العقود الإدارية"
من التعريفات سابقة الذكر للصفقات العمومية والواردة في قوانين مختلفة يمكن حصر معايير الصفقات العمومية في:
أولا : المعيار العضوي .
ثانيا : المعيار الشكلي .
ثالثا : المعيار الموضوعي .
رابعا : المعيار المالي .
خامسا : معيار الشرط غير المألوف .
وهو ما سنفصله فيما يلي:
أولا: المعيار العضوي:
يتميّز العقد الإداري أو الصفقة العمومية من حيث الجانب العضوي أنّ الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسة الإدارية طرفا أساسيا فيه. أي أنّ أحد أطراف الصفقة شخص من أشخاص القانون العام. فالعقد الذي لا تكون أحد الجهات الإدارية المستقلة طرفا فيه أو الجهات التي حدّدها التشريع لا يمكن اعتباره صفقة عمومية.
وإذا عدنا لتعريف الصفقات العمومية في الجزائر وفي مختلف المراحل المشار إليها (مرحلة 67-82-91-2002) نسجل مدى التذبذب الكبير الذي وقع فيه المشرّع بين مرحلة تشريعية وأخرى فيما يخص مجال تطبيق قانون الصفقات العمومية والهيئات المعنية به. فأحيانا يضيّق من مجال التطبيق فيخص هيئات ويبعد أخرى، وأحيانا أخرى يوسّع من مجال تطبيق قانون الصفقات العمومية ثم يعود فيضيّق ويرجع تفسير ذلك قطعا لطبيعة كل مرحلة التي سنّ فيها قانون أو تنظيم الصفقات العمومية وهو ما سنفصله فيما يلي:
موقف المشرّع الجزائري من المعيار العضوي:
المرحلة السابقة على صدور تنظيم الصفقات العمومية الحالي(ما قبل 2002):
إنّ هذه المرحلة الطويلة نسبيا عرفت صدور ثلاثة قوانين للصفقات العمومية. أمر 67-90 مرسوم 82-145- والمرسوم التنفيذي 91-434 فهذا أمر67 نصّ صراحة على الهيئات المعنية بالصفقة وهي الدولة الولاية (العمالة) البلدية المؤسسة والمكاتب العمومية مستبعدا بذلك المؤسسات الصناعية والتجارية وواعدا بإصدار مرسوم يبيّن كيفيات تطبيق هذا القانون على الشركات الوطنية والمؤسسات والمكاتب العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، وهذا ما نصّت عليه المادة الأولى الفقرة 2 من الأمر 67-90، وعلى ذلك اعتبرت المؤسسات الصناعية والتجارية في أول الأمر غير معنية بالخضوع لقانون الصفقات العمومية الأول لسنة 67.
أمّا المرسوم 82-145 المتعلّق بالمتعامل العمومي فقد قدمت المادة 5 منه مفهوما واسعا للهيئات المعنية بمجال تطبيقه فجاء فيها عبارة:
- جميع الإدارات العمومية .
- جميع المؤسسات والهيئات العمومية.
- جميع المؤسسات الاشتراكية.
- أي وحدة تابعة لمؤسسة اشتراكية يتلقى مديرها تفويضا لعقد الصفقات .
ولم يكتفي المرسوم المذكور بشمول أحكامه لأشخاص القانون الإداري كالدولة والولاية والبلدية والمؤسسة الإدارية بل مدّها أيضا لجميع المؤسسات الاشتراكية سواء كان نشاطها تجاريا أو صناعيا وحقّق بذلك ما لم يحققه أمر 67-90، ووسع المرسوم من نطاق الهيئات المعنية بأحكامه حتى شملت وبمنطوق المادة 20 الإستغلالات الفلاحية المنظّمة والمسيّرة في إطار التسيير الذّاتي والتعاوني. وبعبارة (جميع وكل) الواردة في المادة 5 من المرسوم 82-145 أراد المشرع لتنظيم الصفقات العمومية الثاني شمولية أكثر ومجالا أوسع فخص به جميع القطاعات الإدارية والتجارية والصناعية والفلاحية، وهذا ما يؤكد الطابع الأيدلوجي لمرسوم 82 ومدى تأثّره بالفكر الاشتراكي وهو أمر كان يتماشى وهذه المرحلة .
غير أنّ هذه المرحلة لم تدم طويلا إذ صدر القانون 88-01 المؤرخ في 12 جانفي 1988 المتعلّق بالقانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية وتكريسا له صدر المرسوم رقم 88-72 المؤرّخ في 29 مارس 1988 والذي نصّت مادته الأولى على أن: " تطبق أحكام هذا المرسوم على الصفقات العمومية التي تبرمها الإدارات العمومية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري فقط والمسماة أدناه المتعامل العمومي."
وهكذا أخرج المشرّع عقود المؤسسات الاقتصادية بعد أن كان قد أدمجها في ظلّ الصفقات العمومية بموجب المرسوم 82-145 المذكور.
وبخصوص المرسوم التنفيذي 91-434-فقد ضيّق المشرّع من مجال تطبيقه وهذا ما يتضّح من خلال مادته الثّانية الّتي عددت على سبيل الحصر الهيئات المعنية فذكرت الإدارات العمومية والهيئات الوطنية المستقلّة والولايات والبلديات والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري. وهكذا عاد المشرع واستبعد المؤسسات ذات الطابع الصناعي والتجاري فلم يشملها بالنص. وهذا إصلاح يلائم طبيعة المرحلة الجديدة بعد إقرار دستور جديد للبلاد لسنة 1989.
مرحلة تنظيم الصفقات العمومية الحالي (المرسوم الرئاسي 02-250)المعدل والمتمم.
نصت المادة الثّانية من المرسوم الرئاسي أعلاه على ما يلي:" لا تطبّق أحكام هذا المرسوم إلاّ على الصفقات محل مصاريف الإدارات العمومية والهيئات الوطنية المستقلة والولايات والبلديات والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري بالإضافة إلى مراكز البحث والتنمية والمؤسسات العمومية الخصومة ذات الطابع العلمي والتكنولوجي، والمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري عندما تكلّف هذه الأخيرة بإنجاز مشاريع استثمارية عمومية بمساهمة نهائية لميزانية الدولة وتدعى في صلب النص المصلحة المتعاقدة."
واضح من المادة أعلاه أنّ المشرّع وخلافا لنصوص سابقة فصل بشأن الهيئات الخاضعة لتنظيم الصفقات العمومية فذكر هيئات ومؤسسات قديمة ذكرت في نصوص سابقة. وذكر هيئات جديدة وردت لأول مرة نوضح ذلك فيما يلي :
1- الإدارات العمومية:
إنّ هذا الوصف يتسم بشيء من الشمولية والإطلاق. فتدخل تحت طائلته الدولة باعتبارها تتمتع بالشخصية القانونية والمعنوية طبقا للمادة 49 و50 من القانون المدني الجزائري. ويدخل تحت هذا الوصف الكبير الأشخاص المركزية الأخرى كرئاسة الجمهورية والوزارة الأولى أو رئاسة الحكومة والوزارات المختلفة والمصالح الخارجية للوزارات المتمثّلة في المديريات التنفيذية على مستوى الولايات.وهذا أمر طبيعي طالما تمتعت كل هذه الهيئات بالطابع الإداري.
ويجدر التنبيه أن تعديل تنظيم الصفقات العمومية لسنة 2008 لم يخضع الصفقات المبرمة بين إدارتين عموميتين لأحكام المرسوم المنظم للصفقات العمومية. وهذا ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من المرسوم الرئاسي 08/338. ولعل القصد من وراء هذا الاستثناء يكمن في تشجيع التعامل بين الإدارات العمومية.
2- الهيئات الوطنية المستقلّة:
لم يشر قانون الصفقات العمومية الأول لسنة 1967 لهذه الهيئات بصريح النّص واقتصرت المادة الأولى كما رأينا على ذكر الدولة والعمالات والبلديات والمؤسسات والمكاتب العمومية. ثم جاء المرسوم 82-145 وذكرت المادة 5 منه عبارة جميع المؤسسات والهيئات العمومية، وتلي بالمرسوم التنفيذي 91-434 والذي أوردت المادة 2 عبارة الهيئات الوطنية المستقلة وهو ذات الوصف المشار إليه في المادة 2 من المرسوم الرئاسي 02-250.
ويقصد بالهيئات الوطنية المستقلة موضوع المادة 2 من المرسوم الرئاسي 02-250 السلطات غير التنفيذية المستقلة كالبرلمان بغرفتيه ( المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة) والمجلس الدستوري والمحكمة العليا ومجلس الدولة ومجلس المحاسبة والهيئات الاستشارية الوطنية كالمجلس الإقتصادي والاجتماعي. إذ قد تضطّر هذه الهيئات جميعا إلى الدخول في علاقة عقدية بعنوان صفقة عمومية من أجل قيامها بنشاطها.
وما يميّز الهيئات الوطنية المستقلّة عن الهيئات المحلية أنّ نشاط الأولى ( الهيئات الوطنية) يمسّ ويشمل كامل إقليم الدولة كما هو الحال بالنسبة للهيئات المذكورة. فلا يتصور مثلا أنّ هيئة وطنية كالبرلمان يقتصر نشاطها على جزء من إقليم الدولة دون الجزء الآخر ومثل ذلك بالنسبة لباقي الهيئات.
3- الولايـــــــة:
تعتبر الولاية مجموعة إقليمية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وهي وحدة إدارية منفصلة عن الدولة من جهة انفصالا عضويا وقانونيا، ومنفصلة أيضا عن البلدية. ونظرا لأهميتها ذكرت الولاية كتنظيم إداري في كل الدساتير الجزائرية دستور 1963 في المادة 9 منه و دستور 1976 في المادة 36 و دستور 1989 في المادة 15 و دستور 1996 في المادة 15 منه.
فالولاية تشكل كيانا ذاتيا ولها وجود مستقل كرّسه القانون المدني في المادة 49 و50، وكرّسه أيضا قانون الولاية الأول لسنة 69 في مادته الأولى والثانية وكذلك قانون الولاية لسنة 90 في مادته الأولى.
ولمّا كانت الولاية تتمتع بأهلية التعاقد الثابتة والمؤكدة في هذه النصوص، فإن وظيفتها داخل التنظيم الإداري للدولة وأعبائها المختلفة تفرض عليها الدخول في علاقات عقدية لتنفيذ مشاريع تنموية وخدمة الجمهور. لذا كان يجب الاعتراف لها من جهة بأهلية التعاقد، ومن جهة أخرى اعتبار عقودها كأصل عام من قبيل العقود الإدارية إذا توفرت فيها العناصر والشروط المذكورة في قانون الصفقات العمومية.
ومن أجل ذلك خصّ المشرّع الولاية بالذكر في كل قوانين الصفقات العمومية، فقد ورد ذكرها في المادة الأولى من الأمر 67-90 باسم العمالة (الولاية). وذكرت وصفا في المادة 4 من المرسوم 82-145 بعبارة جميع الإدارات. ثم عاد المشرّع وذكرها بالتحديد في المادة 2 من المرسوم التنفيذي 91-434 بعبارة (الولايات) وهي ذات العبارة الواردة في المادة الثانية من المرسوم الرئاسي 02-250 .
ولقد أكد المشرع على خضوع الولاية لتنظيم الصفقات العمومية في المادة 113 من قانون الولاية، لسنة 1990 والتي جاء فيها:" تبرم الصفقات الخاصة بالأشغال أو الخدمات أو التوريد للولاية ومؤسساتها العمومية ذات الطابع الإداري وفقا للتشريع المعمول به". ومنه تتضح الإحالة الصريحة والمعلنة من قانون الولاية لقانون الصفقات العمومية وهذا مسلك من جانب المشرّع نباركه.
4- البلديـــة:
تعتبر البلدية البنية القاعدية في التنظيم الإداري الجزائري وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي. وهي وحدة إدارية منفصلة انفصالا عضويا وقانونيا عن كل من الدولة والولاية.
وقد تمّ ذكرها هي الأخرى في كل دساتير الدولة، دستور 1963 في المادة 9 ودستور 1976 في المادة 36، دستور 1989 في المادة 15، دستور 1996 في المادة 15.
فالبلدية تشكل كيانا مستقلا وذاتيا ثبّته القانون المدني في المادة 49 و50 وكرّسه أيضا قانون البلدية لسنة 1990 في المادة الأولى منه.
ولمّا كانت البلدية تتمتع بالشخصية المعنوية وبأهلية التعاقد فإنّ وظيفتها ضمن إطار التنظيم الإداري للدولة ومهامها المختلفة والمتنوعة تفرض عليها هي الأخرى الدخول في علاقات عقدية من القانون العام بهدف النهوض بأعباء التنمية المحلية وخدمة الجمهور.
ولا شك أنّ البلدية حين استعمالها لوسيلة القانون العام فإنها تخضع حينئذ لتنظيم الصفقات العمومية سواء عند إبرامها لعقود الأشغال أو الخدمات أو التوريد أو عقود الدراسات.
ولهذا السبب ورد ذكر البلدية في كل قوانين الصفقات العمومية وتمّت الإشارة إليها بالوصف الدقيق وبعنوان البلديات في المادة الأولى من أمر 67-90. وورد ذكرها بالوصف المطلق في المادة 5 من المرسوم 82-145 بعبارة جميع الإدارات. ثمّ ذكرت بالتحديد في المادة 2 من المرسوم التنفيذي 91-434. وذات الأمر في المادة 2 من المرسوم الرئاسي 02-250.
وإلى جانب قواعد قانون الصفقات العمومية، أفرد المشرّع في قانون البلدية لسنة 1990 أحكاما خاصة بصفقات البلدية ورد ذكرها في المواد من 117 إلى 120. وقد جاءت هذه المواد لا سيّما المادة 117 بالتحديد مؤكدة على خضوع صفقات البلدية المتعلّقة بالأشغال والخدمات والتوريد لقانون الصفقات العمومية. بل حتى المؤسسات البلدية التي تحدثها البلدية والتي تتمتع بالطابع الإداري تخضع لقانون الصفقات العمومية.
5- المؤسسات العمومية:
لقد جاءت المادة الثانية من المرسوم الرئاسي 02-250 مفصّلة بشأن أنواع المؤسسات العمومية المعنية بالخضوع لقانون الصفقات العمومية. فذكرت المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري،