منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تنبيه الحائر إلى حكم الصلاة في و إلى المقابر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-10-28, 15:34   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
معلم 25
عضو جديد
 
إحصائية العضو









افتراضي

وقد يقول قائل كما قال صاحب الوريقات العقيمة أنّ بناء مسجد حيال المقبرة وبجانبها لا يعني البناء على القبور فلا يدخل في نهي النبي صلى الله عليه وسلّم فنقول:
قال الإمام الرباني محمّد علي الشوكاني عليه رحمة الله: (وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟ أن لا أدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سوّيته...
وفي هذا أعظم دلالة على أنّ تسوية كلّ قبر مشرف بحيث يرتفع عن القدر المشروع واجبة متحتّمة.
فمن إشراف القبور: أن يرفع سمكها أو يجعل عليها القباب أو المساجد.
فإنّ ذلك من المنهي عنه بلا شك ولا شبهة... وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصحّحه النسائي وابن حبان من حديث جابر قال: ((نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) أن يجصّص القبر وأن يُبنى عليه وأن يوطأ)) ... وفي هذا التصريح بالنهي عن البناء على القبور، وهو يصدق على ما بني على جوانب حفرة القبر، كما يفعله كثير من النّاس من رفع قبور الموتى ذراعا فما فوقه. لأنّه لا يمكن أن يُجعل نفس القبر مسجدا.
فذلك مما يدل على أنّ المراد بعض ما يقربه مما يتّصل به، ويصدق على من بنى قريبا من جوانب القبر كذلك، كما في القباب والمساجد والمشاهد الكبيرة، على وجه يكون القبر في وسطها أو في جانب منها.
فإنّ هذا بناء على القبر، لا يخفى ذلك على من له أدنى فهم، ... ومن زعم أنّ في لغة العرب ما يمنع من هذا الإطلاق فهو جاهل لا يعرف لغة العرب، ولا يفهم لسانها ولا يدري بما استعملته في كلامها. اهـ (شرح الصدور بتحريم رفع القبور للشوكاني ص13-15 بتصرّف تحقيق العلامة محمد حامد الفقي رحمه الله، دار الوطن للنشر والإعلام)


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((ولا تصح الصلاة في المقبرة، ولا إليها. والنهي عن ذلك إنّما هو لسدّ ذريعة الشرك.
وذكر طائفة من أصحابنا أنّ وجود القبر والقبرين لا يمنع من الصلاة. لأنّه لا يتناوله اسم المقبرة.
وإنّما المقبرة ثلاثة قبور فصاعدا. وليس في كلام أحمد وعامة أصحابه هذا الفرق.
بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم: يوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور. وهو الصواب.
والمقبرة كل ما قبر فيه.
لا أنّه جمع قبر.
وقال أصحابنا: وكلّ ما دخل في اسم المقبرة ممّا حول القبور لا يصلى فيه فهذا ينبني على أنّ المنع يكون متناولا لتحريم الصلاة عند القبر المنفرد، وفنائه المضاف إليه.
وذكر الآمدي وغيره: أنّه لا تجوز الصلاة فيه، أي المسجد الذي قبلته إلى القبر، حتى يكون بين الحائط والمقبرة حائل آخر. وذكر بعضهم هذا منصوص أحمد.)) (الإختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية للعلامة البعلي رحمه الله ص46 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1416هـ)


هذا وقد زعم صاحب الوريقات المشؤومة أنّ معنى قول النبي صلى الله عليه وسلّم ‏(‏لا تجلسوا على القبور، ولا تُصلُّوا إليها‏)‏ ‏(رواه مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏(‏2/668‏)‏ من حديث أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه‏.‏‏)‏‏أي: السجود لها تعظيما لها وعبادة لها !

قلتُ: وهذا تحريف واضح لمعنى الحديث وصرف واضح للحديث عن ظاهره، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: ((لا تصلّوا إليها)) ولم يقل: ((لا تصلّوا لها)) وفرق بين العبارتين واضح للعيان، إذ الأوّل يقتضي النهي عن الصلاة إلى القبور مطلقا بغض النظر عن قصد المصلّي والثاني يقتضي النهي عن عبادتها، لذلك قال الشيخ عبد العزيز بن ريّس الريّس حفظه الله تعالى: (والسجود للقبور والأوثان شرك أكبر بالإجماع، أما السجود عندها أو إليها ( قدامها ) لا لها ليس شركاً أكبر، ففرق بين السجود للشيء والسجود إليه، قال ابن تيمية: والساجد للشيء يخضع له بقلبه، ويخشع له بفؤاده. وأما الساجد إليه فإنما يولي وجهه وبدنه إليه ظاهراً كما يولي وجهه إلى بعض النواحي إذا أمه ا.هـ (4 / 358)) (الأجوبة العلمية على المسائل الإيمانية للشيخ عبد العزيز الريّس)

فهل بعد هذا البيان من شك في كون المسجد المبني في المقبرة من جنس المساجد المنهي عن الصلاة فيها ؟! فما بال أقوام يسمعون أحاديث الرسول الكريم في تحريم بناء المساجد في المقابر بل ولعن من فعل ذلك وعدّه من شرار الخلق يوم القيامة ويسمعون كلام هؤلاء الأئمة العظام شيوخ الإسلام وسيوف السنّة كالإمام أحمد وابن تيمية وابن القيّم وابن عبد الوهاب وعبد الرحمن بن حسن آل الشيخ والشوكاني والقاسمي والنووي وابن باديس والألباني وغيرهم وهم يقررون بطلان الصلاة في مثل هذه المساجد ويأمرون من صلى فيها بإعادة صلاته وإن لم يقصد تعظيم القبور ولا أصحابها ثمّ نراهم أفواجا أفواجا يتوافدون إلى هذا المسجد؟! ما هو السرّ في هذا؟! نسأل الله العافية.
أمّا احتجاج صاحب الوريقات بكون قبر النبي صلى الله عليه وسلّم في مسجده وأنّ الصحابة لم ينكروا ذلك فباطل وهو من التزوير والقلب للحقائق!

قال العلامة الحافظ محمد ابن عبد الهادي رحمه الله في ((الصارم المنكي))(ص 136): ((وإنما أدخلت الحجرة في المسجد في خلافة الوليد بن عبدالملك بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة وكان آخرهم موتا جابر بن عبدالله وتوفي في خلافة عبدالملك فإنه توفي سنة ثمان وسبعين والوليد تولى سنة ست وثمانين وتوفي سنة ست وتسعين فكان بناء المسجد وإدخال الحجرة فيه فيما بين ذلكوقد ذكر أبو زيد عمر بن شبة النميري في " كتاب أخبار المدينة " مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عن أشياخه عمن حدثوا عنه أن ابن عمر بن عبد العزيز لما كان نائبا للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة بالساج وماء الذهب وهدم حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأدخل القبر فيه)).

وخلاصة القول كما قال الشيخ الألباني عليه رحمة الله أنه ليس لدينا نص تقوم به الحجة على أن أحدا من الصحابة كان في عهد عملية التغيير هذه فمن ادعى خلاف ذلك فعليه الدليل وأنّى له ذلك!

وأما قول صاحب الوريقات المشؤومة: ((ولم ينكر أحد من السلف ذلك)) .
فنقول: وما أدراك بذلك؟ وإلا فقد قال الحافظ ابن كثير في تاريخه (9/75) بعد أن ساق قصة إدخال القبر النبوي في المسجد: " ويحكي أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة في المسجد كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجدا"والحقيقة أن قولهم هذا يتضمن طعنا ظاهرا لو كانوا يعلمون في جميع السلف لأن إدخال القبر إلى المسجد منكر ظاهر عند كل من علم بتلك الأحاديث المتقدمة وبمعانيها ومن المحال أن ننسب إلى جميع السلف جهلهم بذلك فهم أو على الأقل بعضهم يعلم ذلك يقينا وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من القول بأنهم أنكروا ذلك ولو لم نقف فيه على نص لأن التاريخ لم يحفظ لنا كل ما وقع فكيف يقال : إنهم لم ينكروا ذلك ؟ اللهم غفرا. (بتصرّف من تحذير الساجد للألباني)

وقد صحّ عن أنس بن مالك الصحابي الجليلأنّه كان يكره أن يبنى مسجد بين القبور. وعن إبراهيم النخعي الثقة الإمام وهو تابعي صغير مات سنة ( 96 ) أنه كان يكره أن يجعل على القبر مسجدا . فقد تلقى هذا الحكم بلا شك من بعض كبار التابعين من الصحابة.

((يتبين لنا مما أوردناه أن القبر الشريف إنما أدخل إلى المسجد النبوي حين لم يكن في المدينة أحد من الصحابة وإن ذلك كان على خلاف غرضهم الذي رموا إليه حين دفنوه في حجرته صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لمسلم بعد أن عرف هذه الحقيقة أن يحتج بما وقع بعد الصحابة لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة وما فهم الصحابة والأئمة منها كما سبق بيانه وهو مخالف أيضا لصنيع عمر وعثمان حين وسعا المسجد ولم يدخلا القبر فيه ولهذا نقطع بخطأ ما فعله الوليد بن عبد الملك عفا الله عنه ولئن كان مضطرا إلى توسيع المسجد فإنه كان باستطاعته أن يوسعه من الجهات الأخرى دون أن يتعرض للحجرة الشريفة وقد أشار عمر بن الخطاب إلى هذا النوع من الخطأ حين قام هو رضي الله عنه بتوسيع المسجد من الجهات الأخرى ولم يتعرض للحجرة بل قال " إنه لا سبيل إليها " فأشار رضي الله عنه إلى المحذور الذي يترقب من جراء هدمها وضمها إلى المسجد .

ومع هذه المخالفة الصريحة للأحاديث المتقدمة وسنة الخلفاء الراشدين فإن المخالفين لما أدخلوا القبر النبوي في المسجد الشريف احتاطوا للأمر شيئا ما فحاولوا تقليل المخالفة ما أمكنهم قال النووي في " شرح مسلم " ( 5/14 ) :
" ولما احتاجت الصحابة والتابعون إلى الزيادة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كثر المسلمون وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه ومنها حجرة عائشة رضي الله عنها مدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بنوا على القبر حيطانا مرتفعة مستديرة حوله لئلا يظهر في المسجد (عزو هذا إلى الصحابة لا يثبت كما تقدم) فيصلي إليه العوام ويؤدي إلى المحذور ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا حتى يتمكن أحد من استقبال القبر ". ونقل الحافظ ابن رجب في " الفتح " نحوه عن القرطبي كما في " الكوكب " ( 65/91/1 ) وذكر ابن تيمية في " الجواب الباهر " ( ق 9/2 ) : " أن الحجرة لما أدخلت إلى المسجد سد بابها وبني عليها حائط آخر صيانة له صلى الله عليه وسلم أن يتخذ بيته عيدا وقبره وثنا.))(بتصرّف من تحذير الساجد للألباني)



فهل ضاقت علينا الأرض وهل قلّت المساجد حتى لا نصلّي إلا في مسجد هذه حاله ؟!

فإلى كلّ من وصله هذا الخطاب اتقّ الله تعالى واستبرئ لعرضك ودينك باتقاء الشبهات واعمل بنصيحة نبيك صلى الله عليه وسلّم القائل: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) والقائل: (إذا حاك في نفسك شيء فدعهُ) (الصحيحة 550)
أخي الحبيب ها قد أوضحنا لك بالأدلة القطعية حكم الصلاة في المساجد المبنية على المقابر عموما، فكن من عباد الله الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. ولا تكن ممّن حقّت عليهم كلمة الله: ((سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كلّ آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتّخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا))
هذا وأسأل الله أن يفقهنا في ديننا وأن يجعلنا ممّن يتقون الشبهات إنّه تعالى على كلّ شيء قدير..


من هنا