الحلقة الاربعمائة
عندما سألني صاحبنا قلت له أستأذنك فأنا ذاهب الى وهران قال لي لا بد أنه قد أصابك الجنون او تكون مريضاً لا تدري عما تتحدث به قلت له : نعم أنا مجنون و الا مالذي أوصلني الى الجزائر من دون جمع أية معلومات عنها ،،،
وكنت قبل ذلك قد حاولت الذهاب بالطائرة بعد ما سمعت عن الأخبار المخيفة وبأن الطريق ليست سالكة وانه لم يسبق أحداً بالذهاب براً الا مع ذوي خبرة ،،، أخذت أفكر في هذا الأمر ملياً ،،،
قررت الذهاب بالطائرة فذهبت الى مكتب سياحي لأقص تذكرة سألتهم عن التذكرة فقالت لي الموظفة : ب6200 دينار 310 ريال قلت لها أحجزي لي فعندما علمت أنى سائح قالت النظام في الجزائر للسياح هو أن تذهب الى البنك فتدفع بالعملة الصعبة ثم نقص لك التذكرة فأقفلت باب الذهاب بالطائرة و قلت لو كنت أعلم لحجزت من السعودية ولم أتعب حالي بالأخذ والرد
ثم فكرت بالقطار ،،، قلت سيتأخر وسيتوقف كثيراً وليتني رحت معه ،،، فيما بعد ستعرفوا الأسباب ،،،
من هنا فكرت بقوة على أن أذهب بسيارتي
ودعني بعد أن أرشدني الى أقرب الطرق المؤدية الى مدينة البليدة حيث أن البليدة هي أول محطاتي للخروج من العاصمة ،،،
خرجت من العاصمة الساعة العاشرة صباحاً متوجها الى وهران والتي تبعد عن العاصمة 430 كيلو و ضعت في تخطيطي بأنني بعد أربع ساعات سأكون في وهران كأقل تقدير ،،،
يفضل المشي قبل الفجر بساعة أو بعد المغرب لأسباب الازدحام رغم عدم وجود الأمن في الطريق بعد غياب الشمس الا ما ندر أو أن تذهب يوم الجمعة لأنه يوافق يوم إجازة ولن تتعب في الطريق كثيراً ،،،
أفضل الطرق المؤدية الى وهران هو طريق البليدة من أمام محطة الباصات لأنك ستمشي من خروجك من العاصمة طريق يتسع لثلاث سيارات في الذهاب ومثلها في الإياب ( طريق سايدين ) ،،،
بعد ذلك توقفت عند محطة نفطال ( جميع محطات البنزين والديزل خاضعة لملكية شركة نفطال ) وهي منتشرة بكثرة ( يعني لا تخاف تنقطع من المحطات ) فللت ( مليت ) الخزان بالبنزين ومشيت من العاصمة مسافة 30 كيلو حتى وصلت الى مفرق البليدة أستمريت في الطريق لمسافة 10 كيلو إضافية حتى وصلت الى بلدة ( المدية ) وعندما تتعدى مفرق المدية بقليل ينتهي الطريق السريع يمين حجوط و العفرون يسار الى وهران ،،،
سلكت طريق وهران وهنا أصبح الخط سايد واحد ومازالت المناظر الخلابة و الخضرة بين الغابات أمتع بها عيني و كنت أسير بأعلى سرعة فقط 40 تزيد الى 60 كلم نظراً للزحام وكثرة السيارات الكبيرة ( التريلات ) وأيضاً نظراً الى كثرة تواجد الدرك الوطني أو الجيش والتفتيش لكل 10 الى 20 كلم أو في مداخل ومخارج القرى والمدن من جهة الحالة الأمنية ارتحت كثيراً ومن جهة التأخير وكثرة التوقف ساءني الأمر كثيراً ومن ناحية الضياع لم أخف لوجود الخارطة معي والتي وضعتها قريبة مني وكل ما أدخل ولاية وأخرج من الأخرى أعطيها نظرة تفحصيه لأقرب الطرق ولكن الحمد لله كانت اللوحات الإرشادية كثيرة بحيث لا تجعلك تحتاج الى خريطة ،،،
بعد 30 كلم من المفرق دخلت قرية ( بومدفع )
باعة قبل مدخل بو مدفع وانت قادم من العاصمة
ثم بعد ذلك نمر بقرية ( حسينة ) والتي تبعد عن وهران تقريباً 330 كلم ( حسب اللوحة الإرشادية ) وعن مستغانم 250 كلم وهنا يبداء الطريق بالارتفاع أعلاناً بدخولنا منطقة جبلية و ارتفاعات منطقة غاية في الروعة
نمر من تحت سكة القطار في هذه المنطقة
نمر من خلال المرتفعات بمفرق ( مليانة ) حتى نمر بنفق يخترق أحد الجبال في الطريق
وتلاحظ سكة القطار من الجنب
وبعده وادي ( سوفاي ) وبه مياه تمشي أعتقد طول العام وما هي الا قليل حتى ندخل مدينة ( خميس مليانة ) عبارة عن مدينة صغيرة تبعد عن العاصمة ب119 كلم قطعتها في ساعة ونصف الى ساعتين ،،، ومن دخولي الى هذه المدينة حتى نبداء الرحلة المتعبة ومفارقة المناظر الجميلة التي في الطريق حتى مع وجود المزارع ولكن ليست بجمال الغابات والطريق في بداية الرحلة ،،،
خميس مليانة في آخرها مطاعم نظيفة تنفع للغداء لمن وافق وقت الغداء
مطاعم منتشرة على الطريق
أستمريت في المشي حتى خرجت منها وحتى أصبحت صورة الدرك الوطني والمدرعات المنصوبة طول الطريق طبيعة المنظر عندي عندما كنت مبهوراً بها في البداية الطريق كان مزدحماً وخصوصاً مداخل ومخارج المدن والقرى والتي وافقت وقت خروج الطلاب من المدارس مما كان للباصات الاثر في تعطيل الطريق عند التوقف المتكرر حتى خارج المدن ،،،
بعد مواصلتنا للسير نصل الى نهاية الطريق حرف ( ( Tنتجه جهة اليمين حتى ندخل مدينة ( عين الدفلي ) باتجاه ( الشلف ) على بعد 280 كلم عن وهران مروراً بمفرق ( العبادية ) حتى ندخل قرية ( العطاف ) مروراً بوادي ( الفضة ) المشهور في تلك المنطقة حتى نصل الى تقاطع ( أولاد عباس ) وصولاً الى قرية ( أم الدروع ) على حدود ولاية الشلف ،،،
في الطريق ستشاهد الكثير من الاضرحة الموجودة على يمين ويسار الطريق ( لا حول ولا قوة الا بالله )
نصل بعد ذلك الى قرية ( بو قادير ) بعدها مباشرة ( مرجة سيدي عابد ) وهناك توقفت على يمين الخط بمسافة 3 كيلو تقريباً عند بحيرة طبيعية كبيرة ،،، ما أجمله من موقع
لم أستطع المكوث طويلاً بسبب أني كنت متخوف من وصولي ليلاً ولا أجد فنادق وأصادف مشكلة كالتي حصلت لي أثناء قدومي الى العاصمة الجزائرية ،،،
خرجت من تلك القرية مروراً بقرية ( سلاطنة ) يليها مباشرة قرية ( رهيو ) و اضطررت الى التوقف في هذه القرية نظراً الى مالفت نظري من لباس أهلها ،،،
فقد وجدت الرجال لا يلبسون الا الثياب ( الدشداشة ) الخليجية و الغالبية يلبسون الزي الاماراتي وفوقها العمائم وقفت اشتري لي من أحد الحوانيت او السوبر ماركت بعض الأكل والشراب و أخذت أتحدث مع أحد كبار السن عن تاريخ القرية وهل شارك أهلها في الحرب ضد الاحتلال أم لا ،،، فقط من باب الفضول وتمضية الوقت ،،،
شدني ما يحمله بين طياته من موسوعة علمية وذاكرة قلما تجدها في شخص بعمره وما شدني سعة صدره وتحمله لأسئلتي الغريبة بعض الشيء وقال ،،، وجدت فيك الارتياح لأنك من موطن الحرمين ،،، فحدثني عن بلادك فأخذت أذكر له تيسر الحج في الآونه الأخيرة و أتساع المشاعر المقدسة التي لم يزرها منذ 30 سنة تقريباً
حتى اعتذرت منه متعللاً بالتأخير ،،،
خرجت من رهيو حتى وصلت الى ( جديوية ) وبعدها ( الحمادنة ) قبل مدينة ( غليزان ) ب30 كلم خرجت منها حتى وصلت الى مفرق طرق يمين ( مستغانم 65 كلم ) و وهران يسار حتى نصل الى بلدة ( وادي الجمعة ) وعند خروجنا منها نقبل على دوار ( رومبه ) قبل مدخل غليزان نتجه يساراً الى وهران بمحاذاة مدينة غليزان
حتى نصل الى دوار ( رومبه ) آخر فنسلك المسار الأيسر وكل ذلك كي لا تدخل الى غليزان فتتعطل بشدة الزحام عند ذلك نكون قد خرجنا من غليزان عندها ندخل ( المطمر ) يليها ( يلل ) وعند خروجنا من ( يلل ) يصادفنا دوار ( رومبه ) يشير الى الأمام ( مستغانم ) و وهران الى اليسار وبذلك يتبقى على وهران 121 كلم حينها نكون قد دخلنا ( ولاية معسكر ) طريق كله انحناءات خطيرة لا تستطيع التجاوز و لا يمكنك السير أكثر من 30 أو أقل على حسب السيارة التي أمامك ندخل بعد ذلك مدينة ( الغمري ) وصولاً الى مدينة ( المحمدية ) والتي ما أن نخرج منها حتى يصادفنا نفق أرضي ( غريب منظره وموقعه ) و انحداره قوي وهو قبل وهران ب77 كلم مروراً بقرية ( بو هني ) حتى نصل الى ( سيف ) ثلاث نقاط على الفاء ،،، قبل وهران ب50 كلم ثم ندخل ( زغلول ) ثم قرية ( وادي تليلات ) وفي منتصف القرية نقف عند إشارة مرورية،،،
وهي أول اشارة مرورية أشاهدها في أرجاء الجزائر حيث أن العاصمة تخلوا من إشارات المرور و يكتفى بالدوارات ( الرومبه ) ،،،
نعود الى الإشارة المرورية سنجد عندها لوحة يسار وهران 22 كلم طريق زراعي لا أنصح الذهاب معه بل نتجه الى الأمام حتى نركب الخط السريع وهو طريق المطار وهو المستحسن ،،، ( مطار السانية هو مطار وهران )
عند ذلك نكون قد وصلنا الى وهران ،،، استغرق بي الوقت حتى الوصول الى وهران من دون وقفة البحيرة ووقفتي عند الرجل الكبير في السن 6 ساعات و يعتبر هذا الطريق من أكثر الطرق في الجزائر خطورة حيث مروره بالقرى والمزارع و التي لا يراعي أهلها من أصحاب الحراثات و الناقلات الكبيرة مراعاة ظروف الطريق فتجدهم يمشون مع الطريق حتى وأن كانت سرعتهم 20 كلم في الساعة ،،،
ناهيك عن خطورة التجاوزات للشاحنات الكبيرة فقد كدت أتعرض لحادث شنيع عدة مرات ( وجه بوجه ) وأكثرها عند التجاوزات ،،، وفي عودتي من وهران الى الجزائر كدت أتعرض لحادث خطير وأنا على سرعة 120 كلم وكذلك السيارة المقابلة حيث كنا نتجاوز شاحنتين يسيران ببطء و عند تقابلنا كل منا حذف سيارته على سائق الشاحنة التي سيتجاوزها حتى لا يحدث اصطدام سيارتي و سيارته وجه بوجه والحمد لله يسر الله لم نتصادم الا بمراءاة السيارات الجانبية وكنت قد فتحت النافذة فطارت المرءاة الجانبية و فاصطدمت في وجهي ولكن الحمد لله لم أصب بأذى كبير عبارة عن نزف في الأنف مع بعض الآلام
ما ينسيك عناء الطريق هو التعامل الراقي من نقاط التفتيش والذين ما أن يعلموا انك من السعودية الا أن يرحبوا بك ويعرضوا خدماتهم للمساعدة وحتى الرخصة أو أوراق الإثبات بالاجار لا يسألونك عنها ،،،
ما يخفف عنك عناء الطريق هي مباسط الفول السوداني،،،
لأني لاحظت أن في الجزائر بدون إستثناء في كل البلدان التي مريت عليها أمر ملفت للإنتباه وهو بيع الفول السوداني المشوي والمملح على أطراف وأرصفة الشوارع والناس مقبلة عليه بشكل عجيب وله رواج كبير فسألت عن السر فقيل لي نحن الجزائريون نتناول الفول السوداني بشراهة وكانه إدمان حقيقي لا تخلو مدينة من بائعيه ولا بيت فنتناوله مع الشاي في السهرات والمناسبات وفي الأيام العادية نتناوله بشكل عادي يعني ومن يزور الجزائر يلاحظ هذا من أقصاها إلى أقصاها ويبقى سر تناول الفول السوداني بهذه الطريقة وبهذا الشغف لا يعرفه إلا أهل البلاد ولكن بيني وبينكم هو فعلا لذيذ

ولكن المفاجأة لماذا لم أبقى في وهران وخرجت منها في نفس اليوم
حتى أن نصل الى الحلقة السبعون بعد الأربعمائة ،،،
ومغامرات اليخاندرو كبيان في رحلة العودة من وهران ،،،