تحدث القرآن الكريم عن أخلاق كثيرة، وتفاوت ذكر ذلك ـ حسب أهميتها ـ ومن أجل تلك الخلال الرفيعة: خلق «الصبر» الذي هو أعظم أخلاق ديننا، بل إن أغلب خصال الخير مردها إليه؛وبرهان ذلك: أن هذه الكلمة المباركة كررت ـ بمشتقاتها ـ في كتاب ربنا تعالى: أكثرمن مائة مرة، مما يدل على أهميته، وعلو مكانته، لذا رتب الله على خلق «الصبر» كل خير ـ في الدنيا والآخرة ـ و«إن الله ـ سبحانه ـ جعل الصبر جوادا لا يكبو، وجندا غالبا لا يهزم، وحصنا حصينا لا يهدم ولا يلثم، فهو والنصر أخوان شقيقان»
[«عدة الصابرين» لابن القيم (ص6)].
ولما كان الصبر عظيما، علق الله فلاح المسلمين به، ودخولهم إلى الجنة، فقال تعالى:
﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾
[الإنسان: 12]،
وقال سبحانه:
﴿وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾
[الرعد: 23 ـ 24]،
وقال عزَّ من قائل:
﴿أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَمًا﴾
[الفرقان: 75].
وللصبر فضائل كثيرة ـ بالإضافة إلى ما ذكر ـ منها:
ـ أنه خيرما رزق العبد؛ قال تعالى:
﴿وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
[النساء: 25]
وقال أيضا:
﴿وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ﴾
[النحل: 126]،
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«مَا رُزِقَ عَبْدٌ خَيْرًا لَهُ، وَلاَ أَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ»
رواه الحاكم عن أبي هريرة [«صحيح الجامع» (5626) و«السلسلة الصحيحة» (44 ].
ـ استحقاق الصابر لمعية الله تعالى، قال سبحانه:
﴿وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
[الأنفال: 46].
ـ محبة الله تعالى للصابرين، قال سبحانه:
﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾
[آل عمران: 146].
ـ ثناء الله تعالى على الصابرين، قال تعالى:
﴿وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون﴾
[البقرة: 177].
ـ استحقاق الصابرين للأجر العظيم والثواب الكبير، قال تعالى:
﴿وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَاكَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾
[النحل: 96]
وقال سبحانه:
﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِحِسَابٍ﴾
[الزمر: 10].
ـ للصابرين البشرى ـ في الدارين ـ قال تعالى:
﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾
[البقرة: 155].
ـ صلوات الله تعالى على الصابرين، ورحمته لهم، وهدايته إياهم، قال تعالى:
﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾
[البقرة: 156 ـ 157].
ـ الإمامة في الدين: تنال بالصبر واليقين؛ قال تعالى:
﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾
[السجدة: 24].
يتبع