[منصور09]

دور المجتمع في إفساد المسؤول

في كثير من الأحيان نعلق في مجالسنا الخاصة عن "مظاهر الفخامة والوجاهة" التي يحاول كل المسؤولين " وأشباه المسؤولين" وبعض الشخصيات العامة إحاطة أنفسهم بها حقيقة او افتعالا مثل السيارة الفارهة واللباس الفاخر والأثاث الباهظ وتكاليف الضيافة مع علمنا المسبق أن مرتباتهم لاتسمح بكل ذلك والمورد الاساسي إنما هو من الخزينة العامة أو من الاكراميات والرشوة المقدمة لهم .

و ننسى في أحيان كثيرة أن هذا التوجه نحو "الفساد" تشجعه وبكل أسف قناعات اجتماعية تؤمن بأن المسؤول الذي "يملأ موقعه" لا بد له من إظهار جميع أشكال السلطة والنفوذ والفخامة حتى يكون مسؤولا محترما وصاحب هيبة.

مجتمعنا بشكل أساسي حساس للنقد، لا يحب أن يكتب عنه أو يوجه اليه اي اتهام أو رأي يضعه مسؤولا على ترسيخ هذه الافكار والقناعات ،فهو يعتقد أن كل النقد يجب أن يوجه للمسؤولين ، ولكن الواقع يثبت أن هناك شعورا ينتاب الجميع بأهمية مظاهر الترف والبذح والترفع لدى المسؤول.

فإذا كان الوزير أوالنائب أو الوالي او المدير مثلا من النوع الذي يتجاوز القوانين من أجل تسهيل توظيف الأقارب والأصدقاء والمعارف ، وتوظيف المال العام لخدمه مصالحه أو مظاهره الاجتماعية فإنه يحظى بتقدير لدى المجتمع يتراوح ما بين الإيمان بقدرته وقوته في "إتخاذ القرار" وما بين الرغبة في تحاشي غضبه المؤلم لأن "يديه طويلة".

في المقابل فإن أي مسؤول لا يلتزم بأسس الإدارة المهنية في مقاومة الضغوطات والتركيز على الكفاءات والظهور بسمات التواضع يعتبر عادة مسؤولا ضعيفا ومترددا لا يستطيع أن يحقق "الخير لأهله فكيف يحقق الخير للآخرين".

و بالرغم من كل ما يقال حول ضرورة المساءلة والمحاسبة للمسؤولين فإن الطوابير التي تطارد المسؤولين للوساطات ، ومئات الطلبات للتوظيف المقدمة لهم تؤكد بأن القناعة التامة هي في العلاقات الشخصية والحصول على الامتيازات التي يمكن أن يوفرها المسؤول "القوي القادر على تحقيق ما يريد".

وفي نفس الوقت فإن المنصب الحكومي أو العام ومكتسباته تعتبر هوية اجتماعية أساسية للمرء وبدونها يفقد الكثير من هيبته.

في مجتمعنا يعتبر أن الشخصية العامة القوية هي التي تستمتع بمكتسبات كثيرة ومرافق عديدة بدون وجه حق .. وهنا يبدأ المبرر الأساسي للفساد وسوء استغلال المال العام.