منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - نظرية الفيض عند فلاسفة الإسلام-الفارابي نموذجاً
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-07-24, 15:49   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse

يتلو بعضها بعضاً في الحدوث والبقاء عن العلة الأولى كما يتلو العدد أزواجه أفراده بعضها بعض في الحدوث والنظام عن الواحد الذي قبل الاثنين وأول صورة قبلتها الهيولى الأولى هي الطول والعرض والعمق وبذلك كان الجسم المطلق أغنى الهيولة الثانية وقد وفق الفيض عند وجود الجسم مطلق ولم يفض منه جوهر آخر لنقصان رتبته عن الجواهر الروحانية وغلاظ جوهره وبعده عن العلة الأولى ولما دام الفيض من الله تعالى عن العقل ومن العقل على النفس عطفت النفس عن الجسم المطلق فصورت فيه الصور والأشكال والأصباغ لتتمه بالفضائل والمحاسن وأول صورة عملتها النفس في الجسم هي الشكل الكروي الذي هو أفضل الأشكال وحركته بالحركة الدورية التي هي أفضل الحركات ورتبت بعضها في جوف بعض من لون الفلك المحيط إلى منتهى مركز الأرض وهي إحدى عشرة كرة فصار الكل عالماً واحداً منتظماً نظاماً كليا واحداً وصارت الأرض أغلظ الأجسام كلها وأشدها ظلمة لبعدها من الفلك المحيط الذي هو ألطف الأجسام وأشدها روحانية أشفها نوراً لقربها من الهيولة الأولى التي هي جوهر بسيط معقول وهكذا حركت النفس الكلية بتوسط العقل الفعال الهيولة الأولى طولاً وعرضاً وعمقاً فكان الجسم المطلق ثم ركبت من الجسم عالم الأفلاك والكواكب والأركان الأربعة جميعاً ثم أدارت الأفلاك حول الأركان واختلطت بعضها ببعض وكان منها المولدات الكائنات من المعدان والنبات والحيوان وكان منها ظهور المولودات من الأدون إلى الأعلى بعكس كائنات العالم الروحاني فظهر المعدن أولاً ثم النبات ثم الحيوان وذلك لأن الأدون آلة مستخدمة لمن يأتي بعده وموهوب له فالمعدن مادة لتكون النبات والحيوان والنبات غذاء للحيوان ولهذا تقدم وجود المعدن على النبات وجود النبات عن الحيوان.(1)
هكذا عالج الإخوان قضية الله والمخلوقات وكانت خطتهم خطة فيثاغورية ممزوجة بالأفلاطونية الحديثة، وهكذا كان الباري سبحانه متقدم الوجود عن العقل، وهو خالقه ومبدعه، كتقدم الواحد عن الاثنين والعقل متقدم الوجود عن النفس ومنه كانت وعنه بدت كتقدم الثلاثة على الأربعة وكلها منبسطة عن الباري سبحانه دفعة واحدة بلا زمان ومكان
وشرف بعضها على بعض بقرب النسبة إليه والقرب منه فالباري سبحانه علة العقل والعقل علة النفس والنفس علة الهيولة والهيولة فيها تركب الصور المجردة والطبيعة قوة منفعلة عن النفس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) حنا الفاخوري وخليل الجُّر، تاريخ الفلسفة العربية، مرجع سبق ذكره، ص ص. 269 – 270.