من رحمة الله سبحانه ومن إحسانه إلى عباده أن شرع لهم التوبة وفتح لهم بابها حتى لا يضرهم الذنب فإن من تاب تاب الله عليه, ومن تاب من الذنب فكمن لا ذنب له كما قاله النبي –عليه الصلاة والسلام-. ولو أن العبد لا توبة له لكانت المصيبة عظيمة فمن ذا الذي يسلم من الذنوب ولكن من رحمة الله أن من تاب صادقاً مخلصاً لله تاب الله عليه كما قال الله سبحانه في كتابه العظيم: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) سورة النــور. هذه الآية في سورة النور وقال -عز وجل- في سورة التحريم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ (8) سورة التحريم. الآية. و"عسى" من الله واجبة، والمعنى أن من تاب كفر الله سيئاته وأدخله الجنة, وأفلح كما في الآية السابقة, فالتائب مفلح وله الجنة والكرامة إذا تاب توبة صادقة. والواجب على كل مسلم ومسلمة أن يصدق في التوبة وأن يحرص عليها, وشروطها ثلاثة: الندم على الماضي أن يندم على معصيته التي سلفت منه يحزن عليها، الثاني الإقلاع منها تركها والحذر منها، الثالث العزم الصادق أن لا يعود فيها خوفاً من الله وتعظيماً له وإخلاصاً له -سبحانه وتعالى- هكذا التوبة بهذه الشروط الثلاثة يقال لها شروط ويقال لها أركان للتوبة...............
ومن أسباب التوبة كون المؤمن يكثر من القرآن يتدبر القرآن ويعرف ما وعد الله به العصاة من العقاب الأليم وما وعد به الأتقياء من الخير العظيم ودار الكرامة والنعيم المقيم, يقرأ السنة يسمع الأحاديث يحضر حلقات العلم يحضر مجالس العلم يصحب العلماء والأخيار كل هذه من أسباب التوبة، ومن أسباب التوبة أن يسأل الله ويضرع إليه دائماً يقول: يا رب ارزقني التوبة النصوح, يا رب مُنَّ علي بالتوبة, يا رب اهدنا صراطك المستقيم, يسأل ربه في سجوده, في آخر التحيات قبل السلام, في آخر الليل, في نصف الليل, بين الأذان والإقامة هذه أوقات عظيمة ترجى فيها الإجابة يسأل ربه يضرع إليه يقول اللهم ارزقني التوبة النصوح, اللهم اهدني صراطك المستقيم, اللهم أعذني من الشيطان الرجيم, اللهم أ....... من جلساء السوء واكفني شرهم, ويعمل يسأل ويعمل, يسأل ربه ويجتهد في التوبة والعمل الصالح ويبتعد عن قرناء السوء ومجالستهم حتى لا يجروه إلى أعمالهم الرديئة حتى لا يدعوه إلى ذلك حتى لا يتأسى بهم فإن المرء على دين خليله كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المرء على دين خليله -يعني حبيبه وصديقه- فلينظر أحدكم من يخالل) ويقول الشاعر: عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي يعني هذا هو الأغلب وأصدق من هذا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير, فالجليس الصالح مثل حامل المسك إما أن يحذيك -يعني يعطيك- وإما أن تبتاع منه -يعني تشتري منه- وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، وأما نافخ الكير فهو إما أن يحرق ثيابك, وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة) هذا المثل العظيم الذي مثل به النبي -صلى الله عليه وسلم - للجليس الصالح والجليس السوء, فما أولى المؤمن والمؤمنة بالأخذ بتوجيه النبي -صلى الله عليه وسلم- والعمل بنصيحته وإرشاده -عليه الصلاة والسلام- وذلك باتخاذ الجليس الصالح والصديق الصالح والحذر من جلساء السوء وهكذا المرأة تحرص على الجليسات الطيبات والقرينات الطيبات مع الحذر عن القرينات الخبيثات والصديقات اللاتي يدعينها إلى الباطل، وهكذا الطالبات في المدارس وغير المدارس تحرص الطالبة على صحبة الزميلة الطيبة والتأسي بها والتشاور معها وتبتعد عن الزميلة الرديئة، وهكذا الطلبة في المدارس, وهكذا المدرسون وهكذا جميع الناس, الواجب على كل واحد أن يحرص على الصاحب الصالح والجليس الصالح وأن يحذر جليس السوء وقرين السوء أينما كان، فهذا من أسباب السعادة ومن أسباب التوفيق. جزاكم الله خيراً. -
فالله الله أختي الغالية في الصحبة الصالحة