السلام عليكم
و بعد:
(( أطلبوا العلم طلبا لا لتماروا به السفهاء و لا لتجاروا به العلماء و لا لتخيروا به المجالس فمن فعل ذلك النار النار)) الحديث
كان يكفيك يا صحاب الموضوع ان تسفر عن حجتك و تظهر ما تحت جناحك و تبتعد عما اقدمت عليه و لكن يمنعنا من اسلوبك الحديث
ثم بعد:
و اما دنتنتك حول التفويض على عادتك التي نبهتك عليها و هي تمسكك بالكلام المجمل الذي يحتمل الحق و الباطل
فلتعلم ان التفويض يطلق و يراد به معنيين بحسب قائله
فقد اطلقه سائر اهل الكلام و الفرق و ارادوا به تفويض الكيفية و المعنى جميعا و هذا هو الذي انكره شيخ الاسلام غاية الانكار و قالوا انه من اخبث المذاهب و اشرها بل انه يفتح الباب امام الزنادقة في تأويل القرأن و تحريفه.
و اما المذهب الثاني او المعنى الثاني فهو تفويض الكيفية و اثبات المعنى (كما ذكره أخوتي قبلي ) و هذا معنى حق و مذهب صحيح و هو مذهب اهل السنة و الجماعة فهم يثبتوت صفات الله و يؤولون معانيها اي يفسرونها و لكن يفوضون كيفيتها فكان من قواعدهم (( الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات)) اي كما اننا نوفض حقيقة ذات الرب فكذلك نفوض حقيقة كيفية الصفات.
و الامام الحنفي الطحاوي اراد بالتفويض تفويض الكيفية لا تفويض المعنى و هذا يعرف بأمور ظاهرة لا تخفى إلا على مكابر
1- هذا تمام قول الطحاوي و هو ليس كما نقله الصاحب ناقصا مسقطا ((نمرها كما جاءت ونؤمن بها ولا نقول كيف وكيف)) فالطحاوي قد نفى العلم بالكيفية و السؤال عنها و اثبت ايمانه بالصفات و الإيمان بها لا يتم إلا بالمعنى و هو الوجه الثاني.
2- أنه قال (( نمرها كما جاءت ونؤمن بها) و هل يمكن ان نؤمن بأمر لم نعرف معناه ..؟؟ فقوله نؤمن بها رد على من زعم انه يفوض المعنى لاستحالة الايمان بما لم يعرف معناه...
3- إن كان هذا الكلام من الطحاوي مجمل و قد ضاقت عقولنا عن فهمه وجب رده باللمحكم المفسر و هو ما ذكره في عقيدته فأنه أثبت الصفات و فسرها على مذهب اهل السنة فقد اثبت النزول و الاستواء و الكلام و و قال: (( و نقول أن الله اتخذ ابراهيم خليلا و كلم موسى تكليما ايمانا و تصديققا و تسليما) و قال: (و لا نجادل في القرآن و نشهد أنه كلام الله) و اثبت جميع الصفات التي يثبتها اهل السنة كما هي مبينة في متن الطحاوية
[فمذهب اهل السنة رد المتشابه الى المحكم و مذهب سائر اهل الضلال رد المحكم الى المتشابه]
4- كلام الشراح على عقيدة الطحاوي و ما قاله ابن ابي العز فراجعه ان كنت باحثا عن الحق.
5- قول الإمام مالك و هو شبيه قول الامام الطحاوي حيث قال: الاستواء معلوم و الكيف مجهول و الإيمان به واجب و السؤال عنه بدعة
فليعرض كل منصف كلام الطحاوي على كلام مالك فانه خرج من مشكاة واحد ثم لينظر بماذا ينقلب اليه فكره
و هذا رد مختصر و اشارات نافعة لما ارادها و الأخوة قد قاموا بما يجب فجزاهم الله عنا خيرا فردا فردا
و السلام و اقول لك مقولة مالك (أني على بينة من امر ديني، فبحث عن شاك مثلك فجادله))