منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التصوّف في ميزان الوحي والفقه
عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-12-24, 12:13   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
غريب الاثري
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

3) والغزالي وابن عربي- كما سبق- هما أعلم وأشهر المتصّوفة، والمتأخّرون منهم عالةُ عليهما بل لا يُحْسِنُون الأخذ عنهما ولا يطمحون إلى درجاتهما الدّنيا.

د.محمد بن علوي المالكي، درّس في جامعة أمّ القرى وفي المسجد الحرام ثم بدا له أنه يُظْهر ما كان يُخْفي من معتقده ومنهجه الصّوفي ويترك طريق العلماء؛

- حتى سمّاه زميله د.سفر الحوالي هداه الله (مجدد رملة عمرو بن لحيّ) عنوان رسالته له في الردّ على المالكي، لأنه أوّل من اعتدى على حِمَى التوحيد في بلاد التّوحيد.

- وقال عنه ابن عمه الشيخ سمير المالكي أثابه الله في ردّه على محمد بن علوي بعنوان (جلاء البصائر): (عَمِد إلى أصل هذا الدّين ورَأْسه وهو توحيد الله بنوعيه الخبر والطّلب فَنَقضَه ودكّ بنيانه من أساسه، وافترى على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى الملائكة الكرام الكاتبين، واجترأ على الكتاب العزيز فحّرف الكَلِم عن مواضعه واعترض على أحكامه)، وخصّ بكتابه هذا الرّدّ على طامات ابن عمِّه في (الذخائر المحمدية)، و(شفاء الفؤاد) مثل:

- لا ملجاً ولا منجى لابن علوي إلا النّبي صلى الله عليه وسلم مخالفاً ما ثبت من دعائه الله تعالى: «اللهم لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك»؛ يقول ابن علوي الصّوفي:

(يا سيدي يا رسول الله خُذْ بيدي مالي سواك لا ألوي على أحد) الشفاء ص 203
(فأقِلْ عِثار عُبَيْدك الداعي الذي يرجوك إذ راجيك غيرمُخَيَّب) الشفاء ص 212
واكتب له ولوالديه براءة من حرِّ نار جهنّم المتلهّب
(فالآن ليس سوى قبر حَلَلْتَ به منجي الطريد وملجا كلّمتصم) الشفاء ص 114

والله تعالى يقول: {قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً} [الجن: 22].

(عجّل بإذهاب الذي أشتكي فإن تَوَقَّفْتَ فَمَنْ ذا أسأل)؟الذخائر 158

وعلى هذا المنوال أَخَذَ ما خصّ الله به نفسَه فجعله للنبي صلى الله عليه وسلم؛ يقول ابن علوي لنبّينا صلى الله عليه وسلم:

(كلما لُحْت للملائك خرّوا في السّموات سجّداً وبكيّا)

والله تعالى يقول: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً} [مريم: 58].

ويقول ابن علوي لنبيّنا صلى الله عليه وسلم:

)ومدَدْتَ الأكوان شرقاً وغرباً مَدَداً في كيانهاكلّيّا(

والله تعالى يقول: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53].

ويقول الله تعالى عن نفسه: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3].

فيقول ابن علوي لنبيّنا صلى الله عليه وسلم: (السّلام عليك يا أوَّل، والسّلام عليك يا آخِر، والسّلام عليك يا ظاهر، السّلام عليك يا باطن) الشفاء ص 120.

ويقول الله تعالى: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 79].

فيقول ابن علوي لنبيّنا صلى الله عليه وسلم: (لك وجهي وجّهت يا أبيض الوجه) الذّخائر ص 166.

ويقول الله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180].

فيقول ابن علوي: (إنّ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم كلّ أسماء الله الحسنى) الشفاء ص 126.

ويقول الله تعالى عن نفسه: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} [الأنعام: 59]؛ وهي الخمْسُ؛ عند أحمد والبخاري وغيرهما.

فيدّعي ابن علوي أن محمداً صلى الله عليه وسلم: (أوتي علم الخَمْس) الذخائر ص 25.

وهذه أمثلة قليلة من ردّ الشيخ سمير المالكي أثابه الله على ابن عمه محمد بن علوي المالكي إضافة إلى ردود كبار العلماء الدّعاة على ضلالات أخرى يصعب حصرها، وقد امتنع إمام المسجد الحرام من الصّلاة علية لأنه لم يُظْهر توبته قبل الموت، فأُخِّرَتْ جنازته إلى الليل حتى تدخل مع جنائز أخر كما كان النّبي صلى الله عليه وسلم يستغفر لأهل البقيع (وفيهم مشركون) ولكنه لا يَعْنِي باستغفاره إلاّ المؤمنين والمسلمين، وهذه نادرة خُصَّ بها ابن علوي لا أعلم أنّها حدثت لغيره ممن لم يُظْهروا ما أظَهره.

4) ومِنْ أحْدَث من دعا إلى بِدَع المتصّوفة (مِنْ عبادة أوثان المقامات والمزارات إلى الاحتفال بالمولد) د.عبد الغفار الشريف هداه الله الذي كان عميداً لإحدى كلّياّت الشريعة، واللقب الدّراسي الغَرْبي وعمادة كلّية الشريعة في بلدٍ عربي لم ترفع مبتدعاً آخَر من حزب الإخوان مستوى جماعة التّبليغ العوامّ: زاروه قبيل ذي الحجة ليكسبوا رضاه (كما تعودوا) فسألوه سؤالاً يعرف جوابه أقلّ الناس علماً (ماذا يُسَتنّ للمضحّي؟) ولما عجز عن الجواب حاول أحدهم أن (يفتح عليه) فقال: هل يُسَنّ له ألاّ يأخذ من شَعْره شيئاً في الأيام العشر، فضحك الدّكتور العميد عجباً من جَهْل السّائل ثم رأى ألاّ يكتم العلم فقال: (الصّحيح أنّه لا يَأخُذ من شَعْر الخروف شيئاً).

- يقول د.عبد الغفار في برنامج (الحياة عبادة) التّلفزيوني: (إذا كان الذي يطوف حول القبر يعبد القبر فالذي يطوف حول الكعبة يعبد الكعبة) ويعجز عن إدراك الفرق بين عبادة عملية شرعها الله في الكتاب والسّنّة وبين عبادة عمليّة وثنية لم يأذن بها الله.

- ويقول دفاعاً عن الأوثان والأنصاب المسمّاة في هذا العصر (مزارت ومقامات) وهي أوثان وأصنام الجاهلية الأولى من قوم نوح كما ذكر البخاري في صحيحه وابن جرير في تفسيره عن أوثان وأصنام قوم نوح في قول الله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} [نوح: 23]: (أولئك أسماء رجال صالحين لما ماتوا أوحى الشيطان إلى مَنْ بعدهم أن ابنوا في مجالسهم أنصاباً، من تفسير ابن عباس ترجمان القرآن)، يقول د.عبد الغفار أغناه الله بالسّنّة عن البدعة:

- (الصّحابة لم يكسروا الأصنام مثل أبي الهول في مصر).

وأبو الهول كان مطموراً في التّراب ولم يُنْبَش إلاّ في العصر الحديث، ولم يُعْبد شيء من الآثار في مصر وبلاد الشام، وإلاّ لأزيل كما ورد عن عمر رضي الله عنه قَطْع شجرة البيعة وليست تمثالاً ولا صورة لما رأى من اتجاه بعض الجاهلين للتّقرّب إلى الله بالصّلاة عندها.

- (النّبي صلى الله عليه وسلم مرّ على مدائن صالح ولم يكسر أصنامها).

ولا يظهر في مدائن صالح إلاّ بيوت الظالمين كما قال الله تعالى عن مثلهم: {لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف: 25]، ومع ذلك منع النّبي صلى الله عليه وسلم أصحابه من الدّخول إليها إلاّ باكين لئلا يصيبهم ما أصابهم، وأمرهم أن يهريقوا الماء الذي استقوه منها ويُلْقُوا العجين الذي عجنوه من مائها أو يعلفوه الدّواب (متفق عليه)، وسار ولاة الأمر في دولة الدعوة إلى منهاج النّبّوة على خُطا الرّسول الأسوة الحسنة فألزموا من سَكَنها من البدو بالرّحيل عنها.

وليس فيها أصنام تُكْسَر كما ظنّ الدكتور العميد سابقاً أو تُعْبد، ولو وُجِدَت الأصنام وخَطَرُ عبادتها (كما يتقرّب كثير من المنتمين للاسلام بأوثان المقامات والمزارات) لكُسِرت كما فُعِل بكلّ الأوثان الحديثة في جزيرة العرب، بل كان اثنان منها صنمين هُدِما في عصر النّبوّة باسم (ذي الخلصة) في تبالة لخثعم وفي زهرانالدوس، ثم قاما بعد فتنة الفاطمّيين فلم يُهْدما إلاّ في الدّولة السّعوديّة الأولى في بداية القرن الثالثٍ عشر وفي الدولة السّعودية الثالثة في منتصف القرن الرّابع عشر تقريباً، وكان النّبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بقيامها قبل قيام السّاعة فيما رواه البخاري ومسلم.

وقد يكون لكلام الدكتور معنًى لو وجّهه إلى ابن لادن والظواهري وطالبان من دعاة الفكر والحركيّة والحزبيّة الذين اهتموا بهدم صنمي بوذا النّائيَيْن المهجورَيْن وأبقوا أوثان المنتميين للإسلام والسّنّة.

- ادّعى د.عبد الغفار أن الله احتفل بولادة النبي صلى الله عليه وسلم بحجّة حديث مرسل وَصفه بالصّحيح عن تخفيف العذاب عن أبي لهب يوم الاثنين لفرحه بولادة النبي، ولو صحّ الحديث لما قامت به حجّة لأنّه رواية عن مجهول أنه رأى أبا لهب في المنام، ورواية المنام (لو صحّت) لا يحتّج بها في الدّين عامّة فكيف بالعبادات، واعجبْ لصوفيّ يأخذ بحديث ضعيف عن مجهول عن منام ويترك سورة محكمة في القرآن (المسد).

- واحتج د.عبد الغفار بصيام الاثنين وسجود الشكر والقياس على مشروعّية الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، والمتصّوفة والمبتدعة عامّة لا يصومون الاثنين الثابت وإنما يحتفلون بالثاني عشر من ربيع الأول الذي لم يثبت، ولو أطُلِق للمبتدعة (القياس) لأحدثوا كثيراً من العبادات والعقائد شرعاً من الدّين بغير إذن الله.

- ولم يقل د.عبد الغفار: هل فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه أو أحد من فقهاء الأمّة في القرون المفضلة، وهل أمر به النّبي صلى الله عليه وسلم أو أقرّه، وهل أكمل الله الدّين قبل موت النّبي صلى الله عليه وسلم أو لا يزال في حاجة إلى متصّوف ليكمله، وهل يعلم أنّ الاحتفال بالمولد لم يُعْرف قبل الفاطميّين المفسدين؟

- يّدعي د.عبد الغفار أن فتاوى سدّ الذريعة لا تخرج إلاّ من مجتمع منغلق بدوي وأن فتاوى الأريحيّة [بِسَنِّ بل إيجاب العمل بالبدع] تخرج من مجتمع متحضّر.

وإذا كان يعني بالبداوة عدم الاهتمام بمتاع الدّنيا فضلاً عن الآثار والبدع الموصوفة بالإسلامية فقد صدق؛ كان حظّ عصر النّبوة من متاع الدّنيا قليل، وقد شرع بإذن الله سدّ الذرائع فلعن من اتّخذ القبور مساجد، وعدّ من الشرك قول ما شاء الله وشئت ولو كان القائل صحابّياً، وقال لأصحابه ـ إِذْ رغبوا العكوف على الشجرة وتعليق أسلحتهم مثل ما يفعل المشركون بذات أنواط ـ أنّهم قالوا له مثلما قال بنوا إسرائيل لموسى عليه السّلام: {اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138].

أما المجتمعات المتحضرة فكانت وثنيّةً في أكثر أحوالها: الهندوس، والبوذيّون، الفراعنة، اليونانيّون، الرّومان، الصّينيّون، الإنكا، وغيرهم.

وليت المفكرين الإسلاميين يعقلون أنّ الشرع يؤخذ من الوحي بفهم سلف الأمّة في القرون المفضلة لا من المنامات ولا من الفكر ولا من مقاييس عصرية للبداوة والحضارة وإلاّ فيا حسرة على العباد إذا تركوا اليقين وركبوا الظن.

وبعد: فإني أحسن الظن بنيّة أكثر من ذكرْتُ مهما أدركْتُ من سوء أقوالهم وأعمالهم كقول الله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [الكهف: 104]، ولعل الأموات منهم تابوا إلى الله قبل أن يحضرهم الموت، وأرجو الله أن يهدي الأحياء منهم ومن غيرهم ويهديني لأقرب من هذا رشدًا.