وهذه طريفة حصلت بعد أحد الدروس في المسجد الحرام ... أوردها هنا لنرى ثبات الشيخ عند مواقفه ... لا ككثير من الناس المنساقين وراء عواطفهم.
وذلك أنا كنا مع الشيخ رحمه الله تعالى في المسجد الحرام سنة 1419 فقال في آخر بعض الحلقات:
قد أمرتكم سابقا أن لا يخرج معي أحد من الحرم، ولا يماشيني إلا رجل أراد أن يسأل، ولْيسأل بأدب...
وأما اليوم فأنا أقول لا يخرجن معي أحد، حتى من أراد أن يسأل، فإني لن أجيب عن أي سؤال اليوم إطلاقا...
فأردت لفضولي أن أنظر إن كان الشيخ يصبر على قراره، أم أنه سيُحرج فيرد على الأسئلة...
فخرجت معه مخالفا أمره والله المستعان...طبعا كان معنا من الطلبة المئات ... كل لم يأبه لأمر الشيخ.
خرجنا ... وفي الطريق جاء أصحاب الأسئلة، والشيخ لا يجيب، منهم من يقول يا شيخ: أنا مستعجل، ومنهم من يقول يا شيخ هذه نازلة، وغيرهم المهم أنا لا أصنع شيئا إلا النظر إلى الشيخ وما سيصنع، لكن الشيخ ثابت على موقفه...
وكان من بين السائلين طالب عنيد، أصر على الإجابة وبذل من أجلها النفيس، بل حتى النفس...
أحيانا يأتي من اليمين، وأحيانا من الشمال، ...بل أحيانا من أمام الشيخ فيقطع عليه الطريق، وأحيانا أخرى من الخلف فيمسك بالشيخ من ردائه، كل ذلك ولم يظفر بإجابة... ولما أكثر الدوران هنا وهناك ورفع الصوت أمسك به بعض المرافقين للشيخ ممن كلف بحمايته وكان عظيم الجثة طويل القامة... فجذبه جذبة أردته على الأرض....لكن رغم ذلك قام ورجع إلى الشيخ يسأله....يا لحرصه!!!
فقال الشيخ له حينها: أمؤمن أنت؟؟؟
فقال الطالب: نعم مؤمن إن شاء الله يا شيخ...
فقال الشيخ رحمه الله: أرَجُل أنت؟؟؟
فانقلب الطالب على عقبه هاربا ولم يعد إلى سؤاله ولا إلى إحراج الشيخ..
فلما رأيت هذه الحادثة علمت أن الشيخ سيكون ثابتا عند قراره ولن يستكين، فأكملت الطريق منصرفا إلى أشغالي.............
حصل هذا في رمضان 1419.