الجامعة والتنمية:
تحتل الجامعات في مختلف بلدان العالم محل الصدارة، وتحتل هذه المكانة المميزة والمرموقة
خاصة في البلدان المتقدمة التي أثبتت لها التجارب الميدانية أن مردودية تفوقها اليوم يعود الفضل فيه
إلى تلك المنابر الحرة التي كانت ميدانا للحوار الجاد، وحقلا للتجارب، ومصدرا أساسيا من مصادر
الانتقاء والاختيار لأنجع الأفكار البشرية، لذا كانت، وما تزال، وستظل الجامعات بالنسبة لرجل العالم
المتقدم والإنسان الواعي هي القلعة الأمامية التي منها يتم التخطيط، والتحضير لتجاوز الخطوط
الأمامية، وطرق بوابات جديدة في عالم الكشوفات والاختراعات، وتنظيم أساليب حياتية على منهاج
ذوقي متميز يشكل في مجموعه ما يسمى "بالعرف الحضاري" الذي يفرز ذلك الإنسان الذي ننعته
.(313- بالإنسان المتقدم، أو الرجل المتحكم في وسائل التنمية. (عبد الله حمادي: 312 ،1994
إن الصراع على مختلف جبهات الفكر هو أرقى الصراعات التي خاضتها وتخوضها البشرية
منذ فجر حياتها، وذلك لقلب موازين القوى والتنافس من أجل احتلال مراقي الصدارة، والظفر بما
يضمن الرفاهية والتفوق لجبهة على حساب أخرى، أما الحديث، أو لهجة الحوار التي تحاول جاهدة أن
تقنع بفرضية ضرورة الحوار المتكافئ، وتقسيم المردوديات تقسيما عادلا مع احترام العلاقات بين
بلدان غير متكافئة القوى، فإن مثل هذه المساعي الرومانسية تبقى بمثابة الرواسب الأسطورية الكامنة
في الذهنيات المحبطة التي تجد غراها اليوم في طوبوية ما تنفك تزعج المنابر الدولية لاهثة لتسمع من
به صمم، لكن قانون الحياة يظل متجاهلا مثل هذه الأصوات النشاز النازحة، ويقابلها تقريبا بما يمكن
.( أخذه كمثال "صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة"(*). (المرجع السابق، 313