السلام عليكم .
أصل التلقين
قال الله تعالى:" ان الذين يبايعونك إنما يبايعون الله، يد الله فوق أيديهم، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه، ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسنوتيه أجرا عظيما" سورة الفتح الآية 10
وأخذ الطريق ثابت في الكتاب والسنة، وقد ورد في الحديث الشريف، وسيرة الصحابة:
ـ تلقين الجماعة، أخرج البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بايعوني على أن لاتشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تواصلوا الا في المعروف فمن أوفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب في ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصابه من ذلك شيء ثم ستره الله فهو الى الله ان شاء عفا عنه وان شاء عاقبه. فبايعناه على ذلك.
وعن شداد بن أوس رضي الله عنه وعبادة بن الصامت حاضرا يصدقه قال:
كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل فيكم غريب ـ يعني أهل الكتاب ـ فقلنا: لا يا رسول الله، فأمر بغلق الباب فقال: ارفعوا أيديكم وقولوا (لااله الا الله)، فرفعنا أيدينا وقلنا ( لااله الا الله )، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الحمد لله اللهم انك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة وأنك لاتخلف الميعاد، ثم قال: ألا فأبشروا فان الله قد غفر لكم.
ـ وعن جرير رضي الله عنه قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على اقامة الصلاة، وايتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.
أخرج الشيخان والحافظ جلال الدين السيوطي رضي الله عنهم من طرق متعددة،
عن علي كرم الله وجهه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله دلني على أقرب الطرق الموصلت الى الله عز وجل وأسهلها على العباد وأفضلها عند الله تعالى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ياعلي عليك بمداومة ذكر الله سرا وجهرا، فقال الامام علي رضي الله عنه ان الناس كلهم ذاكرون وانما أريد أن تخصني بشيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صه، ياعلي أفضل ماقلته أنا والنبيون من قبلي لااله الا الله ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع وضعن في كفة ولااله الا الله في كفة لرجحت لااله الا الله، ثم قال يا علي لاتقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول الله الله ، فقال علي كيف أذكر يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أغمض عينيك واسمع مني لااله الا الله ثلاث مرات ثم قل أنت ثلاث مرات وأنا أسمع ....
قال يوسف الكوراني ان عليا كرم الله وجهه لقن الحسن البصري وهو لقن داود الطائي ومنه الى الجنيد شيخ الطائفة وعنه تفرع وانتشر التصوف في أصحابه وهلم جرا لاينقطع حتى ينقطع الدين .
وعن أنس رضي الله عنه قال: (قدمت المدينة وقد مات أبو بكر رضي الله عنه واستُخلف عمر رضي الله عنه، فقلت لعمر: ارفع يدك أُبايعك على ما بايعت عليه صاحبك قبلك، على السمع والطاعة فيما استطعت) ["حياة الصحابة" ج1/ص237].
عن سليم أبي عامر رضي الله عنه: (أنَّ وفد الحمراء أتوا عثمان رضي الله عنه فبايعوه على ألاَّ يشركوا بالله شيئاً، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويصوموا رمضان، ويَدَعُوا عيد المجوس، فلما قالوا: نعم، بايعهم)[رواه الإمام أحمد كما في نفس المرجع].
ثم نهج الورَّاث من مرشدي الصوفية منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في أخذ البيعة في كل عصر، فقد ذكر الأستاذ الندوي في كتابه "رجال الفكر والدعوة في الإسلام": (أن الشيخ عبد القادر الجيلاني فتح باب البيعة والتوبة على مصراعيه، يدخل فيه المسلمون من كل ناحية من نواحي العالم الإسلامي، يجددون العهد والميثاق مع الله، ويعاهدون على ألاَّ يشركوا ولا يكفروا، ولا يفسقوا، ولا يبتدعوا، ولا يظلموا، ولا يستحلوا ما حرَّم الله، ولا يتركوا ما فرض الله، ولا يتفانوا في الدنيا، ولا يتناسوا الآخرة. وقد دخل في هذا الباب ـ وقد فتحه الله على يد الشيخ عبد القادر الجيلاني ـ خلق لا يحصيهم إلا الله، وصلحت أحوالهم، وحسن إسلامهم، وظل الشيخ يربيهم ويحاسبهم، ويشرف عليهم، وعلى تقدمهم، فأصبح هؤلاء التلاميذ الروحيون يشعرون بالمسؤولية بعد البيعة والتوبة وتجديد الإيمان) ["رجال الفكر والدعوة في الإسلام" ص248].
بحث وتحقيق الأستاذ : مصطفى البوشيخي