منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تنبيه الحائر إلى حكم الصلاة في و إلى المقابر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-10-28, 15:33   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
معلم 25
عضو جديد
 
إحصائية العضو









افتراضي

وقال شيخ الإسلام ومفتي الأنام وبقية السلف الكرام أبو العبّاس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية رحمه الله تعالى وجعل الفردوس مثواه بعد إيراده للأحاديث المتقدّمة:
((فهذا التحذير منه واللعن عن مشابهة أهل الكتاب في بناء المساجد على قبر الرجل الصالح: صريح في النهي عن المشابهة في هذا.
ودليل على الحذر من جنس أعمالهم، حيث لا يؤمن في سائر أعمالهم أن تكون من هذا الجنس.
ثمّ من المعلوم ما ابتلي به كثير من هذه الأمّة من بناء المساجد على القبور واتخاذ القبور مساجد بلا بناء، وكلا الأمرين محرّم ملعون فاعله بالمستفيض من السنّة..))
(إقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم لابن تيمية ص 128 مكتبة الصفا الطبعة الأولى سنة 1426هـ تحقيق العلامة العثيمين)

وقال أيضا: ((والصلاة في المساجد المبنية على القبور منهي عنها مطلقا)) (الجواب الباهر في زوّار المقابر ص31 دار الآثار طبعة أولى 1424)

وقال الإمام أبو عمر يوسف ابن عبد البر المالكي رحمه الله: ((وجائز تسطيح القبور وتسنيمها ولا تجصص ولا يبنى عليها)) (الكافي في فقه أهل المدينة، باب جامع في الجنائز) فحرّم الإمام رحمه الله البناء على القبور مطلقا ولم يستثني من ذلك المساجد والله أعلم.

وقال علامة الشام في عصره محمد جمال الدين القاسمي رحمه الله تعالى: (( في فتاوى الإمام النووي رحمه الله: سئل عن مقبرة مسبلة للمسلمين بنى فيها إنسان وجعل فيها محرابا هل يجوز له ذلك وهل يجب هدمه؟ فأجاب بأنّه لا يجوز له ذلك ويجب هدمه.اهـ
وقال ابن حجر في الزواجر: الكبيرة الثالثة والرابعة والخامسة ولسادسة والسابعة والثامنة والتسعون: إتخاذ القبور مساجد وإيقاد السرج عليها واتخاذها أوثانا والطواف بها واستلامها والصلاة إليها ثمّ ساق الأحاديث في ذلك فانظره.
وقال ابن القيّم في ((زاد المعاد)): إنّ الوقف لا يصحّ على غير برّ ولا قربة كما لم يصح وقف هذا المسجد (يعني مسجد الضرار) وعلى هذا فيهدم المسجد إذا بني على قبر كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد نصّ على ذلك الإمام أحمد وغيره فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر بل أيّهما طرأ على الآخر منع منه وكان الحكم للسابق فلو وضعا معاً لم يجز ولا تصحّ الصلاة في هذا المسجد لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ذلك ولعنه من اتّخذ القبر مسجدا أو أوقد عليه سراجا. فهذا دين الإسلام الذي بعث به رسوله ونبيه. وغربته بين النّاس كما ترى. اهـ))
(إصلاح المساجد من البدع والعوائد للقاسمي تحقيق ناصر الدين الألباني ص164-165 المكتب الإسلامي الطبعة الخامسة سنة 14.3هـ)


وقال الإمام سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله تعالى في شرحه لكتاب التوحيد لجدّه شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: ((قوله: (فقد نهى عنه في آخر حياته)، أي: كما في حديث جندب.قوله: (ثم إنه لعن) -وهو في السياق- من فعله، أي: كما في حديث عائشة.قوله: (والصلاة عندها من ذلك)، وإن لم يبن مسجدًا، يعني: أن الصلاة عند القبور وإليها من اتخاذها مساجد الملعون من فعله، وإن لم يبن مسجدًا، فتحرم الصلاة في المقبرة وإلى القبور، بل لا تنعقد أصلاً لما في هذه الأحاديث الصحيحة وغيرها، من لعن من اتخذها مساجد.(تيسير العزيز الحميد ص274 تحقيق زهير الشاويش المكتب الإسلامي طبعة أولى 1423)


وقال إمام أهل السنّة والجماعة في الجزائر العلامة السلفي عبد الحميد بن باديس القسنطيني رحمه الله تعالى عند تعليقه على حديث عائشة المتقدّم أَنَّ أُمَّ سَلمَةَ رَضىَ اللهُ عَنْهَا ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ تَعالى عليهِ وَآلِه وَسلمَ كَنِيسَة رَأَتْهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ...الحديث: (هذا الحديث نصّ صريح في المنع من بناء المساجد على قبور الصالحين، وتصوير صورهم، وفيه الوعيد الشديد على ذلك.) وقال أيضا: (هذه هي حالتنا اليوم معشر مسلمي الجزائر وأحسب غيرنا مثلنا، تجد أكثر أو كثير من مساجدنا مبنية على القبور المنسوب أصحابها إلى الصلاح، ومنهم من كانوا معروفين بذلك ومنهم المجهولون. فإن قيل: إنّما بنيت المساجد على تلك القبور للتبرّك بأصحابها لا لعبادتهم، قلنا: إنّ النهي جاء عامّا لبناء المسجد على القبر، بقطع النظر في قصد صاحبه، ولو كانت صورة البناء للتبرّك غير مرادة بالنّهي لاستثناها الشرع، فلمّا لم يستثنها علمنا أنّ النّهي على العموم، ذلك لأنّها وإن لم تؤد إلى عبادة المخلوق في الحال فإنّها في مظنّة أن تؤدي إلى ذلك في المآل... إلى أن قال: وهبها لم تؤد إلى شيء منه أصلا، فكفانا عموم النّهي وصراحته، والعاقل من نظر بإنصاف ولم يغترّ بكل قول قيل)) وقال أيضا: ((علينا أن نصدّق بهذا الحديث بقلوبنا فنعلم أنّ بناء المساجد على القبور من عمل شرار الخلقكما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلّم وأن تنطق بذلك ألسنتنا كما نطق به هذا الحديث الشريف وأن نبني عليه أعمالنا، فلا نبني مسجدا على قبر ولا نعين عليه وأن ننكره كما ننكر سائر المنكرات حسب جهدنا)) (الشهاب: (5/7) 1350هـ نقلا عن مجالس التذكير من حديث البشير النذير ص149-156 من مطبوعات وزارة الشؤون الدينية ط1) وله كلام عظيم آخر في نفس المصدر فليراجع فإنّه جد مفيد.


وقال مؤرّخ الجزائر الإمام السلفي الكبير مبارك بن محمّد الميلي عليه رحمة الله: ((وأمّا اتخاذ المزارات فممنوع ولو للصلاة فيها سواء بالبناء على القبور أم بتعليق الخيوط على أشجار أم بوضع المباخر والمصابيح هندها.)) اهـ (الشرك ومظاهره لمبارك الميلي ص239 شركة الشهاب الجزائر)

وقال رحمه الله تعالى: ((قطع السلف لاتخاذ المزارات: وقد علمت الحكم في البناء على القبور (أي تحريم ذلك) وحكمته، وأجمع الصحابة على العمل به)) (نفس المصدر ص246)
وقال إمام أهل السنّة في المغرب الشيخ العلامة محمّد تقي الدين الهلاليعليه رحمة لله عند تعليقه على حديث النبي صلى الله عليه وسلّم: ((لا تتخذوا قبري عيدا و لا بيوتكم قبورا ، و صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني)): في هذا الحديث فوائد : ((الثانية : تشبيه النبي صلى الله عليه وسلّم البيت الذي لا يصلى فيه و لا يقرأ فيه القرآن بالمقبرة دليل مفهومه النهي عن الصلاة و قراءة القرآن في المقابر، و قد مر التصريح بذلك في الأحاديث السابقة)) اهـ (الحسام الماحق لكل مشرك ومنافق للشيخ الهلالي).

وقال الإمام المحدّث الرباني محمّد ناصر الدين الألباني عليه رحمة الله: ((أما شمول الأحاديث للنهي عن الصلاة في المساجد المبنية على القبور فدلالتها على ذلك أوضح وذلك لأن النهي عن بناء المساجد على القبور يستلزم النهي عن الصلاة فيها من باب أن النهي عن الوسيلة يستلزم النهي عن المقصود بها والتوسل بها إليه مثاله إذا نهى الشارع عن بيع الخمر فالنهي عن شربه داخل في ذلك كما لا يخفى بل النهي عن من باب أولى . ومن البين جدا أن النهي عن بناء المساجد على القبور ليس مقصودا بالذات كما أن الأمر ببناء المساجد في الدور والمحلات ليس مقصودا بالذات بل ذلك كله من أجل الصلاة فيها سلبا أو إيجابا يوضح ذلك المثال الآتي : لو أن رجلا بنى مسجدا في مكان قفر غير مأهول ولا يأتيه أحد للصلاة فيه فليس لهذا الرجل أي أجر في بنائه لهذا المسجد بل هو عندي آثم لإضاعة المال ووضعه الشئ في غير محله . فإذا أمر الشارع ببناء المساجد فهو يأمر ضمنا بالصلاة فيها لأنها هي المقصودة بالبناء وكذلك إذا نهى عن بناء المساجد على القبور فهو ينهى ضمنا عن الصلاة فيها لأنها هي المقصودة بالبناء أيضا وهذا بين لا يخفى على العاقل إن شاء الله تعالى)) اهـ .

وقد جعل الشيخ سيّد سابق رحمه الله المقبرة من المواضع المنهي عن الصلاة فيها فقال بعد أن نقل الأحاديث المتقدّمة: ((وعند الظاهرية النهي محمول على التحريم، وأنّ الصلاة في المقبرة باطلة، (هامش) وهذا هو الظاهر الذي لا ينبغي العدول عنه بحال، فالأحاديث صحيحة صريحة في تحريم الصلاة عند القبر سواء أكان القبر واحدا أم أكثر.)) (فقه السنّة 1/190-191 دار المؤيد، الأولى 1422هـ)

وقال فضيلة الشيخ أبو بكر جابر الجزائريحفظه الله: ((يحرم بناء المساجد على القبور، واتخاذ السرج عليها)) (منهاج المسلم ص214 دار الفكر سنة 1424هـ)

وسئل سماحة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية:
وجدت في كتاب ‏"‏الرَّوض المُربِع‏"‏ للإمام أحمد بن حنبل أنَّ سبعة أماكن لا تجوز فيها الصلاة، ومن هذه الأماكن المقبرة، وعندنا في بلدنا يصلُّون على الميِّت في المقبرة قبل الدَّفن؛ فما حكم ذلك‏؟‏
فأجاب:السائل يقول‏:‏ وجدتُ في ‏"‏الرَّوض المُربِع‏"‏ للإمام أحمد بن حنبل، والكتاب المذكور ليس للإمام أحمد بن حنبل، لكنَّه لأحد مشايخ مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وهو منصور بن يونُسَ البَهوتيُّ، شرح فيه ‏"‏زاد المُستنقع‏"‏ للشيخ موسى بن سالم الحجاويِّ، والكتاب المذكور وأصله كلاهما على المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل عند المتأخِّرين من أصحابه‏.‏
ومن المواضع التي ذُكر أنَّ الصلاة لا تصحُّ فيها‏:‏ المقبرة، وهي مَدفَنُ الموتى‏.
‏ وقد ورد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه الترمذيُّ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏الأرضُ كلُّها مسجدٌ؛ إلا المقبرة والحمَّام‏)‏ (‏رواه الترمذي في ‏"‏سننه‏"‏ ‏(‏1/431-432‏)‏ من حديث أبي سعيد الخدري، ورواه أبو داود في ‏"‏سننه‏"‏ ‏(‏1/130‏)‏ من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه‏.‏‏).‏
وروى مسلم عن أبي مرثدٍ الغنويِّ رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا تجلسوا على القبور، ولا تُصلُّوا إليها‏)‏ ‏(رواه مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏(‏2/668‏)‏ من حديث أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه‏.‏‏)‏‏.‏
وعلى هذا؛ فإن الصلاة في المقبرة لا تجوز، والصلاة إلى القبور لا تجوز؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بيَّنَ أنَّ المقبرة ليست محلاً للصَّلاة، ونهى عن الصَّلاة إلى القبر، والحكمة من ذلك أنَّ الصلاة في المقبرة أو إلى القبر ذريعة إلى الشِّرك، وما كان ذريعة إلى الشِّرك؛ كان محرَّمًا؛ لأنَّ الشارع قد سدَّ كلَّ طريق تؤدِّي إلى الشِّرك، والشَّيطان يجري من ابن آدم مجرى الدَّم، فيبدأ أولاً في الذَّرائع والوسائل، ثم يبلغ به الغايات‏.
‏ فلو أنَّ أحدًا من الناس صلَّى صلاة فريضة أو صلاة تطوُّع في مقبرة أو إلى قبر؛ فصلاته غير صحيحة‏‏.‏ (المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان ج1/ رقم 117).
وسئل أيضا: يوجد في قريتنا مسجد قديم تقام فيه صلاة الجمعة والجماعة علمًا بأن هذا المسجد يوجد في قبلته مقبرة قديمة وحديثة، كما أن هناك عدة قبور ملتصقة في قبلة هذا المسجد، وكما هو معلوم أن هذه المقبرة يمر في وسطها طريق للرجال والنساء، وأيضًا طريق للسيارات فما هو الحكم في هذا‏؟‏ فأجاب: إذا كانت القبور مفصولة عن المسجد ولم يبن المسجد من أجلها، وإنما بني للصلاة فيه، والمقبرة في مكان منعزل عنهلم يقصد وضع المقبرة عند المسجد، ولم يقصد وضع المسجد عند المقبرة، وإنما كل منهما وضع في مكانه من غير قصد ارتباط بعضهما ببعض، وبينهما فاصل فلا مانع من الصلاة في المسجد؛ لأن هذا المسجد لم يقم على قبور‏.‏ أما قضية مرور الطريق في وسط المقبرة، فالواجب منع ذلك، وتسوير المقبرة وتجنيب الطريق عنها‏.‏ (نفس المصدر ج2/رقم 149).
فبان من كلام الشيخ حفظه الله أنّ الأصل في الصلاة في المقابر أنّها حرام ولا تجوز وكذلك في المسجد المبني على القبور أو في المقبرة فهذا يأخذ نفس الحكم، أما إذا بني مسجد ثمّ وضعت بجانبه مقبرة منفصلة عنه بحيث لا يشك من رآه أنّه منفصل عن المقبرة إنفصالا تاما فهذا لا حرج من الصلاة فيه.
وكلام الشيخ الثاني هذا لا ينطبق على مسجد البحث لأنّ هذا الأخير إنّما وضع في المقبرة ومن حوله قبور ولا يفصل بين المقبرة والمسجد شيء!!


وجاء في الدرر السنية: ج4 ص -265- جمع العلامة ابن قاسم رحمه الله تعالى:
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله على الجميع: عن الصلاة في مسجد فيه قبر؟

فأجاب: إن كان مبنياً قبل أن يجعل فيه قبر، فينبش القبر، ويبعد عن المسجد; فإن كان المسجد لم يبن إلا لأجل القبر، فالمسجد يهدم، ولا يصلى فيه، لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لعن الذين يتخذون المساجد على القبور؛ ولا تصح الصلاة فيه، ولا تجوز الصلاة عند القبور، ولا عليها، لأنه عليه السلام نهى عن الصلاة في المقبرة.

وأجاب أيضاً: المسجد الذي بني على القبور، يجب هدمه، ولا تجوز الصلاة فيه.
وأما القبر الذي وضع في المسجد بعد بنائه، فينقل من المسجد.اهـ

ومسجدنا الذي هو محلّ البحث يأخذ حكم المسجد المبني على القبور ذلك لأنّ الأصل في تلك البقعة من الأرض أنّها مقبرة ثمّ بني المسجد وليس العكس فتنبّه، فالمسجد هو الطارئ لا المقبرة، ولذلك لا سبيل إلى التلبيس على العوام أنّ الشيخ ابن باز عليه رحمة الله قد صحّح الصلاة في المسجد المحاط بالقبور فإنّ كلامه هذا محمول على ما إذا كان المسجد هو الأصل (أي بني أولا) والمقبرة أو القبور طارئة عليه (أي بعد بناء المسجد أخذ النّاس بدفن الأموات من حوله) أمّا مسجد البحث فلا يتناسب مع كلام الشيخ والله أعلم.

وفي نفس الجزء من الدرر قال:
وأجاب الشيخ محمد بن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن، والشيخ سليمان بن سحمان: مسجد الطائف، الذي في شقه الشمالي قبر ابن عباس، رضي الله عنهما، الصلاة في المسجد، إذا جعل بين القبر وبين المسجد جدار يرفع، يخرج القبر عن مسمى المسجد، فلا تكره الصلاة فيه; وأما القبر، إذا هدمت القبة التي عليه، فيترك على حاله، ولا ينبش، ولكن يزال ما عليه من بناء وغيره، ويسوى حتى يصير كأحد قبور المسلمين.اهـ

وهذا يعني أنّه يجب فصل القبر عن المسجد بسور غير سور المسجد فتأكّد ما قلناه آنفا من وجوب فصل المقبرة عن المسجد بسورين لا سور واحد بحيث يكون بين المقبرة والمسجد فاصل يمكن للمرء المرور منه وهذا ما لا يتوافق وحال المسجد المبني وسط المقبرة، فإنّ هذا الأخير لا يفصله عن المقبرة إلا سور واحد!
بعبارة أخرى: المسجد والمقبرة يشتركان في نفس السور. وقد تقدّم النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنّ الصلاة في مسجد هذه حاله لاتصح.

وهذا عالمكم الأكبر عالم الجزائر الأوّل فضيلة الشيخ العلامة أبي عبد المعز محمّد علي فركوس أعزّه الله وحفظه يقرّر بطلان الصلاة في المقابر فيقول:
((أمّا المقبرة فليست موضعا للصلاة فيها، ولا تجوز الصلاة فيها ولا إليها للأحاديث النّاهية عن ذلك، (ثمّ ذكر بعض الأحاديث السابقة ومنها حديث أبي سعيد الخدري الذي جعلناه في المقدّمة ثمّ قال):
هذه الأحاديث المورودة عموم النّهي فيها يشمل جنس الصلاة سواء كان فرضا، أداءً كانت أو قضاءً، أو نفلاً، مطلقا كان أو مقيّدا، كما تعمّ الصلاة على الميّت سواء كانت على الجنازة أو في قبره، لكن لمّا ورد حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: ((مات رجل وكان رسول الله يعوده فدفنوه بالليل، فلمّا أصبح وأعلموه، فقال: ما منعكم أن تعلموني؟ قالوا: كان الليل وكانت الظلمة، فكرهنا أن نشقّ عليك، فأتى قبره فصلى عليه، قال: فأمّنا، وصفّنا خلفه، وأنا فيهم وكبّر أربعا)) ومثله عن المرأة السوداء التي كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد الثابت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فخصّ من عموم نهيه عن الصلاة في المقبرة صورة الصلاة عن الميّت في قبره بهذه الأدلّة وبقي عموم النّهي شاملا للصلاة على الجنازة وغيرها، أي بقاء النّهي من حيث عمومه متناولا ما عدا صورة التخصيص، وبهذا الحمع التوفيقي بين الأدلّة يزول الإشكال وترتفع الشبهة، ويعمل بكلّ دليل في موضعه، ذلك لأنّ الإعمال أولى من الإهمال والعلم عند الله.)) (جريدة منابر الهدى ص64 السنة الثانية العدد السابع 1422هـ)