قلم يتجلّى في هيئتي
ألتمس لجسدي ركنا غريباً بالغرفة ...أجلس بهدوء على حافة (الكنبةِ )المائلة ..
أتّكأ على الوسادةِ بثقل جائع ..
أراقب الصحو والنعاس ..
أتأمّل فوضى ديكور غرفتي :
باب بلا قفل ..
طاولة بأطراف لينّةٍ تقاوم السقوط ..
خزانةٌ عتيقةٌ تحمل أتعابي ..
جدرانٌ صفراء بلون الحجر ..
نافذة صغيرة الأضلع ..متآكلة .
أوراقٌ وعلبُ حبرٍ فارغةٍ تملأ الحصير ..
سقفٌ هشّ ..تطلّ من ثقوبهِ حشرات أليفة ...وأخرى أكثر أُلفة ..
وبين السقف والوسادة ...................." أفكاري "
أبعثرها عبري ..
أمزجها بقصب السقف وقشّ الوسادة ...لأرتكب خاطرة هذا المساء .
**************************************
أنبش بين طيّات الدفتر قلمي ..
نتعانق بعد فراق الأمس الطويل ..
أنزع عنه غطاءه و أكوام الحزن والجوع ..أراقب ريشته البيضاء الحادّة..
لم ياكل شيئا من الورق منذ آخر عشق ..
أتعبه الاختناق مثلي بين صفحات الأوراق المطويّة ..
يهدأ المكان....تُقدّس الأشياء لحظة العناق .
*****************************************
ترتعد النافذة ..
تفاجانا طلّتها بزفرات ريح قوي ..
تتطاير أوراقنا ...تتمسّح الارض والغبار ..
أمد يدي الى مقبض النافذة الصدأ ..أراوغه يُمنة ويُسرة ...يُقاوم قبضتي ......ثم يدور في ثقوبه ويهدأ..
يستريح القلم ...يتناول صفحته البيضاء ...يُبسمل في أدب ورياء ....."بسم الله "
يهضم الكلمات بلا عجل ....
تتوسط لقمته زفرات الريح من جديد ...تهتز لها ريشته ...ترتعش لها جلدتي ..
نتذوقها ..فإذا هي نفس الزفرات ...بنفس الهبوب ونفس الاصرار
نسيت ان النافذة بلا زجاج
وقد حان موسم قطف الجراح ..
******************************************
ترددت في نفسه زلزلة العشق القديم ..
وقف بلا حراك ..
شهق ...تقيأ الحبر من عنقه والكلمات ...
اعتذَر .....................ثم سقط ..
لم يكتب ...غير " بسم الله "
لا تزال الورقة عذراء بلا حروف
لم يحذف بياضها بعد ......لم يكتب شيئا .
****************************************
يتسلقني بياض الورقة ...يستّفز حماسي ..يبتزمني حكمتي
ينتزعني لقبي ..............لابد للقلم ان يستيقظ...لا بد أن أبقى شاعرا
لن استسلم للبياض ...لن ارجوه
أعزم تارة .......أرجع اخرى
أطقطق الانامل ..
أفرك الافكار ...
أحفر عن الذاكرة آلامها ....لاأجد شيئا من الكلمات ..
غابت الذاكرة ...وغابت الأفكار وراءها ..
تباعد القلم واختفى ...أبقى مكان العنوان فارغا بلا عنوان .
*****************************************
الساعات تتسابق ...تعلن انتهاء الليل ...
تفجر دقاتها رؤوسنا ...
تحاصرنا خيوط الفجر من النافذة ...
ينفذ الينا الياس ...
توقضنا زفرات الصباح الباردة .....يستفيق النهار بضوئه الفاضح ...
أصافح القلم على الاستسلام ..
أوقّع على بياضٍ في آخر الورقة....اكتب اسمي وتاريخ نهايته ...
أطوي الصفحة في خجل ..
****************************************
أقف في حزم ...أكنس الأوراق والغبار ....أهش على قلمي .....
أُنظّف الغرفة من بقايا الحبر والكلمات ...
أُرتّب أطباق الفوضى على عجل ....
أُشعل النور ....أبحث عن سترتي ...
أَنطلق الى حاجتي...وفمي يملأه القسم ...
غدا ساشتري القلم ..
وأُلبسُ النافذةَ زجاجها ...
وأُبدّل تاريخ اليوم الى أمل
غدا ....
ساكتب خاطرة ...بطول هذا الزخم ...
غدا ...
سأعبر ...........بقايا هذا القلم ...
انامل سلطان 42