منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - نظرية الفيض عند فلاسفة الإسلام-الفارابي نموذجاً
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-07-24, 16:42   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse

يقول الفارابي(وتصير المعقولات التي بالقوة معقولات بالفعل إذا معقولات للعقل بالفعل وهي تحتاج إلى شيء آخر ينقلها من القوة إلى أن يصيرها بالفعل، والفاعل الذي ينقلها من القوة إلى الفعل هو ذات ما، جوهره عقل ما بالفعل، ومفارق للمادة ...).(1)
ونسبته إلى العقل بالقوة، كما قيل من قبل هي كنبسة الشمس إلى العين.
يقول(وليس في جوهر القوة الباصرة التي في العين كفاية في أن يصير بصراً بالفعل، ولا في جوهر الألوان كفاية في أن تصير مرئية مبصرة بالفعل، فإن الشمس تعطي البصر ضوءًا يضاء به، وتعطي الألوان ضوءًا تضاء بها: فيصير البصر، بالضوء الذي استفاده من الشمس، مبصراً بالفعل وبصيراً بالفعل ... وكما أن البصر بالضوء نفسه يبصر الضوء الذي هو بسبب إبصاره، ويبصر الشمس التي هي سبب الضوء به بعينه ويبصر الأشياء التي هي بالقوة مبصرة فتصير مبصرة بالفعل ...
... بعقل ذلك الشيء نفسه، وبه يعقل العقل الهيولاني العقل بالفعل الذي هو يسبب ارتسام ذلك الشيء ... وفعل هذا العقل المفارق في العقل الهيولاني شبيه فعل الشمس في البصر، فلذلك سمي العقل الفعّال ...).(2)
وما يصدق على العقل الفعّال يصدق أيضاً على سلسلة العقول المحّركة للأفلاك وعلى رأسها العقل الأوّل الذي يحرك فلك السماء الأول، وهذا العقل لا يخلوا من تركيب ما دام مبدأ للعقل الثاني المفارق للمادة، من جهة، وللفلك المقابل له، من جهة ثانية، فكان يستمد وجوده من مبدأ لا يدخل عليه التركيب قطّ، (وهو واحد من كل الجهات اضطراراً وليس يمكن أن يكون موجوداً أكمل منه ولا أن يكون له مبدأ)، بل هو مبدأ المبادئ وأصل لجميع الموجودات.(3)

3.علاقة كل من السعادة والنبوة بالفيض.
أ.علاقة السعادة بالفيض.
يقول الفارابي(والسعادة هي الخير المطلوب لذاته، وليست تُطلب أصلاً ولا في وقت من الأوقات ليُنال بها شيء آخر، وليس وراءها شيء آخر يمكن أن يناله الإنسان أعظم منها. والأفعال الإرادية التي تنفع في لوغ السعادة هي الأفعال الجميلة ...).(4)
إذا فمجموع هذه الفضائل تؤدي إلى السعادة، ذلك أن الفضائل هي خيرات.
يقول أيضا) :والهيئات والملكيات التي تصدر عنها هذه الأفعال هي الفضائل، وهذه خيرات هي لا لأجل ذواتها بل إنما هي خيرات لأجل السعادة، والأفعال التي تعوق عن السعادة هي الشرور، وهي الأفعال القبيحة، والهيئات والملكات التي عنها تكون هذه الأفعال هي النقائص والرذائل والخسائس).(5)
فالفضائل هي وسائل للوصول إلى السعادة التي هي الغاية القصوى للأخلاق الفضائل ليست خيرات بذواتها وإنما هي خيرات لأنها توصل إلى السعادة، وفي هذه النقطة يتابع الفارابي أرسطو بعده الفضيلة وسيلة لبلوغ السعادة ولا غاية في ذاتها.(6)
يرى الفارابي من هذا المنطلق أن غاية الإنسان القصوى هو بلوغ السعادة التي يشتاقها ويسعى إلى الحصول عليها وكل ما يسعى إليه الانسان في نظر الفارابي هو خير وغاية الكمال، والسعادة هي أسمى الخيرات. وكلما بلغ الإنسان هذا الخير لذاته تكون سعادته كاملة.
وفي سبيل الوصول إلى السعادة تكون صناعة المنطق هي أول ما ينبغي سلوكه فنحن ننال السعادة إذا اقتنينا الأشياء الجميلة من أفعال وفضائل وهذه تكون لنا بالفلسفة حيث ننال السعادة بالفلسفة التي ننالها بجودة التمييز، التي تكون بحسب قوة الذهن على إدراك الصواب وتميزه عن الخطأ (وقوة الذهن إنما تحصل متى كانت لنا قوة بها نقف
على الحق أنه حق بتيقن فنعتقده، وبها نقف على ما هو باطل أنه باطل بتيقن فنجتنبه ... والصناعة التي نستفيد هذه القوة تسمى صناعة المنطق).(7)
إذا فالسعادة هي الغاية من الفضائل، والحكمة مرتبطة بدورها بالأفعال الجميلة فالحكمة تقوم على صناعة المنطق، والعقل في هذه الحال له دور أساسي في الوصول إلى السعادة والحصول عليها، فإدراك المعقولات الأولى، أمر جوهري في استكمال الإنسان غايته والحصول على السعادة، أي أن استكمال الأخير هو السعادة.
وتصير القوة الناطقة، بتأثير العقل الفعال، عقلاً بالفعل، وهذا العقل بالفعل يكون شبيهاً بالمفارقات بأن يعقل ذاته فيكون العاقل والمعقول فيه واحداً (فهذا يصير في رتبة العقل، وهذه الرتبة إذا بلغها الإنسان كملت سعادته) وهنا تتحقق، عند الفارابي فكرة سقراط وأفلاطون التي مؤداها أن الفضيلة هي المعرفة، ولكن المعرفة عند الفارابي لا تكون غاية في ذاتها وإنما تكون وسيلة لسمو الإنسان إلى مرتبة العقل الفعال والمفارقات وتلك هي الفضيلة الحقة والكمال المؤدي إلى السعادة الحقيقية، يحكم الاقتراب من واجب الوجود بذاته بالارتقاء من عالم ما تحت فلك القمر والابتعاد عن الماديات وصولاً إلى مرتبة أقرب من واجب الوجود بذاته، وهي مرتبة العقل الفعال، عاشر العقول المفارقة فالفضيلة، ومن ثم السعادة، وإنما تكون بالاقتراب من واجب الوجود بذاته، مصدر الفيض.(8)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الفاربي، مصدر سبق ذكره، ص76.
(2) الفاربي، المصدر نفسه، ص76، 77.
(3) ماجد فخري، مختصر تاريخ الفلسفة العربية، دار الشورى، بيروت، ط1، 1981م، ص56، 57
(4) الفارابي، مصدر سبق ذكره، ص79.80.
(5) الفارابي، المصدر نفسه، ص79.80.
(6) منذر الكوثر، مرجع سبق ذكره، ص263.
(7) منذر الكوثر، مرجع سبق ذكره، ص263، 264.
(8) منذر الكوثر، المرجع نفسه، ص264، 265..