بارك الله فيكم أخي الحبيب رشيد ، كما يسرنّي أن ألتقي بك مرة أخرى.
أرجوا أولا منكم إصلاح اللصق الواقع في كلمات الموضوع حتى لا يذهب عن الموضوع رونقه
أما فيما يخص الحوار الماتع بين مجدد العصر والشيخ الفاضل عبد المحسن العباد، فإني تمنيتُ أن يتطرق حوارهم إلى صحة حديث النهي عن الصيام.
وذلك أن الحديث ضعفه أغلب علماء الصنعة من المتقدمين والمتأخرين سندا ومتنا.
بالنسبة للسند فقد وقع فيه اضطراب عن الراوي عبد الله بن بسرة:
مخرج الحديث من حمص، واختلف أهلها في رواية الحديث عن عبدالله بن بسر على أوجه كثيرة، فرواه عنه خالد بن معدان، واختُلف عليه، فرواه عنه ثور بن يزيد، وعامر بن جشيب، ولقمان بن عامر، واختُلف على كل منهم.
أما ثور فروى جماعة عنه عن خالد، عن ابن بسر، عن أخته الصماء مرفوعا.
ورُوي عنه عن خالد، عن عن ابن بسر، عن أمه الصماء.
ورُوي عنه عن خالد، عن ابن بسر، عن عمته.
والمحفوظ عن ثور الرواية الأولى.
أما عامر بن جشيب فاختلف نفس الرواة في الإسناد إليه عن خالد، عن ابن بسر مرفوعا،
ومن الرواة عن عامر: لقمان بن عامر، ورُوي عن لقمان، عن خالد، عن ابن بسر، عن خالته الصماء،
ورُوي عن لقمان، عن خالد، عن ابن بُسر، عن أخته. ليس فيهما عامر بن جشيب.
وهذه الطرق الثلاثة اختلف فيها بقية بن الوليد والزبيدي الحمصيان.
واختلف على الزبيدي سوى ما سبق، فرُوي عنه عن فضيل بن فضالة، عن خالد، عن ابن بسر، عن أبيه، وهذا منكر.
وروي عنه، عن فضيل، عن ابن بسر، عن خالته الصماء. ليس فيه خالد بن معدان.
وثمة طريق رابع إلى خالد بن معدان، رواها عنه داود بن عبيد الله، عنه، عن ابن بسر، عن أخته، عن عائشة مرفوعا، وهذا منكر.
فالرواية عن خالد بن معدان مضطربة، وأمثلها رواية ثور عنه.
ورُوي الحديث عن حسان بن نوح، واختُلف عليه:
فروي عنه عن عبدالله بن بسر مرفوعا،
ورُوي عنه عن عمرو بن قيس، عن عبدالله بن بسر،
وروي عنه عن أبي أمامة مرفوعا.
لذا قال النسائي : حديث مضطرب - أي ضعيف - وهو قول الحافظ ابن حجر أيضا
أما بالنسبة لمتن الحديث فلإنه يخالف أحاديث كثيرة صحيحة منها :
-حديث صيام الجمعة السبت
-حديث صيام ثلاث أيام من كل شهر
-حديث صيام داود ـ يصوم يوما ويفطر يوما
-حديث صيام عرفة وعاشوراء
-حديث صيام الستة من شوال
فوجه الإستدلال: أنه لو كان صيام يوم السبت لا يجوز، لنبه الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر، لما تقرر أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، بل حديث جواز يوم السبت مع الجمعة صريح في جواز يوم السبت.
قال الأثرم: وحجة أبي عبدالله في الرخصة في صوم يوم السبت أن الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبدالله بن بسر.
ولذا قال أبو داود السجستاني صاحب السنن عن حديث النهي عن صيام السبت : حديث منسوخ نَسَخه حديث جويرية- في صيام الجمعة السبت ـ
بل ذهب الإمام مالك إلى أنه حديث مكذوب ، وتُعُقب في ذلك.
وقال الزهري : حديث حمصي ـ إشارة إلى ضعفه ـ .
قال الأوزاعي: ما زلتُ له كاتما حتى رأيتُه انتشر.
قال الإمام أحمد : فكان يحيى بن سعيد القطان ينفيه، وأبى أن يحدثني به،
الخلاصة : أن الحديث لايصح لاضطرابه فإن سلم فهو شاذ أو منسوخ للأحاديث الصحيحة المعارضة، بل لطعن الإئمة الفطاحل أصحاب الفن
من المتقدمين.
والله أعلم
المرجع بتصرف: