الفصل الثاني: ظاهرة التضخم في الجزائر و طرق مكافحته منذ 1994 إلى 2004
في نهاية الثمانينات، دخلت الجزائر مرحلة انتقالية و أعلنت تبنيها لاقتصاد السوق كمنهج جديد، فقامت بتحرير تجارتها الخارجية و بالانفتاح على العالم الخارجي و بفتح عرض الاستثمار للأجانب.
و رغم الإصلاحات الاقتصادية التي باشرت الجزائر في تنفيذها لم تستطيع إيجاد حلول للاختلالات الاقتصادية و كان من ابرز المشاكل المسببة لهذه الاختلالات التضخم، إذ تعد هذه الظاهرة من اعقد الظواهر المسيرة لاقتصاديات الدول التي عانت من الانعكاسات الاقتصادية، و لقد عملت الجزائر على وضع سياسات مختلفة للحد من الظاهرة خاصة و أنها عرفت أنواع مختلفة للتضخم.
و في هذا الفصل سوف نتعرف على أنواعه و أسبابه ثم آثاره على الاقتصاد الجزائري و أخيرا سوف نبين اثر الإصلاحات على السياسات المتبعة لمكافحة التضخم في الجزائر 1994 – 2004 .
المبحث الأول: التضخم في الجزائر أنواعه و أسبابه
إن ظاهرة التضخم في الجزائر قد مست العديد من الأنشطة الاقتصادية مما أدى إلى حدوث اختلالات كبيرة داخل القطاعات و من هنا برزت أنواع متمايزة لهذه الظاهرة يمكن إظهارها من خلال حصر أسبابها.
المطلب الأول: أسباب التضخم في المؤسسات
و يمكن حصر أسبابه فيما يلي:
أولا: تسيير التجارة الخارجية
إن السياسة المنتهجة من طرف الجزائر في مجال تسيير التجارة الخارجية تشهد اختلالات ما فتئت تعيق عملية التصدير و الاستيراد و نظرا لقلة الخبرة الفنية لدى المسيرين القائمين على إدارة التجارة في المؤسسات البنكية و الجمركية التي يتغلب الطابع البيروقراطي على نمط تسييرها: و ما يتبعه من سلبيات تعيق مسار التنمية الاقتصادية و فيما يلي نستعرض أهم السلبيات و التي نراها مميزة: التأخر في شراء المواد الأولية و التجهيزات الصناعية و التي يؤدى إلى تضخم عالمي، إذ يعوض عن طريق رفع الأسعار و ذلك برفع أسعار الاستيراد بالنسبة لشراء المواد المذكورة.
ثانيا: أشكال تدخل الدواوين للتجارة في الأسواق
إن تجارة التجزئة تهدف إلى تقليص التوزيع ، إلى جانب ذلك فان الطريقة المنتهجة من طرف الدواوين العمومية في مجال التوزيع هي حركة السلع داخل المؤسسات العمومية ذات الطابع التجاري ويمكن تلخيصها فيما يلي :
- تدخل المؤسسات الخاصة يؤدي إلى الزيادة في مصاريف التوزيع على عاتق المستهلك.
- استعمال الأسعار الخيالية بسبب نقص الموارد الاستهلاكية.
- عدم معرفة الكيف و الكم للطلب يؤدي في مجال الاستيراد إلى النقص في التموين مما يؤدي بعض الأحيان للاستيراد غير الرشيد و بالتالي إلى عرقلة سير عمليات الإنتاج.
ثالثا: خدمات النقل المعروضة
إن وسائل النقل في الجزائر و خاصة المتعلقة بالسكك الحديدية لم تتغير منذ 1962 ، بالرغم من الحاجة الماسة و المتزايدة لوسائل النقل في عملية التصنيع.
كما أن استعمال وسائل النقل القديمة يطرح تكلفة عالية تستدعي إعانات من الخزينة العمومية و قروض بنكية غير مدفوعة، و التي تشجع على الإصدار النقدي، نظام النقل بالسكك الحديدية يتطلب استثمارات ضخمة، خاصة في نقل السلع بين المناطق و الملاحظة أن هناك شركة وحيدة تحتكر النقل البري في الجزائر و هي الشركة الوطنية للنقل البري sntr.(38)