منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - دور القضاء الإداري في حماية حقوق الإنسان
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-10-26, 22:27   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










A16 تابع

المطلب الثاني : رقابة القضاء في الظروف الاستثنائية

قد تطرا ظروف استثنائية تهدد سلامة الدولة كالحروب والكوارث الطبيعية ، وتجعلها عاجزة عن توفير وحماية النظام العام باستخدام القواعد والاجراءات السابق بيانها . وفي هذه الحالة لابد ان تتسع سلطات هيئات الضبط لمواجهة هذه الظروف من خلال تمكينها من اتخاذ اجراءات سريعه وحازمة لمواجهة الظرف الاستثنائي .
على ان الظرف الاستثنائي ايا كانت صورته حربا او او كوارث طبيعية لايجعل الادارة في مناى من رقابة القضاء بشكل مطلق ، فلا يعدو ان يكون الامر توسعا لقواعد المشروعية ، فالادارة تبقى مسؤولة في الظروف الاستثنائية على اساس الخطأ الذي وقع منها ، غير ان الخطا في حالة الظروف الاستثنائية يقاس بميزان اخر غير ذلك الذي يقاس به الخطا في الظروف العادية .

اولا : التنظيم القانوني لسلطة الضبط في الظروف الاستثنائية .

حيث ان نظام الظروف الاستثنائية من شانه المماس المباشر بحقوق وحريات الافراد التي يكفلها الدستور ، فلابد ان يتدخل المشرع بتحديد ما اذا كان الظرف استثنائيا او لا ، ويتم ذلك باتباع اسلوبين : الاول ان تصدر قوانين تنظم السلطات الادارة في الظروف الاستثنائية بعد وقوعها ، ويتسم هذا الاسلوب بحماية حقوق الافراد وحرياتهم لانه يحرم السلطة التنفيذية من اللجوء الى سلطات الظروف الاستثنائية الابعد موافقة السلطة التشريعية ، ويعيبه ان هناك من الظروف الاستثنائية مايقع بشكل مفاجىء لا يحتمل استصدار تلك التشريعات بالاجراءات الطويلة المعتادة ( 21) ، بينما يتمخض الاسلوب الثاني عن وجود قوانين منظمة سلفا لمعاجة الظروف الاستثنائية قبل قيامها ويرخص الدستور للسلطة التنفيذية باعلان حالة الظروف الاستثنائية والعمل بمقتضى هذا القوانين .
ولا يخفى ما لهذا الاسلوب من عيوب تتمثل في احتمال اساءة الادارة سلطتها في اعلان حالة الظروف الاستثنائية في غير اوقاتها للاستفادة مما يمنحه لها المشرع من صلاحيات في تقييد الحريات الافراد وحقوقهم.
وقد اخذ المشرع الفرنسي بالاسلوب الاخير اذا منحت المادة السادسة عشرة من دستور الجمهورية الخامسة الصادر عام 1958 رئيس الجمهورية الفرنسية سلطات واسعة ، كذلك فعل المشرع العراقي عندما اصدر قانون السلامة الوطنية رقم 4 لسنة 1965 وتعديلاته . (22) وامر قانون الدفاع عن السلامة الوطنية رقم 1 لسنة 2004 .

ثانيا : حالات اعلان حالة الطوارىء

لايجوز اعلان حالة الطوارىء الا في حالات معينة يتعرض فيها الامن والنظام العام للخطر في جميع ارجاء الدولة او في جزء منها . وقد حدد المشرع العراقي هذه الحالات في قانون السلامة الوطنية رقم 4 لسنة 1965 فيما يلي :
1- اذا حدث خطر من غارة عدائية او اعلنت الحرب او قامت حالة حرب او اية حالة تهدد بوقوعها .
2- اذا حدث اضطراب خطير في الامن العام اوتهديد خطير له .
3- اذا حدث وباء عام او كارثة عامة .

في حين خول امر قانون الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004 رئيس الوزراء بعد موافقة هيئة الرئاسة بالاجماع اعلان حالة الطوارىء في اية منطقة من العراق عند تعرض الشعب العراقي لخطر حال جسيم يهدد الافراد في حياتهم ، وناشىء من حمله مستمرة للعنف ، من أي عدد من الاشخاص لمنع تشكيل حكومة واسعة التمثيل في العراق او تعطيل المشاركة السياسية السلمية لكل العراقيين او أي غرض اخر. (23)
ثالثا : النتائج المترتبة على اعلان حالة الطوارىء

يترتب على اعلان حالة الطوارىء مجموعة من الاثار وقد حددت المادة الثالثة من امر قانون الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004 والتي تفضي الى منح الادارة اختصاصات استثنائية مقيد للحرية اهمها مايلي :
1- توقف وتفتيش الافراد دون استحصال مذكرة قضائية
2- وضع قيود على حرية المواطنين او الاجانب في السفر والانتقال والتجول والتجمع والمرور من والى العراق وحمل او استخدام الاسلحة والذخائر والمواد الخطره .
3- احتجاز المشتبه بسلوكهم وتفتيش منازلهم واماكن عملهم .
4- فرض حضر التجوال لفترة محدده على المنطقة التي تشهد تهديدا خطيرا على الامن او تشهد تفجيرات او اضطرابات وعمليات مسلحة معادية واسعه .
5- فرض قيود على الاموال وعلى حيازة الاشياء الممنوعة ووضع الحجز الاحتياطي على اموال المتهمين بالتامر والتمرد والعصيان المسلح والاضطرابات المسلحة وعمليات الاغتيال والتفجير ، وعلى اموال من يشترك او يتعاون معهم باية كيفيه .
6- اتخاذ اجراءات احترازية على الطرود والرسائل والبرقيات ووسائل واجهزة الاتصال السلكية والاسلكية كافة . ويمكن فرض المراقبه على هذه الوسائل وتفتيشها وضبطها .
7- فرض قيود على وسائل النقل والمواصلات البريدية والجوية والمائية في مناطق محدده لفترة محدده .
8- فرض قيود على المحال العامة والتجارية والنوادي والجمعيات والنقابات والشركات والمؤسسات والدوائر من حيث تحديد مواعيد فتحها وغلقها ومراقبة اعمالها ووضعها تحت الحراسة وحلها وايقافها مؤقتا .
9- ايقاف العمل مؤقتا او بصوره دائمية باجازات الاسلحة والذخيرة والمواد الخطيرة والمفرقعة والمتفجرة وحيازتها او الاتجار بها .
ومن المهم القول ان حالة الطوارىء تعلن بامر يتضمن الحالة التي اعلنت حالة الطوارىء بسببها ، وتحديد المنطقة التي تشملها ، وتحديد بدء سريانها ومدتها على ان لاتمتد اكثر من (60 ) ستين يوما اوتنتهي بعد زوال الخطر او الظرف الذي استدعى قيامهااو ايهما اقل .
ويجوز تمديد حالة الطوارىء بصورة دورية كل ثلاثين يوما ببيان تحريري من رئيس الوزراء وهيئة الرئاسة اذا استدعت الضرورة ذلك وينتهي العمل بها تلقائيا اذا لم تمدد تحريريا في نهاية اية فترة تمديد . (24)




رابعا : الرقابة القضائية على سلطات الضبط في الظروف الاستثنائية .

يمارس القضاء الاداري دورا مهما في الرقابة على سلطات الادارة في الظروف الاستثنائية مع ان هذه السلطات تتسع بشكل كبير لمواجهة ما يهدد النظام العام وحسن سير المرافق العامة فقد وضع القضاء الاداري في فرنسا ومصر حدودا لسلطات الضبط الاداري في ظل الظروف الاستثنائية ، حتى لاتتعسف الادارة في استعمال سلطاتها تلك او تنتهك حقوق وحريات الافراد . (25)
وفي هذا المجال لايجوز ان تستخدم الادارة سلطاتها الاستثنائية دون ضابط ، كما ان التوسع في استخدام سلطات الضبط الاداري يجب ان يكون بالقدر اللازم لمواجهة خطورة الظرف الاستثنائي وان تتحدد ممارسة هذه السلطات بمدة الظرف الاستثنائي ولا يجوز ان تستمر فيه لمدة تزيد عن ذلك .
فالقاضي يراقب في هذه الظروف قرارات الادارة من حيث اسبابها والغاية التي ترمى اليها من اتخاذها ولايتجاوز في رقابته الى العيوب الاخرى – الاختصاص والشكل والمحل – وهو ما استقر عليه القضاء الاداري في العديد من الدول . (26)
وعلى ذلك فان الظرف الاستثنائي ايا كانت صورته حربا او كوارث طبيعية لايجعل الادارة في مناى من رقابة القضاء بشكل مطلق ، فلا يعدو الامر ان يكون توسعا لقواعد المشروعية . تاسيسا على مقولة
” الضرورات تبيح المحظورات“ . ( 27 )
واذا لم تسنح الفرصة للقضاء الاداري العراقي لتحديد معالم نظرية الظروف الاستثنائية ، فان احكام القضاء الاداري في فرنسا ومصر قد قطعت شوطا كبيرا في ذلك ، ووضعت شروط الاستفادة من هذه النظرية وبسطت الرقابة على الادارة في استخدام صلاحياتها الاستثنائية حماية لحقوق الافراد وحرياتهم ،وهذه الشروط هي :
1- وجود ظرف استثنائي يهدد النظام العام وحسن سير المرافق العامة سواء تمثل هذا الظرف بقيام حرب او اضطراب او كارثة طبيعية .
2- ان تعجز الادارة عن اداء وظيفتها باستخدام سلطتها في الظروف العادية فتلجا لاستخدام سلطتها الاستثنائية التي توفرها هذه النظرية .
3- ان تحدد ممارسة السلطة الاستثنائية بمدة الظرف الاستثنائي فلايجوز للادرة ان تستمر في الاستفاده من المشروعية الاستثنائية مدة تزيد على مدة الظرف الاستثنائي . (28)
4- ان يكون الاجراء المتخذ متوازنا مع خطورة الظرف الاستثنائي وفي حدود مايقتضيه .
وللقضاء الاداري دور مهم في الرقابة على احترام الادارة لهذه الشروط وهو مايميز هذه النظرية عن نظرية اعمال السيادة التي تعد خروجا على مبدا المشروعية ويمنع القضاء من الرقابة على الاعمال الصادرة استنادا اليها .


الخاتمة
استعرضنا في هذا البحث الموجز دور القضاء الاداري في حماية الحقوق والحريات وتطرقنا فيه الى نشاط السلطة الادارية – او الادارة – في تقييد هذه الحقوق والحريات من خلال اصدارها لقرارات الضبط الاداري وخلصنا من البحث الى النتائج التالية :
1- ان مما لا شك فيه ان مبدأ المشروعية وسيادة القانون هو العلامة المميزة للدولة القانونية وهو الضمانة الاساسية للحقوق والحريات العامة , والقاضي الاداري هو مفتاح الالتزام بسيادة القانون وتحقيق سيادة القانون بمعناها الواسع الذي يتجاوز مجرد احترام القانون , بل يمتد الى مضمون القانون ذاته من حيث وجوب حمايته لحقوق الانسان , فاذا عجز القانون عن توفير هذه الحماية لم يعد جديراً بان تكون له السيادة .
ويساهم القضاء الاداري بهذه المهمة بحكم استقلاله وتخصصه ولانه اقدر على التعامل مع السلطة العامة ممثلة بالادارة خاصة بعد تشعب وتنوع وظائفها وازدياد احتكاكها بالافراد .
2- من الضروري دعم استقلال القضاء الاداري العراقي لان استقلال القضاء عنصراً هاماً في شرف القضاء واعتباره وبدوره يفقد النظام القضائي فعاليته في حماية الحقوق والحريات .
3- من الضروري تفعيل نظام القضاء الاداري العراقي من خلال :
一. الغاء الاستثناءات الواردة على ولاية محكمة القضاء الاداري بالغاء القرارات الادارية والمراسيم الصادرة من رئيس الجمهورية او تنفيذاً لتوجيهاته واعتبار القضاء الاداري صاحب الولاية العامة في نظر طلبات الافراد في الغاء القرارات الادارية لما في بقاء هذه الاستثناءات من تجاوز على مبدأ المشروعية وضرورة خضوع الادارة للقانون , ويفتح المجال امام تعسفها وانتهاك حقوق الافراد وحرياتهم .
二. كفالة ديمقراطية الالتجاء الى القضاء لا من خلال مجرد الاقرار بحق التقاضي للجميع بغير قيود او استثناءات وانما يتعين فوق ذلك تقريب جهات القضاء للمتقاضين , وهو ما يتطلب اعادة النظر في الخريطة القضائية وانشاء محاكم اخرى للقضاء الاداري في مختلف انحاء العراق وعدم الاكتفاء بمحكمة واحدة في العاصمة .
4- ايجاد نظم جديدة لتحقيق العدالة واحترام حقوق وحريات الافراد خارج النظام القضائي مثل نظام " الامبودسمان " او المفوض البرلماني او لجان حقوق الانسان , لما في ذلك من تخفيف عن كاهل القضاء وتمكين الافراد من الوصول الى حقوقهم من خلال طرق بديلة للطرق العادية في التقاضي .









المصادر
1- H.W.R wade . Aministrative law 1967 p . 11 .
2- د. صبيح بشير مسكوني – القضاء الاداري – منشورات جامعة بنغازي – 1974 ص 81 .
3- د. محمود محمد حافظ – القضاء الاداري في القانون المصري والمقارن – دار النهضة العربية ط1 1993 , ص 14 .
4- د. مازن ليلو راضي – الوجيز في القضاء الاداري الليبي – دار المطبوعات الجامعية 2003 ص 7 .
5- د. عادل سيد فهيم – القوة التنفيذية للقرار الاداري – الدار القومية للطباعة والنشر – دون سنة طبعه – ص 103 .
6- د. محمود محمد حافظ – المصدر السابق – ص 14 .
7- د. عبد المنعم محفوظ – علاقة الفرد بسلطة الحريات العامة وضمانات ممارستها – المجلد الاول والثاني ط2 – دار الهناء للطباعة – القاهرة ص 16 .
8- د. محمد علي سليمان – القضاء اليمني من عموم الولاية الى التخصص في الرقابة على اعمال الادارة – بحث منشور في اعمال المؤتمر السنوي الثامن لجامعة المنصورة ص 15 .
9- د. عبد المنعم محفوظ – علاقة الفرد بالسلطة – المصدر السابق ص16 .
10- المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1989 .
11- De laubadere . Trait de droit adminstrative - 1984 p.505 .
12- د. طعيمة الجرف – القانون الاداري والمبادئ العامة في تنظيم ونشاط السلطات الادارية – دار النهضة العربية 1978 ص 471 .
13- د. صبيح بشير مسكوني – القضاء الاداري – المصدر السابق ص 87 .
14- د. عبد الغني بسيوني – القانون الاداري – منشأة المعارف 1991 – ص379 .
15- د. سامي جمال الدين – اللوائح الادارية – منشاة المعارف – الاسكندرية 1984 – ص308 .
16- د. شوقي شحاته – مبادئ القانون الاداري – القاهرة – دار النشر بالجامعات المصرية – ج1 – 1955 ص 343 وما بعدها .
17- ينظر:
د . عبد الغني بسيوني – القانون الاداري – المصدر السابق – ص 287.
د . عاشور سليمان صالح – مسؤولية عن اعمال وقرارات الضبط الاداري . جامعة قاريونس
1997 – ص179 .
18- محمد مختار عثمان – المبادىء والاحكام للاادارة الشعبية بالجماهير – بنغازي- ص 556.
19- د. عبد الغني بسيوني – المصدر السابق-ص931.
20- د. محمود أبو السعود حبيب – القانون الاداري – ص386.
21- صبيح بشير مسكوني – القضاء الاداري – المصدر السابق-ص71.
22- نشر في الوقائع الادارية بالعدد 1071 في 6/2/1965
23- المادة (1) من أمر قانون الدفاع عن السلامه الوطنية رقم (1) لسنة 2004
24- المادة الثانية من امر قانون الدفاع .
25- للمزيد ينظر :
- د. احمد مدحت علي – نظرية الظروف الاستثنائية – القاهرة –1978 – ص129.
26- عبد القادر باينه – القضاء الاداري الاسس العامة والتطور التاريخي دار توبقال المغرب – ص 28.
27- د. مازن ليلو راضي – المصدر السابق – ص24.
28- د. احمد مدحت علي – نظرية الظروف الاستثنائية – القاهرة – 1978 – ص192.