منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الزريبة قصة قصيرة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-09-27, 11:27   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عيسى بن محمود
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي الزريبة قصة قصيرة

ألقى بجيبه الأيسر ما تملكت يمينه من تمر, جيبه الأيمن لم يعد صالحا للاستعمال بعد الترقيع الرابع عشر ’ كلما نصبت حاكمية جديدة عمل على ترقيعه حتى أضحى معرضا لكل أنواع و ألوان الخيوط ’ من خشن داكن إلى حريري باهت إلى صوفي فاقع.
أصدر أمره لشويهاته بمغادرة الزريبة ’ تسابقت تجاه المخرج’ التيس أبيض اللحية كان سباقا ’ قفز على موضع متهاو من الشباك مستعرضا خفة حركته أمام العنزة المتبقية من ارث الجد ’ عمرت طويلا و أرضعت أجيالا من العنز و البشر على حد سواء.
دفع بعصاه في حركة بطيئة جيئة و ذهابا ليبعد شياهه عن محمية القرية ’ كانت في البدء الذي يؤرخ به ملكا عاما مشاعا ما لبث السكان يجزؤونها إلى قطع صغيرة ’ لكل أسرة من القرية موقعا فيه أخلاط من النبات صنوان و غير صنوان غير أن ما يوحد المنظر بهاته المحمية نبات الصبار ’ أهل القرية يحبون الأمور التي تأتي بعد لأي’ يحبون هذا التين الشوكي , ربما لأن ثماره تدافع عن نفسها بمئات بل ألاف الأشواك’ لن يتأتى لك تناول حبة التين الشوكي دون عناء.
بين الزريبة و الزريبة يكدس السدرحواجز تمنع المرور من زريبة لأخرى’ عددها بعدد أسر القرية ’ الإمام وحده المبعد من التملك بالمحمية ’ ربما لأنه غريب أتى من وراء المدى الذي يبصره أهالي القرية المبصرون جدا و ربما لأن الإمام الوحيد الذي يأتيه رزقه دون جهد ’ الكل يتقرب إليه بالملموس و المحسوس .
أعاد توجيه شياهه بعصاه و راح يتذكر محاولته مع الإمام في أن يجيز له ذبح شاة ماتت من جراء تناولها كيسا من بلاستيك جيد , يتذكر الكيس جيدا فقد كان ينوي جعله جرابا.
أفتى الإمام بعدم جواز أكل لحم الميتة و هدد بإستطلاع الأمر بعد عودته من زيارة سيقوم بها لـ-فوق- على حد قوله:
- بعد عودتي من الـ-فوق- سأسأل أهل القرية , و إياك إياك إن أخبروني أنك خالفت الشرع..
أستغفر الله..أستغفر الله أن أخالف الشرع فقد كنت أنوي أن أعطيه الفخذ لو أفتى لي بذبحها ’ يقول لنا دائما أن الفخذ من حق الإمام و أن لنا شحومها و لحومها.
صوته الآن يرتفع’ الوقت ضحى ’ لم يزد عن تكبيرتين ’ معنى ذلك أنه يدعو صيام القرية إلى اجتماع طارئ ’ لا يحضر هاته الأمور الهامة إلا من يتوجب عليه الصوم ’ يلف له الإمام خيطا على زنده ثم رقبته و يعلن دخوله عالم الصيام ’ يحق له حضور اجتماعات القرية و يدفع صاعين من الشعير أو صاعا من القمح للإمام.
يمد عصاه مبعدا غنمه عن زريبة من الزرايب التي أصبحت تنبت كل يوم ’ يرفع بصره تجاه الجمع و قد بدؤا يغادرون على عجل ’ الكثير من الماشية تخرج من كل مكان و حدها الوجهة ترتجف ’ حاول أن يسأل ’ الكل يسوق غنمه على عجل ’ أمسك بتلابيب أحد الجيران:
- ماذا حدث ؟ إلى أين أنتم مغادرون بالغنم؟
في عجلة يجيبه:
- لقد قرر الإمام استباحة الزرايب ’ قال : لا زريبة بعد اليوم , يجب أن تكون زريبة القرية مرتعا لغنم الجميع.









 


رد مع اقتباس