حقوق الآباء على الأبناء:
فرض الإسلام على الأبناء طاعة الوالدين، والإحسان إليهما، وحسن صحبتهما، قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا} [الإسراء: 23-24]. وسئل الفضيل بن عياض عن بر الوالدين، فقال: ألا تقوم إلى خدمتهما وأنت كسلان. وقيل: ألا ترفع صوتك عليهما، ولا تنظر إليهما شزرًا (باحتقار)، ولا يريا منك مخالفة في ظاهر أو باطن، وأن تترحم عليهما ما عاشا، وتدعو لهما إذا ماتا.
ونهى الإسلام عن عقوق الوالدين، قال رسول الله (: (ألا أخبركم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين) [الترمذي].
ومن تكريم الإسلام للأم، واعترافًا بمكانتها ودورها أن جعل حقها في البر أكبر من حق الأب، فقد جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم( يسأله: يا رسول الله: من أَبِرُّ ؟ قال: (أمك)، قال: ثم من ؟ قال: (أمك)قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال (أباك، ثم الأقرب فالأقرب) [الترمذي].
الترويح في الأسرة المسلمة
الأسرة المسلمة تروح عن نفسها باللعب واللهو المباح، فقد سابق النبي ( السيدة عائشة فسبقته، فسابقها مرة أخرى فسبقها، وقال لها: (هذه بتلك) [أبو داود].
وكان ( يداعبها، ويقول لها: (إني لأعلم إذا كنت عليَّ راضية، وإذا كنت عليَّ غضْبى؟). قالت: وكيف يا رسول الله؟ قال: (إذا كنت عليَّ راضية قلت: لا ورب محمد، وإذا كنت على غضبى قلت: لا ورب إبراهيم). قالت: أجل والله، ما أهجر إلا اسمك. [متفق عليه].
وقدم وفد الحبشة على رسول اللهصلى الله عليه وسلم (، فقاموا يلعبون في المسجد، وروت ذلك السيدة عائشة، فقالت: (فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلميسترني بردائه، وأنا أنظر حتى أكون أنا التي أسأم) [البخاري] .
وكانت جاريتان تلعبان في المسجد، وعائشة -رضي الله عنها- تنظر من فوق كتف رسول الله (، فقال (: (لتعلم يهود أن في ديننا فسحة؛ إني بعثت بحنيفية سمحة) [البخاري].
ويقول حنظلة بن الربيع-رضي الله عنه- كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم(، فوعظنا فذكر النار، ثم قال: ثم جئت إلى البيت فضاحكت الصبيان ولاعبت
المرأة. فخرجت فلقيت أبا بكر؛ فذكرت ذلك له، فقال: وأنا قد فعلت مثل ما تذكر. فلقينا رسول الله (. فقلت: يا رسول الله، نافق حنظلة، فقال: (مه (أي: اسكتْ))، فحدثته بالحديث، فقال أبو بكر: وأنا قد فعلت مثل ما فعل، فقال: (يا حنظلة، ساعة وساعة، ولو كانت تكون قلوبكم كما تكون عند الذكر، لصافحتكم الملائكة، حتى تسلم عليكم في الطرق) [مسلم]. ومن اللهو المباح أيضًا في الأسرة المسلمة ما يحدث في حفلة العرس من ضرب بالدف، وإنشاد الأناشيد الإسلامية التي تحث على مكارم الأخلاق، كما في ذلك من إدخال السرور على الزوجين.
رعاية الإسلام لأقارب الزوجين
إن حرص الإسلام على الأسرة لم يقصره على الزوجين والأبناء، بل جعله عامًّا لكل ذي رحم. وأقارب الزوجين أهل للأسرة الناشئة، فأم الزوج في مقام أم الزوجة، وأم الزوجة في مقام أم الزوج، لذلك حث الإسلام الزوج على البر بأهل الزوجة، وحث الزوجة على البر بأهل زوجها، وذلك التواد والتراحم ينمي قوة الترابط والتماسك الأسري. هذه هي بعض أسس الحضارة الإسلامية في مجال الأسرة المسلمة، التي تميزت به عن غيرها من الحضارات.
وإذا نظرنا إلى الأسرة في مدنيَّة الغرب المعاصرة نظرة سريعة، وجدنا هذه المدنية لا تحافظ على قدسية الأسرة وسلامتها كما حافظ عليها الإسلام، وحاطها بسياج من العفة والطهارة، فتشيع عندهم الفاحشة، ويكثر أولاد البغاء والزنى.
ومما يُحزن القلب أن المسلمين في ظل ضعفهم الحضاري تلقوا تعاليم الغربيين، ونظرياتهم في كثير من الأمور والأنظمة، فتعرض نظام الأسرة في المجتمعات الإسلامية لخطر التفكك والانحلال الذي ظهرت عواقبه السيئة، في سلوك كثير من الشباب، وتنكر كثير منهم لتعاليم دينهم، وظهرت في حياة كثير من أسر المسلمين سلوكيات لا تتفق مع قيم الإسلام، وتناقض ما جاءت به الحضارة الإسلامية من مبادئ سامية في مجال الأسرة المسلمة، في الوقت الذي بدأ فيه الغربيون وأعداء الإسلام يأخذون بنظم الإسلام في مجال الأسرة لما رأوا فيه من الخير لبناء المجتمع وتماسكه.