إن الناظر اليوم إلى حالة مصر و علاقتها مع العالم العربي ، يجد أن مصر في النزع الأخير و هي تبحث عن خصم تنتعش و تحيا به و تعيد مكانتها على ظهر هذا الخصم المفتعل ، إننا نرى السياحة العربية تنتقل انتقالا مذهلا إلى الخليج وخاصة في الإمارات العربية ، و نشاهد أن قطر أصبحت تسيطر على الدبلوماسية العربية دون منازع ، وهاهي القضية الفلسطينية تتجاذبها و تدافع عنها قوى عظمى مثل إيران و تركيا و فنزويلا ، و هاهو الخصم اللدود لمصر سوريا يسلب قلوب العرب بمسلسلاته التاريخية و أفلامه المحافظة و الهادفة ، و يبرع في صناعة الدراما التاريخية و الإسلامية صناعة لم تصل مصر إلى عشرها ، خاصة و أن السينما المصرية أصبحت إباحية و جنسية مائة بالمائة ، مما أفقدها مكانتها في نفوس العرب و المسلمين ، و لقد أصبح العالم ينظر إلى المملكة السعودية على أنها هي صاحبة الزعامة الدينية في العرب ، كما ظهرت معاهد و جامعات متخصصة في اللغة العربية في كل من العراق و اليمن و سوريا و موريتانيا و السودان ،حيث حجبت عربية مصر و فصاحة الأزاهرة .
بالله عليكم إذا فقدت مصر السياحة و الدبلوماسية و القضية الفلسطينية التي كانت تقتات منها و ضيعت الفن و السينما و الزعامة الدينية و مرجعية اللغة العربية فما ذا بقي لمصر غير الطرب و الرقص و الفنون الهابطة و السينما الساقطة و أحجار الفراعنة – الأهرام – ماذا بقي لمصر غير علاقاتها الوثيقة و المتينة مع إسرائيل ، ماذا بقي لمصر غير الثلاثة ملايير دولار التي تشتري بها أمريكا ذمة النظام المصري سنويا .
كل هذه الأسباب جعلت الشعوب العربية و الإسلامية تفقد الثقة من مصر ، وتنسلخ من كل ما هو مصري ،و لا شك أن الحرب الأخيرةعلى غزة كشفت هذه الحقيقة ، حيث حوصرت السفارة المصرية و أحرق العلم المصري في كل من ليبيا و السودان و موريتانيا و المغرب و اليمن و الكويت و العراق و تركيا و إيران و لبنان و الكثير من الدول الإسلامية .
و هاهو الإعلام المصري الموجه و المأجور يفرع جام غضبه على الجزائر حتى يستعيد بعضا من كرامته المهدورة أو مكانته المهزوزة ، وهاهو النظام المصري العفن يستعمل هذا الإعلام ليبيض سواد أيامه ببياض الجزائر الناصع . وهيهات هيهات أن تكون الجزائر فريسة سهلة المنال ، أو سلما يرتقي عليه الفاشلون ، و هيهات أن تصبح الجزائر وسيلة من وسائل توريث العرش لجمال باراك ، أو سوزان باراك .
لقد صعبت الجزائر مهمة الحثالة الحاكمة في مصر بل جعلتها مستحيلة ، واستعصت الجزائر من أن تكون حماما يزيل الرجس و الوسخ المصري ، و هاهي رزانة الحكومة الجزائرية و حكمة الرئاسة الجزائرية و طهارة الإعلام الجزائري يضيف صفعة قوية لهذه الجماعة الفاشلة ، بعدم النزول إلى المستوى القذر الذي وصلوا إليه بل ترفعوا ترفع الشمس في كبد السماء ، و ازدادوا بهاء و جمالا و نورا كالقمر في الليلة الظلماء ، ولقد صدق الشاعر حين قال :
هي الشمس مسكنها في السماء *** فـعـز الـفـؤاد عـزا جـمـيلا
فلن تستطيع إلـيـهـا الـصــعـودا *** و لن تستطيع إليك الـنـزولا