و في عام 1971م تكريس منطق تخطيط عمليات التمويل و مركزيتها حيث تستجيب هذه الأخيرة لثلاثة إعتبارات أهمها هي :
* إرتفاع مستوى الأهداف على صعيد الإستثمار، هذا الإصلاح حمل رؤية جديدة متطورة لعلاقات التمويل، و حدد أيضا طرق تمويل الإستثمارات و تتلخص هذه الطرق فيما يلي :
o قروض ينكية متوسطة الأجل بواسطة إصدار سندات قابلة لإعادة الخصم لدى البنك المركزي.
o بالنسبة لقروض الإستثمار تمتع البنوك قروضا للمؤسسات العمومية التي تحصلت على تسجيل مشاريعها في الخطة، و هذه القروض مضمونة من طرف الدولة، تلتزم بموجبها الخزينة بكفالة هذه المؤسسات و يقوم مبدئيا بالتسديد في حالة عدم الوفاء للمؤسسات العمومية بإلتزاماتها، أما بالنسبة لقروض الإستغلال فتمنح من طرف المؤسسة العمومية وفقا لمخطط سنوي تقديري للتمويل فتمنح من طرف المؤسسة العمومية و يتم نغطيته من طرف البنك.
* لكن إبتداءا من سنة 1998 تم التراجع عن إجراءات التمويل التي جاء بها إصلاح 1971، حيث تم إلغاء تمويل المؤسسات بواسطة القروض البنكية.
و حلت الخزينة محل النظام البنكي في تمويل الإستثمارات المخططة بواسطة قروض طويلة الأجل.
* و في الثمانينات واجه الإقتصاد الوطني معالم جديدة خاصة بسوق النفط الدولية و من بين هذه المعطيات ما يلي :
- إنخفاض أسعار النفط.
- إعادة هيكلة المؤسسات العمومية.
- ضرورة إتباع سياسة تشجيع الصادرات خارج المحروقات.
و تم خلال هذه المرحلة إنشاء بنك الفلاحة و التنمية الريفية 13 مارس 1982 وفقا إعادة هيكلة القرض الشعبي الجزائري.
و في ظل تلك المعطيات عمدت السلطات النقدية الجزائرية إلى إتخاذ عدة إجراءات لإعادة ملكية النظام المصرفي، بهدف تحقيق تعبئة أكبر للموارد المالية و الإدخار الوطني و ذلك يرفع عبأ تمويل القطاع الزراعي على البنك الوطني الجزائري واسند هذا التخصص إلى بنك الفلاحة و التنمية الريفية ليصبح بنكا تجاريا، مع تكوين بنك آخر متمثل في بنك التنمية المحلية بموجب المرسوم رقم 85/85 المؤرخ في أفريل 1985 برأس مال قدره نصف مليار دينار.
_________________
المطلب الثاني : الجهاز المصرفي في الفترة 1986-1988
تميزت هذه الفترة بالشروع في بلورة النظام المصرفي الجزائري بتوصية البنوك بأخذ التدابير اللازمة لمتابعة القروض الممنوحة و هذا بداية من 1986 و بالتالي وجوب ضمان النظام المصرفي لمتابعة القروض التي يمنحها.
* و في هذا الشأن صدر القانون المتعلق بنظام البنوك و القروض بموجب المرسوم رقم 86/12 المؤرخ في 19/08/1986 ، و الذي أحدث تحولا على مستوى النظام المصرفي و الإئتماني، و الذي جاء كرد مباشر لإنخفاض أسعار البترول و في غياب سياسة تأطير القروض و عدم وجود سوق نقدية و مالية و الذي جاء ما يلي:"يعد بنكا كل مؤسسة تقوم لحسابها الخاص بحكم وظيفتها الإعتيادية" بالعمليات التالية(1):
- تجمع من غيرها الأموال بصفتها ودائع كيف ما كانت مدتها و شكلها.
- تساعد على تقديم جميع الخدمات البنكية لتسهيل نشاط زبائنها يتولى على الخصوص البنك المركزي بتسيير أدوات السياسة النقدية و تحديد الحدود القصوى لعمليات إعادة الخصم المخصصة لمؤسسات القروض.
- يمكن للبنك المركزي أن يمنح للخزينة العمومية ديونا على حساب جاري يفوق المبلغ الأقصى المخطط الوطني للقرض.
* كما شرعت الجزائر منذ 1988 في تطبيق برنامج إصلاحي واسع مس مجموع القطاعات الإقتصادية، و قد مست الإجراءات المتخذة في هذا الإيطار للمؤسسات العمومية بالدرجة الأولى.
* كما منح قانون 88/01 المؤرخ في 12 جانفي 1988 للمؤسسات العمومية الإقتصادية إستقلالية قرار حقيقة كما أظهر بشكل مفصل مفهومي الفائدة و المردودية .
- كما تم التأكيد في إطار هذا القانون 88 بشكل خاص على الطبائع التجارية للمؤسسة العمومية الإقتصادية على أنها شخصية معنوية تسيرها قواعد القانون التجاري.
* كما أصبحت المصادقة على القانونين 88 و 88/4 بالنسبة للبنوك الجزائرية مرحلة أساسية نظرا لكونها تابعة بمجملها في الفترة الحالية على الأقل للقطاع العمومي، و إنتقالها إلى الإستقلالية يمنحها بالفعل القدرة و حتى الإلتزام بالتدخل في السوق حسب قواعد المتاجرة و عليه أصبح القانون لسنة 1986 المندرج في إطار الإقتصاد المخطط غير ملائم.
(1) . نصر الدين معزوزي "مذكرة تخرج" (مرجع سبق ذكره)، ص.17.
و منه حاول أن يحدث قانون 88/6 بعض التطابقات الضرورية، حيث ترجم نص هذا القانون بتعديله لبعض الأحكام و توضيعه للبعض الآخر.
- و من هنا نقول أن إستقلالية البنوك بصفتها مؤسسات إقتصادية عمومية قد تمت فقط سنة 1988، و هذا طبقا للقوانين التي تمت المصادقة عليها في هذه السنة.
و على الرغم من هذه التعديلات إتضح أن القانون المصرفي لعام 1988 لا يتلائم مع الوضعية الإقتصادية الجديدة، و قد كان من المقرر أن تتواصل العملية بالمصادقة على نص جديد و لهذا جاء القانون المتعلق بالنقد و القرض و الذي أعاد التعريف كلية بهيكل النظام المصرفي الجزائري.
_________________