منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - نسب زناتة
الموضوع: نسب زناتة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-05-26, 13:14   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
محمد البوخاري
نسابة خبير
 
إحصائية العضو










افتراضي مواصلة الموضوع

فصل في تسمية زناتة ومبني هذه الكلمة:
أعلم أن كثيراً من الناس يبحثون عن مبنى هذه الكلمة واشتقاقها على ما ليس معروفاً للعرب ولا لأهل الجيل أنفسهم فيقال: هو إسم وضعته العرب على هذا الجيل، ويقال: بل الجيل وضعوه لأنفسهم أو اصطلحوا عليه. ويقال: هو زانا بن جانا فيزيدون في النسب شيئاً لم تذكره النسّابة. وقد يقال إنه مشتق ولا يعلم في لسان العرب أصل مستعمل من الأسماء يشتمل على حروفه المادية. وربّمَا يحاول بعض الجهلة اشتقاقه من لفظ الزنا، ويعضده بحكاية خسيسة يدفعها الحق، وهذه الأقوال كلّها ذهاب إلى أنّ العرب وضعت لكل شيء إسماً، وأنّ استعمالها إنّما هو لأوضاعها التي من لغتها ارتجالاً واشتقاقاً. وهذا إنّما هو في الأكثر، وإلاّ فالعرب قد استعملت كثيراً من غير لغتها في مسمّاه إمّا لكونه عَلَماً فلا يغير مثل: إبراهيم ويوسف من اللغة العبرانية، وإمّا استعانة وتخفيفاً لتداوله بين الألسنة كاللجام والديباج والزنجبيل والنيروز والياسمين والأجرّ، فتصير باستعمال العرب كأنها من أوضاعهم. ويسمّونها المعرّبة، وقد يغّيرونها بعض التغيير في الحركات أو في الحروف، وهو شائع لهم لأنه بمنزلة وضع جديد.
وقد يكون الحرف من الكلمة ليس من حروف لغتهم فيبدّلونه بما يقرب منه في المخرج، فإن مخارج الحروف كثيرة منضبطة، وإنّما نطقت العرب منها بالثمانية والعشرين حروف أبجد. وبين كل مخرجين منها حروف أكثر من واحد فمنها ما نطقت به الأمم، ومنها ما لم تنطق به، ومنها ما نطق به بعض العرب كما هو مذكور في كتب أهل اللسان. وإذا تقرّر ذلك فاعلم أن أصل هذه اللفظة التي هي زناتة من صيغة جانا التي هي اسم أبي الجيل كله، وهو جانا بن يحيى المذكور في نسبهم. وهم إذا أرادوا الجنس في التعميم الحقوا بالاسم المفرد تاء فقالوا جانات. وإذا أرادوا التعميم زادوا مع التاء نونا فصار جاناتن. ونطقهم بهذه الجيم ليس من مخرج الجيم عند العرب، بل ينطقون بها بين الجيم والشين وأميل إلى السين. ويقرب للسمع منها بعض الصفير فأبدلوها زاياً
محضة لاتصال مخرج الزاي بالسين، فصارت زانات لفظاً مفرداً دالاً على الجنس. ثم ألحقوا به هاء النسبة وحذفوا الألف التي بعد الزاي تخفيفاً لكثرة دورانه على الألسنة. والله أعلم.
فصل في أولية هذا الجيل وطبقاته:
أمّا أولية هذا الجيل بإفريقية والمغرب فهي مساوية لأولية البربر منذ أحقاب متطاولة لا يعلم مبدأها إلاّ الله تعالى، ولهم شعوب أكثر من أن تحصى مثل مغراوة وبني يفرن وجراوة وبني يرنيان ووجد يجن وغمرة وبني ويجفش وواسين وبني تيغرست وبني مرين وتوجين وبني عبد الواد وبني راشد وبني برزال وبني ورنيد وبني زنداك وغيرهم. وفي كل واحد من هذه الشعوب بطون متعدّدة. وكانت مواطن هذا الجيل من لدن جهات طرابلس إلى جبل أوراس والزاب إلى قبلة تِلْمِسَانِ، ثم إلى وادي مَلَويّة. وكان الكثرة والرياسة فيهم قبل الإسلام لجراوة ثم لمغراوة وبني يفرن.
ولما ملك الإفرنجة بلاد البربر ودانوا لهم بدين النصرانية ونزلوا الأمصار بالسواحل، وكان زناتة هؤلاء وسائر البربر في ضواحيهم؛ صاروا يؤدون لهم طاعة معروفة وخراجا معروفا مؤقتا، ويعسكرون معهم في حروبهم ويمتنعون عليهم فيما سوى ذلك حتى جاء الله بالإسلام، وزحف المسلمون إلى أفريقية، وملك الإفرنجة بها يومئذ جرجير، فظاهره زناتة والبربر على شأنه مع المسلمين وانفضّوا جميعاً. وقتل جرير وأصبحت أموالهم مغانم ونساؤهم سبايا، وافتتحت سبيطلة. ثم عاود المسلمون غزو أفريقية: وافتتحوا جلولاء وغيرها من الأمصار، ورجع الإفرنجة الذين كانوا يملكونهم على أعقابهم إلى مواطنهم وراء البحر. وظنّ البربر بأنفسهم مقاومة العرب؛ فاجتمعوا وتمسّكوا بحصون الجبال. واجتمعت زناتة إلى الكاهنة وقومها جراوة بجبل أوراس حسبما نذكر، فأثخن العرب فيهم واتبعوهم في الضواحي والجبال والقفار حتى دخلوا في دين الإسلام طوعاً وكرهاً، وانقادوا إلى إيالة مِصْرَ، وتولّوا من أمرهم ما كان الإفرنجة يتولونه. حتى إذا انحلت بالمغرب عرى الملك العربي وأخرجهم من أفريقية البربر من كتامة وغيرهم، قدح هذا الجيل الزناتي زناد الملك فأورى لهم، وتداول فيهم الملك جيلاً بعد جيل في طبقتين حسبما نقصّه عليك إن شاء الله تعالى.










رد مع اقتباس