قبل الأطراف والشهود عند الانقضاء ويؤشر الضابط العمومي (الموثق) على ذلك في آخر العقد (م.324/2 مكرر ق.م.). ويعتبر العقد الرسمي حجة حتى يثبت تزويره.
وقد نتساءل هل يجوز إبرام عقد إيجار عرفيا ؟
بالرجوع إلى نص م. 467 مكرر لم تبين طبيعة الكتابة ولما كان في قواعد الإثبات الكتابة في القواعد العامة تقتضي بحجية العقد ضد الغير، إذا كان تاريخه ثابت، وثبوت التاريخ يكون إما يوم تسجيله أو من يوم ثبوت مضمونه في عقد آخر حرره موظف عام أو من يوم التأشير عليه من طرف ضابط عام مختص.
إن الكتابة العرفية يعتد بها في مواجهة الغير (م.328 ق.م.) أو مواجهة الكتابة فيما بين المتعاقدين يشترط ألا ينكر أحدهم ما هو منسوب إليه. ويستخلص أن الكتابة تكون في الأصل رسمية ويجوز قبول الكتابة العرفية بشرط عدم مخالفتها للقواعد العامة.
وأخيرا فإثبات عقد الإيجار بالوصولات والقرائن التي كانت المحاكم تعتمد عليها في الإيجارات الشفهية أصبحت لا يعتد بها في طل القانون الجديد، لأن الوصولات سيقتصر دورها في إثبات المخالصة في بدل الإيجار، وللإشارة أن شرط الكتابة في عقود الإيجار لا يسري إلا بالنسبة للتصرفات التي انعقدت بعد صدور القانون الجديد.
• شروط نفاذ العقد في حق الغير.
قد يحصل تزاحم بين الحقين حق المستأجر وحق المتصرف إليه، فمثلا لو قام شخص بتأجير ملكه ثم قام ببيعه لآخر أو وهبة أو قايض عليه أو رتب عليه رهنا حيازيا، فهل يسري عقد الإيجار في حق هذا الشخص سواء كان المشتري أو الموهوب له أو طرف المقايضة أو الدائن المرتهن والاحتجاج عليه.
لقد أجابت المادة 469 مكرر 3 ق.م. على هذا التساؤل: بحيث تقضي أنه إذا انتقلت ملكية العين المؤجرة إراديا أو جبرا (البيع بالمزاد العلني – البيع رضائي) يكون الإيجار نافذا في حق من انتقلت إليه الملكية، وعليه نستنتج أن صاحب الحق الأسبق (المستأجر) بتاريخ نشوءه هو الذي يتقدم على صاحب الحق الموالي (المتصرف إليه)، وبالتالي يسري عقد الإيجار في حق هذا الغير بمعنى أن المتصرف إليه لا يستطيع مثلا إيجار مسكن أي يطلب المستأجر إخلاءه إلى حين انتهاء مدة الإيجار وبالمقابل يتحصل المتصرف إليه على بدل الإيجار أي أن المتصرف إليه يحل محل المؤجر.
وبما أن عقد الإيجار أصبح من العقود الشكلية في القانون الجزائري بمعنى أن المشرع ألزم إفراغه كتابة فإذا كانت الكتابة رسمية وخاصة التوثيقية لا يطرح أي إشكال لأن العقود الرسمية تكون ثابتو التاريخ لأنها صادرة من الضابط العمومي.
ولكن إذا كان العقد عرفيا فانه لا يكون للسند حجية على الغير من تاريخه إلا منذ أن يكون له تاريخ ثابت وسابق على ثبوت حق الغير وذلك من منع حصول تواطؤ ضد الغير من خلال تقديم تاريخ الإيجار لجعله سابقا على تاريخ نشوء حق الغير.
• الأثر القانوني لنفاذ عقد الإيجار من عدمه.
من أهم أثر انتقال حقوق المؤجر والتزاماته إلى المالك الجديد هو أن المستأجر يلتزم بدفع الأجرة له (المتصرف إليه)، وليس للمالك السابق. وقد قضت م.469 مكرر 4 أنه لا يجوز للمستأجر أن يحتج على من انتقلت إليه الملكية، بما دفعه مقدما أو معجلا من بدل الإيجار إذا أثبت هذا الأخير (المتصرف إليه) على المالك الجديد أن المستأجر كان يعلم وقت الدفع (دفع بدل الإيجار) بانتقال الملكية أو كان من المفروض حتما أن يعلم ذلك، بمعنى أن المستأجر لا يجوز له الاحتجاج بما دفع مسبقا إذا كان يعلم بانتقال الملكية، وبالتالي فهو ملزم بدفع بدل الإيجار إلى المتصرف إليه (المالك الجديد) وفي حالة عدم إثبات ذلك فلا يكون لمن انتقلت إليه الملكية إلا بالرجوع على المؤجر السابق بدعوى الإثراء بلا سبب. ويتضح من هذا أن المشرع افترض عدم علم المستأجر بانتقال الملكية إلى الغير وألزم من انتقلت إليه الملكية أن يثبت علم المستأجر بذلك والعلم واقعة مادية يجوز إثباتها بكل طرق الإثبات بما في ذلك القرائن.
وإذا عجز المالك الجديد عن إثبات علم المستأجر بانتقال الملكية فان وفاء هذا الأخير للمالك السابق يكون مبرئا لذمته. وأما الأثر القانوني في حالة عدم نفاذ عقد الإيجار في حق الغير وفي حق المتصرف إليه إخراج المستأجر من المؤجرة مثلا كأن يكون عقد الإيجار لاحقا أو معاصرا لعقد البيع.
ويرى الفقه أن عقد الإيجار لا يكون نافذا في حق الغير إذا كان العقد غير ثابت التاريخ إضافة إلى أن يكون المتصرف إليه حسن النية أي أنه لا يعلم بوجود إيجار وقت البيع وأما إذا كان عالما بوجود عقد الإيجار فانه يكون سيء النية ولا يجوز له أن يتمسك بعدم نفاذ الإيجار وهي مسألة موضوعية ترجع للقاضي.
vأحكام عقد الإيجار.
يقصد بأحكام عقد الإيجار آثاره وهي مجموعة الحقوق والالتزامات الناشئة عنه. وعليه سنتطرق إلى التزامات المؤجر ثم التزامات المستأجر وأخيرا طبيعة الحق المستأجر والتصرف فيه (التأجير من الباطن).
• إلتزامات المؤجر.
يلتزم المؤجر بعدة التزامات هي الالتزام بتسليم العين المؤجرة والالتزام بصيانة العين المؤجرة والالتزام بضمان عدم التعرض للمستأجر، والالتزام بضمان العيوب الخفية، وكل هذه الالتزامات تؤدي إلى تمكين المستأجر من الانتفاع من العين المؤجرة.
الفرع الأول: الالتزام بتسليم العين المؤجرة.
يلتزم المؤجر بتسليم العين المؤجرة التي تم الاتفاق عليها ولا يجوز له تسليم شيء آخر حتى وان كان أفضل إلا إذا وافق المستأجر عليها و يلتزم كذلك المؤجر بتسليم ملحقات العين المؤجرة بمعنى مستلزماتها وهي كل ----- بصفة دائمة لاستعمال العين المؤجرة طبقا لما تقضي به طبيعة الأشياء والعدة وقصد المتعاقدين ويتم تحديد هذه الملحقات في الاتفاق بين المتعاقدين مثلا إذا كانت أرض زراعية موضوع عقد الإيجار فان من ملحقاتها مصاريف المياه وحقوق الارتفاق، أما إذا كان موضوع الإيجار سكن في عمارة فيجب على المؤجر أن يسلم الملحقات وهي الأجزاء المعدة للاستعمال السكني من باب رئيسي والسطح والسلم.
وقد ألزمت م.476 ق.م. المؤجر بأن يسلم العين المؤجرة للمستأجر في حالة تصلح للاستعمال المعدة لها تبعا لاتفاق الطرفين. واشترط المشرع أن معاينة الأماكن تخضع لإجراء وجاهيا بمعنى حضور الطرفين المؤجر والمستأجر يفرغ في محضر أو بيان وصفي يفترض أن يمضي عليه الطرفين بحيث يلحق هذا المحضر بعقد الإيجار.
وإذا تسلم العين المؤجرة دون هذا الإجراء فان الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة سلفا تفترض أن المؤجر سيسلم العين المؤجرة في حالة حسنة. إلا أن هذه القرينة بسيطة يمكن إثبات عكسها. وتقضي م.477 ق.م. أنه في حالة تسليم العين المؤجرة من قبل المؤجر في حالة لا تكون فيها صالحة للاستعمال ومختلفة عن الغرض المقصود من الشيء المؤجر حسب اتفاق أطراف العقد أو يختلف عن طبيعة الشيء فانه يجوز للمستأجر أن يطلب فسخ عقد الإيجار أو إنقاص بدل الإيجار (وذلك حسب السلطة التقديرية للقاضي). وبقدر ما نقص من الاستعمال مع التعويض عن الضرر في الحالتين إذا اقتضى الأمر، فهي مسألة موضوعية للقاضي الناظر في النزاع المطروح أمامه حول عدم التزام المؤجر تسليم العين المؤجرة صالحة للاستعمال.
• كيفية التسليم وزمانه ومكانه ونفقاته.
لقد أحال المشرع الالتزام بالتسليم بعقد الإيجار إلى أحكام الالتزام بتسليم المبيع. (م.478 ق.م.). وعليه فان التسليم إما أن يكون حقيقيا وذلك بوضع العين المؤجرة تحت تصرف المستأجر بحيث يستطيع حيازتها دون عائق مثل تسليم مفاتيح المنزل المستأجر أو إخلاؤه للمستأجر السابق ومنقولاته (تسليم حقيقي). وقد يكون التسليم حكميا إذ يكتفي أن يكون بتصرف قانوني كأن يبقى المستأجر حائزا للعين المؤجرة ولكن بصفة أخرى كمستأجر من الباطن أو المستأجر الفرعي. أو يكون مستعيرا للشيء مثلا، لو اشترطنا أن هناك عقد إيجار ما بين مؤجر (أ) ومستأجر (ب) وقام هذا الأخير بتأجير العين المؤجرة إلى(ج) هناك عقدين إيجار، وانتهى عقد الإيجار ل (ب) وقام المؤجر الأصلي بتأجير العين المؤجرة إلى (ج) فنقول أنه قد تسلم له العين المؤجرة تسليما حكميا لأنه كان موجود بها من قبل بصفته مستأجر فرعي.
ويفهم من م.476 في فقرتها الأخيرة أن التسليم يتم بحصول المستأجر على محضر جرد أو بيان وصفي، ويعتبر التسليم قد تم بتوقيع المستأجر على محضر الاستلام. وفي حالة امتناع أحد الأطراف عن هذا الإجراء يلجأ طرف آخر إلى القاضي ليصدر أمرا بتعيين خبير يتم محضر الجرد أو الوصفي أمامه وأما عن نفقات عمل المحضر فانه يكون على عاتق المؤجر لأن التسليم هو التزام في ذمته أو على عاتقه.
وأما عن زمن التسليم فانه طبقا للقواعد العامة يخضع إلى اتفاق المتعاقدين، فإذا تخلف الاتفاق فيرجع إلى العرف ويجري العرف على أن يكون وقت التسليم للسكنات في أول الشهر التالي لتوقيع العقد. أما بالنسبة لتسليم الأراضي الزراعية فيكون في أول السنة الزراعية التي تبدأ عادة في بداية سبتمبر من كل سنة. فإذا تخلف الاتفاق أو العرف فان التسليم يكون واجبا بعد انعقاد العقد مباشرة. وإذا تأخر تسليم العين المؤجرة لا يلتزم المستأجر بدفعه بدل الإيجار عن مدة التأخير، لأن بدل الإيجار تقابل المنفعة.
ويجوز للمؤجر الامتناع عن التسليم إذا كانت الأجرة واجبة الدفع مقدما أو معجلا (تسبيق) ولم يقم المستأجر بدفعها، ويعتبر امتناع المؤجر عن التسليم تطبيقا للقواعد العامة في حبس الشيء وكذلك الدفع بعدم التنفيذ.
وأما عن مكان التسليم فالأصل في تحديده يعود إلى اتفاق المتعاقدين، وإذا تخلف الاتفاق فان كان الشيء معينا بالذات فان تسليمه يكون في مكان وجود موطن إبرام العقد. فمثلا إذا كانت العين المؤجرة عقارا فيخضع التسليم إلى مكان وجوده. وأما إذا كان منقولا يفترض وجوده في موطن مالكه وهو المؤجر أو في موطنه الخاص وهو مكان وجود مركز أعماله إذا تعلق الإيجار بهذه الأعمال.
و أما عن نفقات التسليم، تكون على المدين ما لم يكن هناك اتفاق يقضي بخلاف ذلك والمدين في عقد الإيجار هو المؤجر وهو المدين بالتسليم. و من هذه النفقات إرسال مفاتيح السكن أو نفقات إزالة العوائق بالعين المؤجرة، ومنع التعرض كرفع دعوى إخلاء المستأجر السابق للعين المؤجرة. و لكن نفقات التسلم وهي غير نفقات التسليم لا يتحملها المؤجر بل المستأجر مثل نفقات انتقال المستأجر إلى مكان التسليم لأن التسلم واجب على المستأجر.