بعد عشرية كاملة تقريبا من ادماج الدفعات الاولى من المجازين في قطاع التربية و بعد الحملة الكبيرة التي وجهت ضدهم ..
ماذا جناه هؤلاء الاساتذة اكثر من غيرهم ؟
الكل يعلم ان تسمية استاذ مجاز لم تدخل كمصطلح فعلي الى التعليم الا في التسعينات او بالاحرى في عز العشرية السوداء اين كانت فرص العمل منعدمة في كل القطاعات و كانت الجزائر جحيما لا يطاق بفعل الازمة و سنين النار ...
في ذلك الوقت سجل قطاع التربية القطاع الضخم و الحساس عجزا كبيرا مما دفع بالمسؤولين في ذلك الوقت الى الاستعانة بخريجي الجامعيين لسد هذا النقص و ابرام اتفاق غير رسمي بين الوزارة و بين هاته الفئة مفاده انتشالهم من البطالة المتفشية في ذلك الوقت و بالمقابل تنازلهم عن شهاداتهم الجامعية الى حين تسوى وضعية البلاد و القطاع ..خاصة و ان الكثير منهم خريجو مدارس عليا متعاقدة مع وزارة التربية على توظيف خريجيها في الثانويات و المتقنات
و كان مفترق الطرق الاول في تاريخ الجزائر عند ابواب الجامعة لهؤلاء الجامعيين ..اذ المحظوظ منهم توجه نحو الثانوية او المتقنة اين الشهادة شيئ عادي و قديم و يمتلكه الجميع .. ليندمج في مكانه المناسب بل و يذوب دون ان يشعر به احد او يتحسس لقدومه احد
اما قليلو الحظ فانطلقوا سذاجة ينطبق عليهم قول المغني لو كنت اعلم خاتمتي ما كنت بدأت الى الابتدائيات و المتوسطات .
و لم يتوقع احد مدى البلبلة و الانشقاق الذي سيحدثه ذلك في هاته الاوساط ...اين تنعدم الشهادة الجامعية تماما ..ليبدأ عناء هاته الفئة و صراعها مع الاسرة التربوية جميعها و التي احست بخطر هؤلاء الجامعيون الجدد و احست بتخلي الوزارة عن خدمات الاستاذ و المعلم ..
و بدل من مواجهة المشكل حينها و طرحه لمعالجته فضل قطاع التربية الشهير بالظلامية و عدم مواجهة المسؤولين الانتقام مباشرة من هذا الاستاذ المجاز و على مدى عشرية كاملة او اكثر
و اولى البدايات كانت التشهير و محاولة تقزيم هذا الاستاذ المجاز امام المجتمع و امام المسؤولين لقطع الطريق امامه مبكرا ..و ذلك من المعلمين و الاساتذة الى المدراء و المفتشين الى مدراء التربية الذين لم يفوتوا ادنى فرصة تتاح لهم للنيل من الشهادة الجامعية و حاملها و الاستهزاء منه و منها..
و تطبيق قوانين التعليم عليه كاملة و بحذافرها مستثنية منها ابناء القطاع الذين اتحدوا تضامنا و لاول مرة للتصدي لهذا القادم الغريب
بعدها و باقتراب تعديل القانون الاساسي كان لابد لوضع حد والى الابد لهؤلاء الاطفال المدللين الذين يحملون افتك سلاح وهو الشهادة الجامعية و كان لابد من تذكيرالوزارة ان تميز بين الابن الشرعي و الابن اللاشرعي في قطاعها و بالفعل تم ابطال مفعول هذا السلاح الخطير و تضييع زهرة شباب الكثير من هؤلاء الجامعيين الذين ارجع والى الصفر و ندم الكثير منهم على دخوله الجامعة و الالتحاق بها بل و اصبح زملاءهم الذين التحقوا بالتدريس في سن مبكرة قبلهم و هجروا الجامعة احسن منهم بكثير
هنا كان الصراع بين الاقدمية او الشهادة و بالطبع كانت الافضلية للاقدمية و بامتياز و لم يعطى لحامل الشهادة سوى وسام شرفي اسمه السلم 12 فارغ من معناه الفعلي و اعطيت الاقدمية بالمقابل سلما اقل لكنه احسن بفعل سنين الاقدمية التي اصبح سعرها خيالي و قيمة الشهادة التي لم يعد لها سعرا و لا سنين الجامعة التي اختزلت من المعادلة مما جعل الكثير من هؤلاء الجامعيون يكرهون تصنيفهم ذلك و الذين عاملتهم فيه الوزارة كالطفل الذي يعطى الغلاف البراق للعلبة الفارغة كي لا يغضب...
و مع ذلك فان ذلك لم يكن ليرضي اسرة الابتدائيات و الاكماليات و التي لم ترتح و لم تزل تشكك في نوايا الوزارة مما دفع بهذه الاخيرة الى مسح كلمة مجاز نهائيا و اضفاء اسم استاذ على الجميع و لما علمت ان الاسماء لا ترضي ابناءها الشرعيين و الحساسين بادرت و في محاولة بائسة منها فتح تكوين صوري حتى تساوي بين الجامعيين و بين ابنائها غافرة لهم تجاوزاتهم الخطيرة فيه و متحملة انتقادات القطاعات الاخرى و سخرية المجتمع
لا لشيئ الا لترضي هؤلاء المتذمرين الذين استكثروا حتى غلاف اللعبة التي اعطتها الوزارة لهذا الاستاذ المجاز ...
و ما ان انتهت الوزارة من ذلك حتى بدأت الاصوات تتعالى مشككة مرة اخرى في الترقية و التاهيل رغم ان الوزارة لم تغفل ذلك اذ جعلت من الاقدمية المفقودة عند هذا الاستاذ المجاز شرطا اساسيا و تعجيزيا له اذا اراد ان يزاحم فيها ابناؤها الشرعيون و بالمقابل لم تجعل من الشهادة التي يملكها شرطا ضروريا و اساسيا للتاهيل و الترقية الا بالقدر الذي لا تفتضح فيه امام القطاعات الاخرى و لتبقى ملمعة لوجهها امام الاخرين .....
و لا تزال اصبع الاتهام موجهة نحو هذا المجاز بعد مضي عشرية كاملة تم فيها قص اجنحته و جعله يكره شهادته و يتعرف عن قرب عن تعفن قطاع باكمله و عن وزارة تحاول قدر الامكان ستر هذا التعفن ...و الله يستر من السنين القادمة و ما تخبؤه اسرة الابتدائيات و الاكماليات لهذا الاستاذ المجاز ...
.الذي لا يزال يذكر مفترق الطرق الذي ودع فيه زميله الذي ذهب الى الثانوية معززا مكرما لا احد ينعته باصبع الاتهام و لا احد يضربه في الظهر و لا احد يشهر به امام الاخرين ..