5 - ( انـفـــاق أبــى بـكــر الـصـديـــق رضـــي الله عـنـــه )
الـجـــــــزء الـثـانــي
جا في ( أسد الغابة في معرفة الصحابة ) : كان أبو بكر إذا مُدح قال : ( اللهم أنت أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم اللهم أجعلني خيراً مما سظنون واغفر لي مالا يعلمون ولا تؤخذني بما يقولون ) [أسد الغابة(3/332)] رضي الله عنه وأرضاه .
إنه الصديق ... رضي الله عنه ... صاحب الأيادي الخفية في العمل والإنفاق , وإذ لما نزل قوله تعالى (( إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ))
جاء عمر بنصف ماله يحمله إلى رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. على رؤوس الناس , وجاء أبو بكر بماله أجمع يكاد يخفيه من نفسه فقال .. رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ما تركت لأهلك ؟ قال : عدة الله وعدة رسوله .... قال عمر .. رضي الله عنه .. : لأبي بكر بفسي أنت وبأهلي أنت ما استبقنا باب خير قط , إلا سبقتنا إليه . [ أنظر تفسير القرآن العظيم لآبن كثير (1/477) .
وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما بقيت لأهلك ياعمر ؟ قال : مثله , وجاء أبو بكر بكل ما عنده فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ قال :أبقيت لهم الله ورسوله , قلت .. أي عمر : لااسبقه على شيء أبدا )[ رواه الترمذي أنظر تحفة الأحموذي(10/161)] .
هنيئاً لك يا خليفة رسول الله هذا السخاء , وهنيئاً لك أن بعت الدنيا الفانية بالآخرة الباقية (( وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى )) .
هنيئاً لك يا أمير المؤمنين عمر فمن ذا الذي ينفق نصف ماله في هذا الأيام إلا من رحم الله وقليل ما هم .
أما اليــــوم : فلقد أثقل الناس كاهلهم بالأستقطاعات لصالح البنوك والمصارف والشركات والمؤسسات وإذا ما دعينا إلى استقطاع لجمعية خيرية أو مؤسسة تعاونية أبدينا الآهات على تحملنا بالديون وأن النفقات الأساسية لاتكاد تكون , وإن ذلك لمن ضعف إيماننا ويقيننا وفقهنا بأجر الإنفاق في سبيل الله وجهاد المال وبذل لوجه لله تعالى .
والمتأمل في حياة أبي بكر .. رضي الله عنه .. ويجد أنه منذ إسلامه وهو يعود نفسه على إنفاق جميع مالديه وهذه شهادة عروة .. رضي الله عنه .. ينقله لنا هشام بن عروة ليقول : ( أسلم أبو بكر وله أربعون ألفاً فأنفقها في الله واعتق سبعة كلهم يعذب في الله .. وأعتق يلالاً وعامر وبن فهير وزنيرة والنهدية وابنتها وجارية بني مؤمل وأم عبيس ) [ أسد الغابة ( 10 / 161 ) ] .
فسبحان من سخر قلبه وأرضى بالإنفاق نفسه وجعله سجية من سجايا هذا الهمام .. رضي الله عنه .
فمما تقدم من صدق الصدوق وإيمان ونزاهته في المال وحبه للبذل والعطاء يرى الناظر أن أبا بكر .. رضي الله عنه .. كان يتصدق بماله كله خدمة لهذا الدين , وخدمة لرسول الله .. صلى الله عليه وسلم ... بشهادة رسول الله إذ شهد أنه ( لم ينفعه مال ما نفعه مال أبي بكر ) .
فرضي الله عن الصديق إماماً في المنفقين , وألحقنا به في الصالحين الصادقين , ورزقنا قلوباً مؤمنه , وأيد بالأموال منفقة , إنه سميع قريب .
يتبع بإذن الله تعالى