الحمد لله، ما من خاطرة خطرت لي إلا بإذنه، وما من واردة زارتني سوى بأمره، وما من عبارة صادقتني إلا بعلمه. والصلاة على النبي والسلام عليه وآله، وبعد :
منذ أدرجت أختنا " العمر سراب " موضوع المسابقة في قسم الخواطر وأنا أحاول لملمة أفكاري للمشاركة ، لكن التعابير استعصت علي ، والألفاظ هربت مني . وجاء اليوم - كما في كل مرة- من يعيدها، فاخترته موضوعا لخاطرتي للمشاركة في المسابقة .واخترت عنوانا لها : " عناق القلم و طلاق الألم "
عناق القلم و طلاق الألم
أرفع قلمي كعادتي كل ليلة ...
أسود وجه الورقة بآلامي .. وربما بآثامي.
أحكي لها عن الألم والأمل...
أغازلها بقصص اليوم ، بدروس الأمس وربما تصورات المستقبل
أرفع قلمي كعادتي كل ليلة ...
تتناثر الحروف بين يدي ...
تتشكل الكلمات .. أنتقي منها أو أسحب عشوائيا .
كلماتي تتلاصق ، تشكل جملا أفهمها وتفهمني ...
قد يعجب بها الغير ، وقد ينفر منها ...
لكنها جمل تريحني .
أرفع قلمي كل يوم .. أعانق الورق وأضاجع الكتابة ...
في مقابل هذا أحكي عن الألم و أطلق الكآبة ..
كل ليلة تتجدد كتاباتي ، كما تجددت قبلها ألامي .
ومعهما قصة لا تزال حلقاتها متواصلة .
كل ليلة حين تداهمني ألامي ...
أقوم باقتلاعها من الجذور .. أحرقها ..أصنع من الرماد حبرا ...
وبها أحكي عنها كي أستريح ...
لكن شيئا ما يأبى ذلك ... كيف ؟
كل يوم أنسى جذرا ينمو في الغد ..أو تسقط بذرة تصحو في الغد .
إنها الآلام تأبى مغادرتي وتركي وحيدا .. بعد أن تركني كل شيء .
في الغد كما في اليوم والأمس ...
أجتث ألامي ..أحرقها .. أصنع من رمادها حبرا .
وككل مرة ، أنسى الجذر أو تنفلت مني البذرة ...
وتتكرر القصة .
كل ليلة تقريبا ...أحكي
تصوروا كم ورقة كتبت ... عشرات ، مئات ربما أكثر .
كتاباتي لا تمحى ، فكما أودعت قلبي ألامي ولم أبح بها سوى للورق ،
أودع أوراقي بطن صندوق ، ربما لأبوح بها ذات يوم
كما بحت لها عن ألامي .
وربما موتي هو يميط عنها الثام ،
هذا شيء رائع لأن ذكري سيحيا بعد موتي .
كل ليلة تتحالف الآلام مع القلم والورقة ...
حلفها هذا يكون فيه رحيلها ..
لكنها تعلم أن ابنها سيعيش ...
وسيلد إبنا آخر، مصيرهما واحد
لكن دوما الابن يبقى .
...تصوروا حتى اليوم ساعدني الألم في الكتابة ...
لقد عشش في فمي ... وأصدع رأسي
بعد أن اتخذ أحد الأضراس مأواه .
ولولا هذا الألم لما استطعت إكمال خاطرتي ...
فأكملتها - لا طمعا في الفوز أمام كم المبدعين- ...
لكن كي أنسى ألم ضرسي وحقا لقد نسيته .
وربما أفوز - بلا غرور - ولما لا .
نزار علي : السبت 10 شعبان 1430 ه الموافق لـ:1 أوت 2009 م بقسنطينة