منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأعمال التجارية في القانون الجزائري(بحثي الخاص)
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-10-21, 11:08   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أمينة87
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية أمينة87
 

 

 
إحصائية العضو










Arrow تابع

المبحث الثاني: الأعمال التجارية بالتبعية (الأعمال الشخصية)


(Actes de commerce par accessoire)


إن نظرية الأعمال التجارية لا تنصب فقط على الأعمال التجارية بحسب طبيعتها أو بحسب الشكل(أي الأعمال الموضوعية) حتى يعتبر العمل تجاريا و إنما تتوسع في ذلك ،و تضفي الصفة التجارية على الأعمال و هذا على أساس شخصي محض ،فهي تعتمد في ذلك على صفة الشخص القائم بالعمل بغض النظر عن طبيعته الذاتية أي المدنية. و هذا نظرا لكون العمل يخرج عن التعداد القانوني للأعمال التجارية التي أوردتها المادة 02من القانون التجاري الجزائري بحيث لو صدر هذا العمل من شخص غير تاجر لبقي محتفظا بصفته المدنية البحتة. و عليه فطالما أن هذا العمل يقوم به التاجر لشؤون تتعلق بتجارته، فإنه يتبع هذه الشؤون و بذلك فإن هذه التبعية بدورها أكسبته الصفة التجارية.

إن مصدر تجارية هذا النوع من الأعمال يكمن في مهنة القائم بها لا في طبيعتها، و مثال هذه الأعمال شراء التاجر الأثاث أو الدفاتر لمحله التجاري، أو شراء الفحم، الزيت.......الخ. أي كل ما له علاقة بالنشاط التجاري الذي يقوم به التاجر، يدخل ضمن الأعمال التجارية بالتبعية.

و لتمييز الأعمال التجارية بالتبعية عن الأعمال التجارية الموضوعية، تمت تسميتها بالأعمال التجارية النسبية، و كذا الذاتية أو الشخصية) (RELATIFS. كما أننا نجد القضاء قد أقام قرينة لصالح المتعامل مع التاجر، مفادها أن ما تحتويه نظرية الأعمال التجارية بالتبعية هو تلك الأعمال التي يقوم بها التاجر و الخارجة عن الأعمال المنصوص عليها في المادة الثانية(02) من القانون التجاري. و بالتالي فهي تخضع لأحكام هذا القانون، من حيث الإثبات و الاختصاص شأنها في ذلك شأن الأعمال التجارية المحضة، لأنه مفترض أن التاجر قام بها لحاجات تجارية و تسمى هذه القرينة بالقرينة التجارية présemption de commercialité) .(Laأأأ و
و مع هذا فهي تعتبر قرينة بسيطة يجوز إثبات عكسها، بحيث يمكن للتاجر أن يثبت أن العمل المدني الذي قام به لم يكن متعلقا بتجارته فيخضع حينئذ لأحكام القانون المدني، و على هذا الأساس فإن إضفاء الصفة التجارية على الأعمال التي يقوم بها التاجر، يستلزم وقوع هذه الأعمال تابعة لحرفته، حتى يخضع العمل التابع لقواعد واحدة (نظام قانوني موحد)(1) تطبيقا للمبدأ القائل بأن الفرع يتبع الأصل في الحكم.
و من أجل توضيح كل هذا فقد عنيت دراسة نظرية التبعية بتقسيم المبحث إلى مطلبين و هذا كالآتي:
المطلب الأول: شروط نظرية التبعية و أساسها
المطلب الثاني: تطبيقات نظرية التبعية

-(1)أ.نادية فضيل، القانون التجاري، الطبعة الثامنة (8) ، ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر، 2006 ،ص 112



-18-



المطلب الأول: شروط نظرية التبعية و أساسها


باستقراء نص المادة الرابعة (04) من القانون التجاري الجزائري و التي تنص على أنه:
"يعد عملا تجاريا بالتبعية:
- الأعمال التي يقوم بها التاجر و المتعلقة بممارسة تجارته أو حاجات متجره،
- الالتزامات بين التجار ."
يتبين أنه لاعتبار العمل تجاريا بالتبعية، يجب توفر شرطين:
-1 توافر صفة التاجر في الشخص القائم بالعمل التجاري،
-2 أن يكون العمل متعلقا بممارسة التجارة أو ناشئا عن التزامات بين التجار.
و عليه فإن نظرية التبعية تقوم على اعتبارات منطقية تقتضي إضفاء الصفة التجارية على كل عمل يقوم به الشخص بصفته تاجرا حتى كلا العملين (الأصلي و التابع) لنظام قانوني موحد، و كذا اعتبارات قانونية تعززها المادة الرابعة من القانون التجاري.

الفرع الأول: شروط النظرية
إن نظرية التبعية، و وفقا لنص المادة الرابعة تقتضي توافر شرطين اثنين لإضفاء الصفة التجارية على الأعمال التي يباشرها التاجر.
أولا: ضرورة اكتساب صفة التاجر
لقد جاء النص على صفة التاجر و اكتسابها في المادة الأولى(1) من القانون التجاري و التي جاء فيها:
" يعد تاجرا كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريا و يتخذه مهنة معتادة له، ما لم يقض القانون بخلاف ذلك."
و هذا يعني أن كل من يباشر أعمالا تجارية على وجه الامتهان أو الاحتراف يعد تاجرا، و يخضع و أعماله التي يزاولها في إطار التجارة إلى أحكام القانون التجاري.و من ثمة فإن الأعمال التي يقوم بها الشخص المدني لا تنتمي أو تندرج ضمن نظرية التبعية، بل هي خاضعة لأحكام القانون المدني.
و تجدر الإشارة إلى أن إثبات الصفة التجارية للشخص _ طبيعيا كان أو معنويا _ إنما تكون بجميع وسائل الإثبات.(1)
ثانيا: ارتباط العمل بالمهنة التجارية
حتى نتمكن من إخضاع العمل إلى نظرية التبعية،و زيادة إلى وجوب توافر الصفة التجارية في الشخص لقائم بهذا العمل، لابد من ارتباط هذا العمل بالنشاط التجاري الذي يزاوله، أي أنه حدث بمناسبته،و عليه فإنه لا تثبت الصفة التجارية إلا لأعمال التاجر التي تتعلق بتجارته.

(1) - طبقا لمبدأ حرية الإثبات في المواد التجارية )المادة 30 من القانون التجاري الجزائري(


-19-


أما إذا انتفى هذا الارتباط و لم تكن للعمل الذي قام به التاجر أي صلة بالتجارة ظل محتفظا بصفته المدنية، خاضعا لأحكام القانون المدني. و بالتالي فهو يعتبر كما لو كان مرتبطا بحياة التاجر الخاصة أو بنشاطه غير التجاري.لذا لا يعد تجاريا بالتبعية، إنفاق التاجر على زوجته أو أحد ذويه أو أولاده أوحتى على منزله أو حاجاته الخاصة.(1)
غير أنه قد يثار التساؤل حول المقصود من ضرورة ارتباط العمل بالنشاط التجاري الذي يمارسه التاجر، بحيث قد يصعب في بعض الأحيان معرفة إذا ما كان العمل الذي يزاوله التاجر متعلقا بتجارته أم لا علاقة له بها؟
فعلى سبيل المثال، إذا اشترى التاجر سيارة دون أن يكون الشراء مصحوبا بعقد البيع، فإن الإشكال الذي يطرح هو الغرض من هذا الشراء، فهل اشتراها ليستعملها لأغراضه الشخصية، أم أنه اشتراها لنقل البضائع إلى العملاء، و ما إلى ذلك من حاجيات تجارية؟(2)

و بناء عليه - و كما أشرنا سابقا- فإن القضاء الفرنسي قد أقام قرينة قانونية و هي القرينة التجارية، و التي تقضي بأن كل عمل يقوم به التاجر خارج نطاق الأعمال التجارية، إنما يكون لتحقيق حاجات تجارية، فيعتبر بذلك عملا تجاريا بالتبعية(3). و هي قرينة بسيطة يمكن إثباتها بكافة طرق الإثبات.
كما ذهبت محكمة النقض البلجيكية في حكمها الصادر في 10 أكتوبر1895 و الذي ذهبت إليه بعض المحاكم البلجيكية أيضا، إلى القول بضرورة توافر عنصر تحقيق الربح حتى يمكن القول بأن هناك ارتباطا بين العمل و المهنة التجارية.و هي بذلك تعني أن العمل لا يكتسب الصفة التجارية و لا يتعلق بالمهنة التجارية حتى وفقا لنظرية الأعمال التجارية بالتبعية، و إنما يجب لتحقق ذلك اقتران العمل بقصد أو غرض تحقيق الربح.
غير أن هذه الأحكام تعرضت لنقد الفقه البلجيكي، لأنها بمنظوره تؤدي إلى انعدام الفائدة المرجوة من نظرية الأعمال التجارية بالتبعية.
أما الفقه و القضاء في الجزائر، فرنسا و مصر فقد استقرا على الاكتفاء بالقول أنه حتى يصبح العمل الذي بقوم به التاجر تجاريا بالتبعية الشخصية، يكفي أن يكون ارتباط مادي بينه و بين المهنة التجارية، و لا يشترط بتاتا أن يكون مرتبطا بنية تحقيق الربح.(4)


الفرع الثاني: أساس نظرية التبعية

إن نظرية التبعية تقتضي إضفاء الصفة التجارية على كل الأعمال التي تتبع مهنة التجارة، و هذا بديهي طالما أن التاجر يقوم بهذه الأعمال بمناسبة مزاولته لنشاط تجاري معين. و هو ما أشارت أغليه المادة الرابعة (4) من التقنين التجاري الجزائري، و التي تشترط توافر الصفة التجارية في الشخص القائم بهذا العمل، و أن يرتبط العمل بالمهنة التجارية أو أن يكون بمناسبة مزاولتها، أو نتيجة التزامات بين التجار.

-(1) د. شادلي نور الدين، القانون التجاري، دار العلوم للنشر و التوزيع، الجزائر، 2003، ص 55و 56
-(2)د. سلمان بو ذياب، مبادئ القانون التجاري، مجد المؤسسة الجمعية للدراسات و النشر و التوزيع، ط 1 لبنان،2003
(3)- أ. نادية فضيل، المرجع السابق،ص112
(4)-أ. نادية فضيل، نفس المرجع،ص114


-20-


أي أن نظرية الأعمال التجارية بالتبعية تقوم على اعتبارين اثنين لمنح الصفة التجارية لعمل يقع خارج تصرفات التاجر التجارية، و هما الأساس المنطقي و الأساس القانوني.

أولا: الأساس المنطقي
حتى تكون الحياة التجارية وحدة لا تتجزأ يخضع فيها العمل الأصلي و العمل التبعي لنظام قانوني واحد، تطبيقا للمبدأ القائل بأن الفرع يتبع الأصل في الحكم ، فإنه منطقيا يجب أن تحمل جميع الأعمال التي تتبع مهنة التجارة الصفة التجارية بالتبعية.
إن هذا المبدأ أو الأساس المنطقي يحمل في طياته فوائد هامة تتساير و الدعائم و الأساسيات التي تقوم عليها الحياة التجارية كما أنه يكفل للمتعاملين مع التجار حماية أكيدة تجسيدا لفكرة حماية الغير المتعامل مع التاجر و حفاظا على حقوقه. و نظرا لأن نشاط التاجر القانوني و العملي ضخم و معقد،و تختلط فيه الأعمال ذات الصفة التجارية الواضحة بالأعمال المدنية التي يقوم بها، و عليه فإنه حسب الأستاذ علي البارودي لا جدوى من أن يبحث القضاء في هذا النشاط المتشعب حتى يتسنى له تطبيق القانون التجاري تارة، و القانون المدني تارة أخرى، خاصة و أن الهدف المنشود من هذه الأعمال - حتى المدنية منها في نهاية الأمر- هو خدمة النشاط التجاري، و من الأفضل إذن أن يطبق القانون التجاري على عناصر هذا النشاط.(1)

ثانيا: الأساس القانوني
يستقى هذا الأساس من صياغة نص المادة الرابعة(4) من القانون التجاري الجزائري (2) حيث أن العمل لا يكتسب الصفة التجارية إلا إذا كان متعلقا بالنشاط التجاري، و لو لم يكن الغرض منه المضاربة و تحقيق الربح، و إنما يكفي ارتباطه بتجارة التاجر أو حصوله في نطاق نشاطه التجاري أو بمناسبة هذا النشاط، و يظل العمل محتفظا بصفته المدنية في حال عدم ارتباطه بالتجارة.
و المتمعن في الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة(4)، يجد بأن المشرع يشترط لاعتبار العمل تجاريا بالتبعية، أن يتم بين تاجرين، و هذا خطأ وقع فيه المشرع. في حين كان له أن يقول:"الالتزامات الناشئة عن الأعمال التي يقوم بها التاجر بمناسبة ممارسة تجارته" مثلا.
و هذا ما تبناه كل من الفقه و القضاء الفرنسي و المصري، و اللذان استقرا على الاكتفاء بأن يكون أحد طرفي الالتزام تاجرا حتى يعتبر العمل تجاريا بالنسبة إليه، بينما الطرف الآخر)الثاني( يبقى محتفظا بصفته المدنية.


(1)- أ. نادية فضيل، المرجع السابق، ص 115
(2)- تنص المادة (4) على أنه:" يعد عملا تجاريا بالتبعية:
- الأعمال التي يقوم بها التاجر و المتعلقة بممارسة تجارته، أو حاجات متجره،
- الالتزامات بين التجار."


-21-