منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - قبسات مضيئة من كتاب إلى" أين أيها الحبيب الجفري"
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-01-06, 22:32   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أم إدريس
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية أم إدريس
 

 

 
إحصائية العضو










Exclamation الزعم بأن معروفاً الكرخي من أئمة الصوفية ونسبة الكلام للذهبي

[align=center]الخطأ 20 الزعم بأن معروفاً الكرخي من أئمة الصوفية ونسبة الكلام للذهبي:
-مقولة (وقبر معروف ترياق مجرّب) غير صحيحة سنداً ومعنى.
-كلام العلماء الكبار في أحكام زيارة القبور
-فتوى الإمام علي زين العابدين (ابن ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم)
-فتوى الإمام الحسن المثنى (ابن حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم)
-الإمام النووي يشرح آداب زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
-فتاوى الغزالي وابن حجر الهيتمي والمناوي في بدع زيارة القبور

***

ـ قال الجفري في الصفحة 68 : ((روى الإمام الذهبي رحمه الله تعالى في كتابه سير أعلام النبلاء في ترجمة (معروف الكرخي) وهو من كبار أئمّة الصوفيّة . . تلقى عن الإمام علي الرضا بن موسى الكاظم . . . ثمّ قال : " وقبرُ معروفٍ ترياقٌ مجرّب " ، أثنى عليهم وأثنى على ضرائحهم فكيف على أشخاصهم ؟!)). انتهى

أقول : هذه محاولةٌ من الجفري لزجّ أمثال الشيخ معروف الكرخي ، رحمه الله ، في سلك المتصوّفة ، وهو بفعله هذا يشوش على الناس بأنّ أمثاله من صوفيّة اليوم هم أتباع لهؤلاء الرجال العبّاد الزهّاد ، وشتّان ما بين الشيخ معروف الكرخي وأمثاله ، وبين متصوِّفة اليوم !!

وإليكم البيان :

أولاً ، عندما ترجم الحافظ الذهبي للكرخي قال : معروف الكرخي عَلَمُ الزُّهاد ، بركة العصر، أبو محفوظ البغدادي ، واسم أبيه فيروز . انتهى . سِيَر أعلام النبلاء (8 / 216)

وكما ترون إنّ الذهبي لم يصفه بالصوفي أبداً لا في العنوان ولا في كل الترجمة .

ثانياً ، إنّ مقولةَ ((وقبُر معروفٍ ترياقٌ مجرّب)) رواها الحافظ الذهبي من قول إبراهيم الحربي وليست من قول الذهبي ، ثمّ إنّ أوّل من روى ذلك عن الحربي إنّما هو ابن حسين السُّلمي وهو عند أهل الحديث غير ثقة وغير معتمد وتُهْمَتُه أنّه يضع الأحاديث للصوفيّة . قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (5 / 158) : ((أبو عبد الرحمن بن حسين السلمي النيسابوري شيخُ الصوفية وصاحب تاريخهم وطبقاتهم وتفسيرهم تكلموا فيه وليس بعمدة )). انتهى

وقال الحافظ الذهبي في السِّيَر ( 13 / 156) : ((قال الخطيب : قال لي محمد بن يوسف القطّان النيسابوري : كان أبو عبد الرحمن السُّلمي غيرَ ثقَةٍ ، وكان يضع للصوفية الأحاديث)). ثمّ قال : ((وفي الجملة ففي تصانيفه أحاديثُ وحكايات موضوعة ، وفي (حقائِقِ تفسيره) أشياءُ لا تسوغُ أصلاً ، عدَّها بعض الأئمّة مِنْ زَنْدَقَةِ الباطنيّة)).

وقال : ((قال الإمام تقيُّ الدين بن الصّلاح في (فتاويه) : وجدتُ عن الإمام أبي الحسن الواحدي المُفَسِّر رحمه الله أنّه قال : صنَّفَ أبو عبد الرحمن السلمي (حقائق التفسير) ، فإن كان اعتقد أنَّ ذلك تفسيرٌ فقد كَفَرَ !)). انتهى

وبصَرْف النظر عن حقيقة مَنْ وراء تلك المَقولة وإيراد الذهبي لها ، فإنّه من غير المقبول ذِكْرُ كلامٍ ليس له مستندٌ شرعيّ فكيف بكلامٍ مخالف للشرع ؟! وهل يُعرفُ الحقُّ بالرِّجال أم يُعرَفُ الرِّجالُ بالحق ؟

واللاّفت للانتباه أنّ الجفري لم يقتدِ بالحافظ الذهبي عندما حكم على الأحاديث والقصص التي يرويها الجفري على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنّها موضوعة ومكذوبة ، في حين أنّه صار عنده إماماً يُقتدى به لأجل هذه المقولة الغريبة التي أوردها ؟!

وإليكم ما قرَّرَه أئمّة الإسلام الكبار في هذا الخصوص : ذَكَرَ القاضي عياض في كتابه (الشفا) في حكم زيارة قبره صلى الله عليه وسلم :

((وقال مالك ، كما في المبسوط : لا أرى أن يقفَ عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ، ولكن يسلّم ويمضي . وقال مالك في المبسوط : وليس يَلزَمُ من دَخَل المسجدَ وخرج منه من أهل المدينة الوقوفُ بالقبر ، وإنما ذلك للغرباء . فقيل له : فإن ناساً من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه ، يفعلون ذلك في اليوم مرةً أو أكثر ، وربّما وقفوا في الجمعة أو في الأيام المرة والمرتين أو أكثر عند القبر فيسلِّمون ويَدْعون ساعة ! فقال : لم يبلغني هذا عن أحدٍ من أهل الفقه ببلدنا ، وتَرْكُه واسع ولا يُصلِحُ آخرَ هذه الأمة إلا ما أَصْلَحَ أوّلها ، ولم يبلغني عن أول هذه الأمّة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده)). انتهى

وروى البخاري في تاريخه (2 / 186) ، والضياء المقدسي في (المختارة) ، وأبو يعلى في (المسند) ، والقاضي إسماعيل عن الإمام علي زين العابدين بن الحسين رضي الله عنه أنه رأى رجلاً يجيء إلى فُرجةٍ كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فيدخل فيها فيدعو، فنهاه وقال : ألا أحدّثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((لا تتخذوا قبري عيداً ، ولا بيوتكم قبوراً ، فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم)).

وقال سعيد بن منصور في سننه : حدثنا عبد العزيز بن محمد قال أخبرني سهل بن سهيل قال : رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند القبر فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشّى ، فقال : هلمّ على العشاء ، فقلت لا أريده ، فقال ما لي رأيتك عند القبر؟ فقلت : سلّمت على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إذا دخلتَ المسجد فسلّم ، ثمّ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((لا تتخذوا قبري عيداً ، ولا تتخذوا بيوتكم مقابر، وصلّوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم ، لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) ما أنتم ومَنْ بالأندلس إلا سواء ([1]). انتهى

هذا كلام علماء الإسلام في مسألة الدّعاء عند قبر سيّدِ الخَلْق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فما بالك بمن هو دونه بكثير ؟

والعلماء يقولون ذلك لأنّهم يضعون كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم نصبَ أعينهم ، أليس هو القائل : ((لا تجعلوا قبري عيداً)) رواه أبو داود ، أليس هو القائل : ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبَد)) رواه مالك وأحمد .

قال الإمام النووي الشافعي رحمه الله في كتابه الإيضاح في مناسك الحج (ص 501) ( . . لا يجوز أن يُطاف بقبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ويكره إلصاق البطن والظهر بجدار القبر قاله الحَليمي وغيره ، ويكره مَسْحُه باليد وتقبيله بل الأدب أن يبعد منه كما يبعد منه لو حضر في حياته صلى الله عليه وسلم . هذا هو الصواب وهو الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه ، وينبغي أن لا يغترّ بكثير من العوام في مخالفتهم ذلك ، فإن الاقتداء والعمل إنما يكون بأقوال العلماء ولا يُلتفت إلى مُحْدَثات العوام وجهالاتهم . ولقد أحسن السيد الجليل أبو علي الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى في قوله ما معناه : ((اتّبعْ طُرُق الهدى ولا يضرُّك قلّة السالكين ، وإيّاك وطُرُق الضلالة ولا تغترّ بكثرة الهالكين)). ومَنْ خطر بباله أنّ المسحَ باليد ونحوَه أبلغ في البركة فهو من جهالته وغفلته ، لأن البركة إنما هي فيما وافق الشرع وأقوال العلماء وكيف يُبتغى الفضل في مخالفة الصواب ؟)). انتهى كلام النووي .

وقال ابن حجر الهيتمي الشّافعي الصوفي في حاشيته على كلام النووي : (( . . ومِنْ ثَمَّ قال في الإحياء مسُّ المَشاهد وتقبيلُها عبادةُ النصارى واليهود ، وقال الزعفراني ذلك من البدع التي تُنكر شرعاً ، وروى أنسٌ أنه رأى رجلاً وضع يده على القبر الشريف فنهاه وقال : ما كنا نعرف هذا ، أي الدنو منه إلى هذا الحد . وعُلم مما تقرر كراهة مسِّ مَشاهد الأولياء وتقبيلها . . . . ويكره أيضاً الانخفاض للقبر الشريف وأقبح منه تقبيل الأرض له ، لكن قال غيره هذا في الانحناء بمجرّد الرأس والرقبة أمّا بالركوع فهو حرام وأمّا تقبيل الأرض له فهو أشبه شيء بالسجود بل هو هو ، فلا ينبغي التوقف في تحريمه)). انتهى

وقال الشيخ المناوي الشافعي الصوفي في (فيض القدير) عند شرحه لحديث ((لا تجعلوا قبري عيداً ، وصلّوا عليَّ ، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)) : وقيل : العيد ما يعاد إليه ، أي لا تجعلوا قبري عيداً تعودون إليه متى أردتم أن تصلّوا عليَّ ، فظاهره منهي عن المعاودة والمراد المنع عمّا يوجبه ، وهو ظنّهم بأن دعاء الغائب لا يصل إليه ويؤيده قوله ((وصلّوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)) أي لا تتكلّفوا المعاودة إليّ فقد استغنيتم بالصلاة عليّ ، ثم قال المناوي : ويؤخذ منه أن اجتماع العامة في بعض أضرحة الأولياء في يومٍ أو شهر مخصوص من السَّنة ، ويقولون : هذا يوم مولد الشيخ ، ويأكلون ويشربون وربّما يرقصون فيه ، منهيٌ عنه شرعاً ، وعلى ولي الشرع ردعهم عن ذلك وإنكاره عليهم وإبطاله . انتهى

ثالثاً ، وأما قول الجفري إنّ الكرخي تلقّى عن الإمام علي الرضا !

فقد روى الحافظ الذهبي في ترجمته قائلاً : ((وقد حكى أبو عبد الرّحمن السلمي شيئاً غيرَ صحيح ، وهو أنّ معروفاً الكرخي كان يَحْجُبُ عليَّ بن موسى الرضا ، قال فكسروا ضِلعَ معروف ، فمات ، فلعلَّ الرضا كان له حاجبٌ اسمُهُ معروف ، فوافق اسمه اسمَ زاهد العراق)). انتهى

--------------------------------------------

(1) ورواه الذهبي أيضاً في سِيَر أعلام النبلاء (5 / 399) .
[/align]