منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تعقيب حول موضوع الأشاعرة للأخ الهيثم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-02-21, 10:22   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
مهاجر إلى الله
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية مهاجر إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فاسمع إلى شيخكم الرازي

" الفصل الثاني والثلاثون في أن البراهين العقلية إذا صارت معارضة بالظواهر النقلية، فكيف يكون الحال فيها؟ أعلم أن الدلائل القطعية العقلية إذا قامت على ثبوت شيء ، ثم وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك، فهناك لا يخلو الحال من أحد أمور أربعة.
1- إما أن يصدق مقتضى العقل والنقل فيلزم تصديق النقضين، وهو محال.
2- وإما أن يبطل فيلزم تكذيب النقضين، وهو محال.
3- وإما أن يصدق الظواهر النقلية، ويكذب الظواهر العقلية، وذلك باطل لأنه لا يمكننا أن نعرف صحة الظواهر النقلية إلا إذا عرفنا بالدلائل العقلية إثبات الصانع وصفاته، وكيفية دلالة المعجزة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وظهور المعجزات على يد محمد صلى الله عليه وسلم و لو جاورنا القدح في الدلائل العقلية القطعية صار العقل متهماً غير مقبول القول، ولو كان كذلك لخرج أن يكون مقبول القول في هذه الأصول، وإذا لم تثبت هذه الأصول خرجت الدلائل النقلية عن كونها مفيدة، فثبت أن القدح في العقل لتصحيح النقل يفضي إلى القدح في العقل والنقل معاً وأنه باطل.

ولما بطلت الأقسام الأربعة ، لم يبقَ إلا أن يقطع بمقتضى الدلائل العقلية القاطعة بأن هذه الدلائل النقلية: إما أن يقال أنها غير صحيحة، أو يقال أنها صحيحة إلا أن المراد منها غير ظواهرها.
ثم إن جوازنا التأويل: اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل، وإن لم نجوز التأويل فوضنا العلم بها إلى الله تعالى، فهذا هو القانون الكلي المرجوع إليه في جميع المتشابهات "

ويقول في تفسيره ( فثبت بما ذكرنا أن صرف اللفظ عن معناه الراجح إلى معناه المرجوح في المسائل القطعية لا يجوز إلاّ عند قيام القطعي العقلي على أن ما أشعر به ظاهر اللفظ محال ) ، ثم جعل هذا المعنى المرجوح هو تأويل المتشابه فقال بعد هذه العبارة (فعند هذا يتعين التأويل) [ مفاتيح الغيب 1/ 169]

ومثل لهذا بقوله تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] ، وقال {فمن تمسك به كان متمسكا بالمتشابهات} بعد أن قدم الدليل العقلي على استحالة ظاهره عنده.

وله مقولات اشنع من هذه تركتها خشية الإطالة

ويقول أبو المعالي الجويني ( اعلموا وفقكم الله , أن أصول العقائد تنقسم إلى ما يدرك عقلا , ولا يسوغ إدراكه سمعا , وإلى ما يدرك سمعا , ولا يتقدر إدراكه عقلا , و إلى ما يجوز إدراكه سمعا وعقلا....
إلى أن قال -ويالها من رزية -: فإذا ثبتت هذه المقدمة , فيتعين بعدها على كل معتن بالدين واثق بعقله أن ينظر فيما تعلقت به الأدلة السمعية , فإن صادفه غير مستحيل في العقل ,وكانت الأدلة السمعية قاطعة في طرقها , لا مجال لللإحتمال في ثبوت أصولها ولا في تأويلها - فما هذا سبيله- فلا وجه إلا القطع به ؟؟ [ الإرشاد 358-360]
وقال الغزالي في الإقتصاد : (( الحمد لله الذي اجتبى من صفوة عباده عصابة الحق وأهل السنة... وتحققوا ان لا معاندة بين الشرع المنقول والحق المعقول . وعرفوا أن من ظن من الحشوية (1) وجوب الجمود على التقليد واتباع الظواهر ما أتوا به إلا من ضعف العقول و قلة البصائر... وأنى يستتب الرشاد لمن يقنع بتقليد الأثر والخبر وينكر مناهج البحث والنظر , أولا يعلم أنه لا مستند لشرع إلا قول سيد البشر صلى الله عليه وسلم , وبرهان العقل هوالذي عرف به صدقه فيما أخبر ....)) [ ص 27-28]

بل قد صرح بعض الأشعرية أن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الضلالة والكفر؟؟
قال السنوسي في (( شرح الكبرى 380-383 ط الدسوقي)) : (( أصول الكفر ستة ....إلى أن ذكر السادس فقال : والتمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة...والتمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة من غير بصيرة في العقل هو أصل ضلال الحشوية , فقالوا بالتشبيه والتجسيم والجهة عملا بظاهر قوله تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }طه5, {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء }الملك16 , { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ }ص75 ونحو ذلك ))

ولعل في هذه النقولات كفاية , في توضيح قداسة العقل عند الأشاعرة

ولبيان خطر هذا المسلك وانه مجانب لعقيدة السلف والأئمة , فهذه بعض أقوال اهل السنة المحذرة من ذلك


قال الإمام أبو المظفر السمعاني :


غير أن الله تعالى أبى أن يكون الحق والعقيدة الصحيحة إلا مع أهل الحديث والآثار لأنهم أخذوا دينهم وعقائدهم خلفا عن سلف وقرنا عن قرن إلى أن انتهوا إلى التابعين وأخذه التابعون عن أصحاب رسول الله وأخذه أصحاب رسول الله عن رسول الله ولا طريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله الناس من الدين المستقيم والصراط القويم إلا هذا الطريق الذي سلكه أصحاب الحديث
وأما سائر الفرق فطلبوا الدين لا بطريقه لأنهم رجعوا إلى معقولهم وخواطرهم وآرائهم فطلبوا الدين من قبله فإذا سمعوا شيئا من الكتاب والسنة عرضوه على معيار عقولهم فإن استقام قبلوه وإن لم يستقم في ميزان عقولهم ردوه فإن اضطروا إلى قبوله حرفوه بالتأويلات البعيدة والمعاني المستنكرة فحادوا عن الحق وزاغوا عنه ونبذوا الدين وراء ظهورهم وجعلوا السنة تحت أقدامهم تعالى الله عما يصفون
وأما أهل الحق فجعلوا الكتاب والسنة إمامهم وطلبوا الدين من قبلهما وما وقع لهم من معقولهم وخواطرهم عرضوه على الكتاب والسنة فإن وجدوه موافقا لهما قبلوه وشكروا الله عز وجل حيث أراهم ذلك ووقفهم عليه وإن وجدوه مخالفا لهما تركوا ما وقع لهم وأقبلوا على الكتاب والسنة.....

ورجعوا بالتهمة على أنفسهم فإن الكتاب والسنة لا يهديان إلا إلى الحق ورأي الإنسان قد يرى الحق وقد يري الباطل.....وأما إذا نظرت إلى أهل الأهواء والبدع رأيتهم متفرقين مختلفين وشيعا وأحزابا لا تكاد تجد اثنين منهم على طريقة واحدة في الاعتقاد يبدع بعضهم بعضا بل يرتقون إلى التكفير يكفر الابن أباه والرجل أخاه والجار جاره........
تراهم أبدا في تنازع وتباغض واختلاف تنقضي أعمارهم ولما تتفق كلماتهم تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون..........
وكان السبب في اتفاق أهل الحديث أنهم أخذوا الدين من الكتاب والسنة وطريق النقل فأورثهم الاتفاق والائتلاف وأهل البدعة أخذوا الدين من المعقولات والآراء فأورثهم الافتراق والاختلاف فإن النقل والرواية من الثقات والمتقنين قلما يختلف وإن اختلف في لفظ أو كلمة فذلك اختلاف لا يضر الدين ولا يقدح فيه وأما دلائل العقل فقلما تتفق بل عقل كل واحد يري صاحبه غير ما يري الآخر وهذا بين والحمد لله
[ الاتصار لأصحاب الحديث ص 44- 47]. ونقله عنه السيوطي في صون المنطق.

وقال أيضا :

واعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل فإنهم أسسوا دينهم على المعقول وجعلوا الاتباع والمأثور تبعا للمعقول وأما أهل السنة قالوا الأصل الاتباع والعقول تبع ولو كان أساس الدين على المعقول لاستغنى الخلق عن الوحي وعن الأنبياء صلوات الله عليهم ولبطل معنى الأمر والنهي ولقال من شاء ما شاء
ولو كان الدين بني على المعقول وجب ألا يجوز للمؤمين أن يقبلوا شيئا حتى يعقلوا
ونحن إذا تدبرنا عامة ما جاء في أمر الدين من ذكر صفات الله عز وجل وما تعبد الناس به من اعتقاده وكذلك ما ظهر بين المسلمين وتداولوه بينهم ونقلوه عن سلفهم إلى أن أسندوه إلى رسول الله من ذكر عذاب القبر وسؤال الملكين والحوض والميزان والصراط وصفات الجنة وصفات النار وتخليد الفريقين فيهما أمور لا ندرك حقائقها بعقولنا وإنما ورد الأمر بقبولها والإيمان بها
فإذا سمعنا شيئا من أمور الدين وعقلناه وفهمناه فلله الحمد في ذلك والشكر ومنه التوفيق وما لم يمكنا إدراكه وفهمه ولم تبلغه عقولنا آمنا به وصدقنا واعتقدنا أن هذا من قبل ربوبيته وقدرته واكتفينا في ذلك بعلمه ومشيئته [ ص 81].ونقله عنه السيوطي في صون المنطق.

ويقول ابن المبرد أيضا في رده على ابن عساكر {{فإن باب الصفات وأصول الديانات , إنما بابه النقل لا العقل , فمن جعل باب ذلك العقل فقد أخطأ}} [ جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر ص 147 ].

وقال في موضع آخر (( فإن باب الصفات موقوف على النقل والتقليد لا على الإجتهاد , وكل العلم يسوغ فيها الإجتهاد إلا هذا))

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية :
فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم باحسان وأئمة المسلمين فلهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله ولا يؤسس دينا غير ما جاء به الرسول وإذا أراد معرفة شىء من الدين والكلام فيه نظر فيما قاله الله والرسول فمنه يتعلم وبه يتكلم وفيه ينظر ويتفكر وبه يستدل فهذا أصل أهل السنة وأهل البدع لا يجعلون اعتمادهم فى الباطن ونفس الأمر على ما تلقوه عن الرسول بل على ما رأوه او ذاقوه ثم ان وجدوا السنة توافقه والا لم يبالوا بذلك فاذا وجدوها تخالفه أعرضوا عنها تفويضا أو حرفوها تاويلا
فهذا هو الفرقان بين أهل الايمان والسنة وأهل النفاق والبدعة. [مجموع الفتاوى 13/ 63].