السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لندخل في صلب الموضوع مباشرة فقد قلت
اقتباس:
لكن كلامنا ليس عن المجاز في اللغة إنما في القرآن فابن تيمية-حسب علمي- لم يثبت عنه تفسير القرآن أو السنة بالمجاز وكون اللفظ قد يكون مجملا بين حقيقة ومجاز فهذا لا يعني أن ابن تيمية يختار المجاز بل دائما يختار الحقيقة وابن تيمية هنا يتكلم عن غيره وليس عن نفسه فتأمل...
|
اسمع ايها الاخ العزيز الكريم الفاضل انا ايضا ساحيبك حسب علمك
انت وسائر السلفيين تعتقدون ان ابن تيمية لا يقول بالمجاز ولكن في الحقيقة يفعل واستطيع الزامك قولك هنا انه يتكلم عن غيره لان غيره هنا هم الائمة الفضلاء اصحاب المذاهب رضي الله عنهم كما سبقت وان اشرت ان هذا الكتاب اي رفع الملام جاء للرد على الطاعنين فيهم وهو يدعو الى اتباعهم وهو هنا في مقام الدفاع عنهم اي يرتضي اقوالهم لانك كما تعلم فالامام ابن تيمية شديد في الحق ولو راى غيره منهم لرفضه
ولكن لا باس لنعد الى تاويلاته المجازية
نقل عن السلف تاويلات كثيرة صرف فيه اللفظ عن ظاهره ومن ذلك
معية الله وقربه من خلقه
حيث حكى الامام رحمه الله اربعة مذاهب ولكن ارتضى منها واحدا حيث قال((انهم امنوا بجميع ماجاء في الكتاب والسنة من غير تحريف للكلم واثبتوا ان الله فوق سماواته وانه على عرشه بائن من خلقه وهم بائنون منه وهو ايضا مع العباد بعلمه ومع انبيائه واوليائه بالنصر والتاييد والكفاية)) ثم قال ((ان حنبل ابن اسحاق سال الامام ابا عبد الله عن قوله تعالى(الا هو معهم اينما كانوا.....) فقال علمه عالم الغيب والشهادة محيط بكل شيء))
اذن فلفظة المعية والقرب مصروفان عن ظاهرهما والسر في هذا هو نفي المماسة الحسية وغلق الباب على مدعي الحلولية و الاتحاد وهذا عينه مايقوله مجوزوا المجاز في مثل هذه المواضع ويقولون انه لا مسوغ فيهما للكناية لجواز ارادة المعنى الظاهر فيها لكن يجوز فيها المجاز المرسل بكل يسر
اما السورتان الكريمتان البقرة وآل عمران فاليك القول فيهما
فبعد ان قال انهما ياتيان يحاجان عن قارئهما قال انما راد بذلك عمله وهذا تاويل اخر قائم على المجاز مهما اجتهدت انت الاخر في تاويل كلام ابن تيمية رحمه الله لان اصحاب هذه الصنعة او كما يسمون علماء البيان يطلقون على هذه الحالةبالمجاز المرسل وعلاقته سببية حيث ذكر فيها السبب وهو السورتان المقروئتان واراد المسبب وهو الثواب
ضرر الاصنام ونفعها
ففي القران الكريم ايات كثيرة تقرر ان الاصنام وكل معبود من دون الله لاتنفع ولا تضر وفي سورة الحج وردت ايتان اولاهما تنفي النفع والضرر عن الاصنام وهي قوله
((يدعو من دون الله ما لايضره ولاينفعه .ذلك هو الضلال البعيد))
والاخرى تثبت للاصنام ضرا ونفعا من حيث الظاهر وفي قوله تعالى
((يدعو لمن ضره اقرب من نفعه لبئس الولى ولبئس العشير))
والطاعنون في القران قبل عصر الامام وفي عصره ادعوا ان في القران تناقضا...فتصدى علماء قبل الامام للرد عليهم فلما جاء هو تصدى في بصر وبصيرة لوأد الشبهة فذكر دفوع سابقيه ومع موافقته عليها قال انها لم تدفع دعوى التناقض فانبرى لدفعه واصاب كل الاصابة في ذلك
ولم يكتفي بما ذكره الثعلبي والبغوي والزمخشري والسدي لان ماذكروه في الرد على الطاعنين لم يف بالمطلوب
فقال رحمه الله
((المنفي هو فعلهم بقوله[ما لا يضره ولا ينفعه]والمثبت اسم مضاف اليه.فانه لم يقل يضر اكثر مما ينفع بل قال[لمن ضره اقرب من نفعه]والشيء يضاف الى الشيء بادنى ملابسة فلا يجب ان يكون الضر والنفع المضافان من باب اضافة المصدر للفاعل بل قد يضاف المصدر من جهة كونه اسما كما تضاف سائر الاسماء وقد يضاف الى محله وزمانه وسبب حدوثه وان لم يكن فاعلا كقوله با مكر الليل والنهار ولا ريب ان بين المعبود من دون الله وبين ضرر عابديه تعلقا يقتضي الاضافة))
اعلم ان هذا التخريج الذي ذكره الامام هم نفسه الذي يقول به البلاغيون في هذا النص الكريم وفيما ماثله وكل مافي الامر ان البلاغيون يسمونه مجازا اسناديا او حكميا والامام يتوقف عن التسمية والتسمية لا تاثير لها على المسمى سلبا او ايجابا وقد فطن الامام الى ان النسب الاضافية مثل نسب الوقوعية والنسب الايقاعية في العلاقات الاسنادية وكما تعلم ان هذا موضع اتفاق بين البلاغيين في مبحث المجاز الحكمي
كما ان الامام ذكر من علاقات هذا المجاز ثلاثا هي المكانية والزمانية والسببية وطبق علاقة السببية على الاية الكريمة فاجاد واصاب فالضر الواقع على عابدي الاصنام هو فعل الله وحده اما اضافته الى ضمير الصنم فلان الله اضر المشرك بسبب عبادته لمن دونه
وصفوة القول
ان الامام ابن تيمية رحمه الله مقر بالتاويل المجازي وان لم يسمه مجازا وانه اتخذ منه وسيلة للدفاع عن سلامة العقيدة وتبرئة كتاب الله العزيز من المطاعن ورايت كيف استشهد باية مكر الليل والنهار والتنظير بينها وبين الاية الاخرى يدعو لمن ضره يتسق تماما مع مجوزي المجاز من البلاغيين واصوليين ومفسرين
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل