عبد الله نعم هذه أسماء رجال صالحين اتخذها قوم نوح آلهة وتبعهم العرب في ذلك ودليل ذلك ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال } صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد أما ود كانت لكلب بدومة الجندل وأما سواع كانت لهديل وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجوف عند سبإ وأما يعوق فكانت لهمدان وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت{ .
عبد النبي هذا كلام عجيب !
عبد الله ألا أدلك على ما هو أعجب منه أن تعلم أن خاتم الأنبياء محمداً صلى الله عليه وسلم قد أرسله الله إلى قوم يتعبدون ويحجون ويتصدقون ولكنهم يجعلون بعض المخلوقات وسائط بينهم وبين الله يقولون نريد منهم التقرب إلى الله ونريد شفاعتهم عنده مثل الملائكة وعيسى عليه السلام وأناس غيرهم من الصالحين فبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم يجدد لهم دين أبيهم إبراهيم عليه السلام ويخبرهم أن هذا التقرب والاعتقاد محض حق لله لا يصلح منه شيء لغير الله فهو الخالق وحده لا شريك له والذي لا يرزق إلا هو وجميع السماوات السبع ومن فيهن والأرضين السبع ومن فيهن كلهم عبيده وتحت تصرفه وقهره بل حتى الآلهة التي كانوا يعبدونها يعترفون أنها تحت ملكه وتصرفه .
عبد النبي هذا كلام خطير وعجيب فهل من دليل عليه؟
عبد الله هناك أدلة كثيرة منها قوله عز وجل "قُل مَن يَرزُقُكُم مِنَ السَّمَآءِ وَالأَرضِ أَمَّن يَمِلكُ السَّمعَ وَالأَبصَرَ وَمَن يُخرِجُ الحَىَّ مِنَ المَيِتِ وَيُخرِجٌ المَيِتِ مِنَ الحَىِّ وَمَن يُدبِرُ الأمَر فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُل أَفَلَا تَتَّقُونَ" وقله عز وجل "قُل لِمَنِ الأَرضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُم تَعلَمُونَ o سَيَقُولُونَ لِلهِ قُل أَفَلَا تَذَكَّرُونَ o قُل مَن رَّبُ السَّمَوَتِ السَّبعِ وَرَبُّ العَرشِ العَظِيم o سَيَقُولُونَ لِلهِ قُل أَقَلَا تَتَّقُونَ o قُل مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيهِ إِن كُنتُم تَعلَمُونَ o سَيَقُولُونَ لِلهِ قُل فَأَنَّى تُسحَرُونَ " وكان المشركون يلبون في الحج بقولهم لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك فاعترف مشركي قريش بأن الله هو المتصرف بالكون أو ما يسمى توحيد الربوبية لم يدخلهم الإسلام وأن قصدهم الملائكة أو الأنبياء أو الأولياء يريدون شفاعتهم والتقرب إلى الله بذلك هو الذي أحل دماءهم وأموالهم ولذا فيجب صرف الدعاء كله لله والنذر كله لله والذبح كله لله والاستعانة كلها بالله وجميع أنواع العبادة كلها لله .
عبد النبي إذا لم يكن التوحيد الذي دعت إله الرسل هو الإقرار بأن الله موجود وهو المتصرف بالكون كما تزعم إذاً فما هو ؟
عبد الله التوحيد الذي دعة إليه الرسل وأبى عن الإقرار به المشركون هو إفراد الله تعالى فلا يصرف شيء من أنواع العبادة لغيره كالدعاء والنذر والذبح والاستغاثة والاستعانة ..إلخ وهذا التوحيد هو قولك لا إله إلا الله فإن الإله عند مشركي قريش هو الذي يقصد لهذه الأمور السابقة الذكر سواء كان ملكاً أو نبياً أو ولياً أو شجراً أو قبراً أو جنياً ولم يريدوا أن الإله هو الخالق الرازق المدبر فإنهم يعلمون أن ذلك لله وحده كما قدمت لك فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله والمراد معناها لا التلفظ بها .
عبد النبي كأنك تريد أن تقولي أن مشركي قريش كانوا أعلم بمعنى لا إله إلا الله من كثير من المسلمين في هذا الزمان .
عبد الله وهذا الواقع وللأسف الشديد فإن الكفار الجهال يعلمون أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة هي أفراد الله بالعبادة والكفر بما يعبد من دون الله والبراءة منه فإنه لم قال لهم قولوا لا إله إلا الله قالوا "أَجَعَلَ الأَلِهَةَ إِلَهاً وَحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيءٌ عُجَابٌ" مع إمانهم بأن الله هو المتصرف بالكون فإذا كان جهال الكفار بل يضن أن ذلك هو التلفظ بحروفها من غير اعتقاد القلب بشيء من المعنى والحاذق منهم يظن أن معناها لا يخلق ولا يرزق إلا الله ولا يدبر الأمر إلا الله فلا خير في رجال يدعون الإسلام وجهال كفار قريش أعلم منهم بمعنى لا إله إلا الله .
عبد النبي لكني لا أشرك بالله بل أشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلاً عن علي والحسين وعبد القادر وغيرهم ولكني مذنب والصالحون لهم جاه عند الله وأطلب الله بجاههم عنده .