العلمانية تتوضأ من الشعوذة :
بالنسبة للموضوع ؛ لم أقرأه كله بل بعض الفقرات منه فتبين لي أنه مجرّد هرطقة من كاتب علماني لا يعرف كوعه من بوعه .. أو أنه يعرف لكنه ينتهج الكذب لغايات كيدية
أوّلا فإن الشعب السوري هو شافعي أشعري ؛ ولا علاقة له بما يسميه "الوهابية" , والجيش الحرّ هو جيش من قيادات أشعرية شافعية وغيرها ؛ أما الإئتلاف الوطني فهو كيان علماني يجمع المسيحي بالعلوي بالسني بالشيوعي ؛ ولا علاقة له بالوهابية .. فلماذا أقحم الكاتب الوهابية بلا لازمة وما يجري هو ثورة شعب انتهج المظاهرات السلمية التي قوبلت بالرصاص الحيّ مادفعه إلى التسلح دفاعا عن النفس.
هذا التغليط المتعمد ذي الخلفية الكيدية هو في الأصل معبّا بالمضامين الكاذبة بغية التوجيه الخاطيء للأحداث وفهمها ؛ فما يسميه الكاتب الوهابية الجهادية هي لم تنشأ إلا مع نهاية الثمانينات عقب الغزو السوفياتي لأفغانستان ؛ أمّا الحراك السوري فهو سلسلة متواصلة من الإنتفاضات المسلحة ضد النظام السوري قبل أن تنشأ الوهابية الجهادية أصلا ؛ فعلى سبيل المثال فإن الشعب السوري انتفض في أحداث حماة 1982 ودفع بسبب ذلك حوالي 40000 أربعين ألف شهيد في أحداث شبيهة بما يجري اليوم. قبل أن تتأسس الوهابية الجهادية اصلا .
أمّا رفض البوطي لما سمّاه الكاتب الوهابية فهو ناشيء عن خلاف منهجي مع العقيدة السلفية أساسا ؛ فما يسميه الكاتب "الوهابية" هو في الأصل ليس إلا العقيدة السلفية التي يطلق المؤرخون على أتباعها وصف "الحنابلة" ؛ فالبوطي أشعري صوفي ؛ والوهابيون سلفيون حنابلة ؛ والمدارس العقدية السنية تلتقي في أصول الدين لكنها تختلف في مصادر التلقي والفهم ما نشأ عنه تاريخيا مذاهب فرعية في علم العقيدة والتوحيد : هي المذهب السلفي والمذهب الأشعري والمذهب الماتريدي تشكل الفهم السني لأصول االدين.
والخلاف السلفي - الأشعري موجود قبل أن يولد محمد ابن عبد الوهاب وقبل أن تولد دولة آل سعود أصلا وقبل أن يكتشف البترول ؛ فالخلاف بين المدرستين محتدم تاريخيا منذ العصر العباسي إلى حد نشوب صراعات دموية بسبب التعصب كما حدث في أحداث "فتنة ابن القشيري" ؛ علما أن المغرب الإسلامي ( ومنه الجزائر ) كان إلى عهد المرابطين سلفيا ( على نهج السلف أو وهابيا كما يحلو للبعض ) ولم ينتقل المغرب الإسلامي إلى المذهب الأشعري إلا مع استيلاء ابن تومرت على الحكم وإجبار الناس على اعتناق العقيدة الأشعرية بحد السيف.
فالزعم أن البوطي عارض الوهابية هو نوع من الجهل المركب المبطن ؛ لأن البوطي يعارض السلفية أساسا كونه في خلاف منهجي مع العقيدة السلفية .
أما محاولة الإيحاء أن الوهابية هي سبب التمردات والحركات المسلحة فهو دجل آخر وكذب مفضوح ؛ فالشيخ الألباني وهو أحد رموز "الوهابية" كان من أوائل من عارض تأسيس حزب إسلامي في الجزائر وله نقاش مع علي بن حاج لم يعجب هذا الأخير وهذا ثابت ومسجل صوتيا ؛ فلماذا يحاول الكاتب الإيحاء أن الوهابية "وبال" وأن البوطي له فضل إنقاذ الجزائر من حزب الإنقاذ رغم أن الوهابية لها نفس الموقف كذلك ؟
كما أن الحركات الجهادية موجودة في الجزائر قبل أن يعرف الجزائريون الوهابية ؛ فهل "مصطفى بويعلي" الذي انتهج العمل المسلح والجهاد كان وهابيا ؟