قبل الخوض فى هذا الموضوع الذى جلب انتباهى كونى استاذ لهذه اللغة باحدى متوسطات الهضاب العليا الغربية ينبغى علينا تشخيص وضع اللغة الفرنسية فى بلادنا ثم الحكم على نجاحها او فشلها. ومن خلال تجربتى المتواضعة والمقدرة بحوالى 30 سنة فى تدريس هذه اللغة اريد المشاركة برايى لعله ينير لاخوانى الحقائق التى اراها السبب فى فشل و ضعف مستوى ابنائنا. والخص تدخلى فى النقاط التالية:
1- الكل يعرف ان اللغة الفرنسية ليست لغتنا وانما ارث ثقافى استعمارى وليس عيبا وهذا ما جعل الدولة مند الاستقلال تسعى لمحاربتها بكل الوسائل واستبذالها باللغة الوطنية وهذا شىء جميل حيث اصبح التعليم فى بلادنا معربا 100% مع تطبيق المدرسة الاساسية بداية الثمانينات ولكن هل نجح هذا النظام التعليمى يا ترى ? الكل يجمع ان المستوى العام بعد تطبيق هذا القانون تراجع كثيرا واصبحت وزارة التربية تتلقى سنويا انذارات وتوبيخات من منظمة " اليونيسكو "خاصة فى شهادة البكالوريا واصبحت الشهادات الى تمنحها مختلف المدارس والمعاهد الوطنية لا تعترف بها الجامعات الاجنبية وحتى فى الدول الضعيفة والصغيرة.. وهكذا كان التلميذ الضحية الاولى من هذا الاجراء بعد ان كان يستقبل بصدر رحب اينما حل وارتحل ولنا امثلة كثيرة فى هذا الشان وما وجود اطارات عليا فى الجامعات العالمية والمعاهد والمخابر بامريكا واوربا لشاهدة على ذلك.اظن ان هذا المستوى سببه التعريب العام للمدرسة الجزائرية ولا اقول كما يقول البعض اللغة العربية كما انى لست ضد التعريب كما يظهر للبعض.
2- ان المتتبع لتدريس اللغات الاجنبية فى بلادنا يدرك جيدا سياسة وزارة التربية الوطنية التى تنتهجها والتفرقة بينها. فالجزائرى بصفة عامة اصبح ينعت اللغة الفرنسية بانها لغة المستعمر وهذه الاديولوجية عشعشت فى ادهان المواطنين البسطاء خاصة الذين اصبحوا يبحثون عن البذيل والفرار من هذه اللغة التى يرون من خلالها جرائم نابليون وبيجار... ووجدوا امامهم اللغة الانجليزية متجاهلين او متناسيين انها هى الاخرى لغة المستعمر لمنطقة الشرق الاوسط . كما كان اهلها الاعداء الحقيقيين لللامة اللعربية والاسلامية بافتعالهم الدولة العبرية " سرطان المنطقة " . وكنت اعتقد ان كل العرب شرقا وغربا سيقفون بجوار اخوانهم فى فلسطين بغلق ابواب مدارسهم فى وجه هذه اللغة وهذا اضعف الايمان لكن ضعف امتنا جعل منها اللغة " العالمية" كما يدعون انصارها. وبدورى اقول ان هذه اللغة عمرها ما كانت اللغة العالمية بامتيازحسب رايي وليست لغة العلوم والتكنولوجية كما ينعتها البعض ولكن تعتبر لغة الرجلالقوى ( امريكا ) ليس الا. واذا ما قدر للغة اخرى نفس الحظ مثل الكورية واليابانية والصينية ...يومه سننعتها بنفس الصفات ادن العالم اصبح وحيد القطب فلا بد على الجميع اتباعها او التعرض للضغوطات والعدوان. بالله على اصحاب هذه الافكار هل فرنسا القرون 18 و19 و20 تقدمت باللغة الانجليزية اليست اليوم اليوم تعد من الدول المصنعة والمتقدمة فى العالم ? هل اليابان وكوريا والصين ... تتعامل باللغة الانجليزية لنقول ونجزم انها لغة العصر والتكنولوجية ! ?. ادن كل اللغات متساوية فى العلم وما على شعوبها الا النهوض بها كما هو مطلوب من انصار اللغة العربية للرجوع بها الى سابق عهدها لما كان العرب اسيادا والتاريخ البشرى حافل بالعلماء العرب فى كل الميادين.
3- نحن المعلمين والاساتذة نذرك جيدا مستوى هذه اللغة الذى اصبح بالفعل يقلق الاولياء لكن ماذا فعل هولاء لنجدتها سوى القول بانها لغة صعبة او انها ليست للتقدم و العولمة او المطالبة باستبذالها بلغة اخرى . انا اقول لهولاء بكل صدق بالله عليكم ماذا وفرت وزارة التربية لهذه اللغة لتكون فى مرتبة اللغة الانجليزية ? اذهبوا واسالوا المعلمين فى الابتدائى وخاصة الاساتذة فى المتوسط الكل يعلم ان المتوسطات تستقبل سنويا تلاميذ لا يملكون من هذه اللغة الا الاسم بحيث جل التلاميذ يفتقدون ابجديات هذه اللغة ومنهم من لا يعرف حتى اتجاه الكتابة اهى تكتب من اليمين ام من اليسار ناهيك عن مستوى المدرس الابتدائى الذى تسند اليه الاقسام لتدريسها بدون اقتناع بحجة غياب اهل الاختصاص ثارة ولتتمة التوقيت الرسمى ثارة اخرى. كيف بالله عليكم ان ننتظر المستوى اذا كان المعلم نفسه يجهل هذه اللغة بالمعنى الحقيقى للكلمة والمثل الشعبى يقول :" فاقد الشىء لا يعطيه ". اننا فى المتوسط نعانى ونعانى كثيرا من مستوى تلاميد القادمين من الابتدائى وهذا ما يدفعنا فى بداية كل موسم دراسى بوضع برنامج استدراكى ليتمكن هؤلاء التلاميذ من التاقلم مع هذه اللغة " الغول " التى تخيفهم و المتابعة والا يكون ذلك مضيعة للوقت وتصوروا النتيجة النهائية وحكم وزارة التربية القاصى علينا حتى انها تخطط لمعاقبتنا وهذا غير منطقى. واقول لسيادة الوزير " عاقبوا انفسكم قبل ان تعاقبوا غيركم ".
4- ان سياسة وزارة التربية مند اواخر الثمانينات اعطت العناية والقيمة للغة الانجليزية على ظهر اللغة الفرنسية وهذا لارضاء امريكا اولا و الاولياء وانصار التعريب الذين تعشعش فى ادهانهم مقولة " الفرنسية هى لغة المستعمر " ثانيا. ولارضائهم ايضا تعمدت الدولة غلق معاهد التكنولوجية التى ساهمت فى تكوين المعلمين والاساتذة فى هذه المادة والموجودين حاليا فى الميدان والذين اصبحوا اليوم فى سن التقاعد وبالمقابل شجعت التكوين فى اللغة الانجليزية. وبهذه السياسة يتضح جليا للجميع ان سياسة الدولة هى السبب الرئيسى فى تحطيم اللغة الفرنسية.
5- اذا قارنا اللغتين الاجنبيتين الفرنسية والانجليزية فى مدارسنا نجد الفرق واضحا وضوح الشمس بحيث تسند اللغة الفرنسية فى مدارسنا لكل من هب ودب من المعلمين حتى وان غاب المستوى كما اشرت سابقا والدليل على ذلك موجود فى مدارسنا الابتدائية ( متغطوش الشمس بالغربال ) بحيث اكثر من 80% من مدرسى هذه اللغة معربين ولا يملكون القدرة حتى على نطق حروفها سالمة ناهيك عن الكتابة و طرق تدريسها والالمام بها جيدا. اما اللغة الانجليزية فقلما تسند الى غير اهلها وان 96% منهم حاملى اما لشهادة الليسانس فى اللغة الانجليزية والترجمة او ما يعادلها او خريجى المعاهد التكنولوجية للتربية. اليس ذلك مقصودا من المسؤولين يا اخوان احكموا بعقولكم قبل ميولكم !!! .
6- لنرجع الى ايام زمان ونقارن كيف كانت اللغتين فى عهد التعليم العام او الكلاسيكى كما يسمى . لقد كان التلميذ يومه يتقن اللغتين بدون تمييز عند وصوله القسم النهائى وكانت اللغة الفرنسية دائما فى الطليعة لسبب اراه منطقيا وهو ان الجزائر دولة " فرنكوفونية " احببنا ام كرهنا كما هو الشان لاخواننا فى المشرق والخليج العربى بالنسبة للغة الانجليزية فهم " انغلوفون ".وان اللغة العربية فى مجملها تحتوى على اكثر من 30% من المفردات الفرنسية وهذا ما ساهم فى التاقلم مع هذه اللغة قبل اللغات الاجنبية الاخرى. ادن ومن باب المنطق فان اللغة الانجليزية لا تنجح فى الجزائر اذا ما اعطيت للفرنسية نفس القمة والحظوظ ( اتكلم من باب المنطق وبدون عقدة )..
بعد هذا التشخيص للوضعية التى الات اليها اللغة الفرنسية فى بلادنا لا بد علينا كمعلمين واساتذة لهذه اللغة ان نعطى راينا. واقترح الحلول الاتية التى من شانها ان ترفع من هذا المستوى المتدنى الذى يشكوا منه الاساتذة قبل الاولياء. واقترح بعضها التى تظهر لى منطقية بحكم تجربتى المتواضعة فى الميدان وهى كما يلى :
1- بعد ان فشلت وزارة التربية الوطنية فى كل تجاربها مند مطلع 1980 لم يبق عليها اليوم الا ان تستسلم للواقع الذى تعيشه كل مدارسنا حتى اصبح تلامذتنا ينفرون من هذه اللغة كونها " حرام تعلمها " حسب اعتقادات بعض الاولياء. وان تتراجع عن كل سياساتها الفاشلة المستعملة لتدريسها وان ترجع الى المدرسة الكلاسيكية التى تخرج منها كل اطارات الامة الحاليين وان تدخل بعض التعديلات على المناهج والبرامج لتساير العولمة.
2- بعد تطبيق التعريب على ابنائنا 100% والذى لم يعط النتائج المرجوة لحد الان هنا يستوقفنا المنطق قبل كل شىء بعيدا عن " تغنانت " المعروفة عندنا والمشاحنة وهذا بالرجوع الى مدارس التعليم المزدوج كما كان بالامس معمول به سلبقا ويترك الاختيار للاولياء .وهكذا سنحصل على النخبة من المعربين ومن المفرنسين " ولذلك فليتنافس المتنافسون ".
3- على جميع الاولياء والمسؤولين فى قطاع التربية العدل بين جميع اللغات الاجنبية واعطائها نفس الفرص والحظوظ لتفرض وجودها فى الوسط المدرسى ويومه نحكم على اللغة الناجحة والفاشلة.
4- على وزارة التربية الرجوع الى سياسة تكوين المعلمين والاساتذة كما كان معمولا به سابقا وهذا عن طريق المعاهد التكنولوجية للتربية وعدم الاكتفاء بالشهادات الجامعية مهما كانت لان التجربة بينت ان الشهادة لوحدها لا تحل المشكلة ولا تجعل من حاملها المعلم الكفء كما هو سارى المفعول حاليا مع خريجى الجامعات من مجازين... الذين يفتقدون للجانب البيداغوجى والنفسى للطفل.
5- يجب على وزارة التربية ان تتكفل برجالات التربية معنويا وماديا حتى ينشغلون فقطبرسالة التربية دون النظر الى جهات اخرى مغرية ليبقى المعلم والاستاذ مستقران فى اماكن عملهم لان مدارسنا اصبحت مهجورة من الكفاءات ولا يقصدها الا دو الحاجة الى رغيف خبز او عمل يعول به اسرته ولا ينظر اليه من باب القداسة " كاد المعلم ان يكون رسولا " والدليل على ذلك هذه الطريفة : تقدم احد المعلمين الى احدى العائلات لطلب يد ابنتها. فكان جواب الاب : " شدى يا بنتى ايدك بهذا الرجل حتى اجبلك ربى ما خير منه." واسفاااااااااااااااااه هذا هو حال رجل التربية عندنا الذى اذلته الوزارة ومنه اذله المجتمع ككل ولا احد يغار عليه.
6- على وزارة التربية ان تشجع تعليم اللغة الفرنسية بالجنوب حتى لا يقال عنها انها لغة الشمال وهذا بالتكفل بالاساتذة ليرتفع مستواها الذى دائما يقال ان سبب ضعف النتائج فى الامتحانات بالجنوب حسب الوزارة يعود الى اللغات الاجنبية وعلى راسها اللغة الفرنسية. اقول لسيادة وزير التربية ماذا قدمتم لهؤلاء الاساتذة حتى يرتفع المستوى فى هذه المنطقة ? المطلوب ادن التشجيع والوقوف بجانب اخواننا فى الجنوب والمساواة بين تعليم ابنائنا.
اتمنى ان اكون قد وفقت فى تشخيص الداء حسب تجربتى وننتظر من اخواننا المدرسين لهذه اللغة التدخل لافادتنا بارائهم واقتراح الحلول التى من شانها ان تخرج هذه اللغة من عنق الزجاجة لتسترجع مكانتها السابقة وهذا ليس بالمستحيل.
شكرا لجميع المربين فى الجزائر والعالم العربى بصفة خاصة وفى انحاء العالم بشكل عام و حيث ما وجدوا وعودة ميمونة مباركة الى المدرسة قريبا فى صحة جيدة. رمضان كريم ان شاء الله. اللهم اعنا على تادية هذه الرسالة النبيلة بكل اخلاص وثبتنا على العمل الصالح والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.