بسم الله الرحمن الرحيم
نعم أخي بوعلام والله صدقت أخي بارك الله فيك
والله إنها لحقيقة مرة ..!! جرأة على دين الله عزّ وجل ووالله لوسكت الجاهل عن القول على الله لزال شرّ عظيم
ولنا في علمائنا أسوة حسنة من حيث أنهم لايتجرؤون على مالا يعلموا بل ويأدبوننا بآداب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فهنا أذكر كلاما نفيسا لشيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله رحمة واسعة وجمعنا به في جنّة الفردوس مع النبيين والشهداء والصالحين آمين
في شرحه الماتع شرح كتاب رياض الصالحين لمن شاء الرجوع إليه
باب النهي عن التكلف وهو فعل وقول ما لا مصلحة فيه بمشقة
وعن مسروق قال: دخلنا على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم الله أعلم قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ } رواه البخاري
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب النهي عن التكلف ، التكلف معناه تكلف الشيء ومحاولة معرفته وإظهار الإنسان بمظهر العالم وليس كذلك ثم ذكر المؤلف قوله تعالى: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ أي لا أسألكم على ما جئت به من الوحي أجرا تعطونني إياه وإنما أدلكم على الخير وأدعوكم إلى الله عز وجل وهكذا الرسل عليهم الصلاة والسلام كلهم يقولون لأصحابهم { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ } أي من الشاقين عليكم أو القائلين بلا علم بل إنه عليه الصلاة والسلام كان يقول ويؤيده الله على قوله بإقراره عليه ثم حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: نهينا عن التكلف والناهي هو الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا قال الصحابي نهينا فإن هذا له حكم الرفع يعني كأنه قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعليه يكون هذا الناهي هو الرسول صلى الله عليه وسلم نهينا عن التكلف أن يتكلف الإنسان ما لا علم له به ويحاول أن يظهر بمظهر العالم العارف وليس كذلك ثم ذكر حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن الإنسان إذا سئل عما لا يعلم فلا يتكلم ويأتي بجواب لا يدري أهو صحيح أم لا ولكن لا يقول إلا ما علم به فإذا سئل عن شيء لا يعلمه فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول الإنسان لما لا يعلم الله أعلم ووصف هذا رضي الله عنه بالعلم لأن الذي يقول لا أعلم وهو لا يعلم هو العالم حقيقة هو الذي علم قدر نفسه وعلم منزلته وأنه جاهل فيقول لما لا يعرف الله أعلم ثم أن الإنسان إذا قال لما لا يعلم الله أعلم ولم يفت به يثق الناس به ويعلمون أن ما أفتى به فهو عن علم وما لم يعلمه يمسك عنه وأيضا إذا قال الإنسان لما لا يعلم الله أعلم عود نفسه الرضوخ للحق وعدم التصدر للفتوى وهذا خلافا لبعض الناس اليوم تجده يرى أن الفتوى ربح بضاعة فيفتي بعلم وبغير علم ويفتي بنصف علم
ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه الفتوى الحموية :كانوا يقولون ما أفسد الدنيا والدين إلا أربعة نصف متكلم نصف فقيه نصف لغوي نصف طبيب أما المتكلم فإنه أفسد الأديان والعقائد لأن أهل الكلام الذين نالوا من الكلام شيئا ولم يصلوا إلى غايته اغتروا به وأما أهل الكلام الذين وصلوا إلى غايته فقد عرفوا حقيقته ورجعوا إلى الحق ونصف فقيه يفسد البلدان لأنه يقضي بغير الحق فيفسد البلدان فيعطي حق هذا لهذا وهذا لهذا ونصف نحوي لأنه يفسد اللسان لأنه يظن أنه أدرك قواعد اللغة العربية فيلحن فيفسد اللسان ونصف طبيب فيفسد الأبدان لأنه لا يعرف فربما يصف دواء يكون داء وربما لا يصف الدواء فيهلك المريض فالحاصل أنه لا يجوز للإنسان أن يفتي إلا حيث جازت له الفتوى وإن كان الله تعالى قد أراد أن يكون إماما للناس يفتيهم ويهديهم إلى صراط مستقيم فإنه سيكون وإن كان الله لم يرد ذلك فلن يفيده تجرأة في الفتوى ..
ثم استدل ابن مسعود رضي الله عنه بقوله تعالى { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ } والله الموفق ا.هـ
فتدبر أخي الكريم وولاتتجرأ على الفتوى وليكن لك إمام فيما تقوله وتنقله على دين الله
ويُشترط لكل مسألة سلف هذا الأصل في أمور الدين؛ أنه لابدّ من سلف؛ في أمور العقيدة وأمور المنهج لابدّ من سلف، وكلام الإمام أحمد رحمه الله في هذا مشهور
إيّاك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام ).
فمسائل الدين فيها اتّباع وليس فيها اختراع؛ كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام.
لما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم الفرق الهالكة وذكر الفرقة الناجية قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : ( ما أنا عليه وأصحابي ) (رواه الترمذي برقم (2641) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .) وقال صلى الله عليه وسلم: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ ) . وقال تعالى: ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (الشورى21 ).
ومن هذا المنطلق حارب أئمة السلف كل أنواع البدع في العبادات وفي العقائد وفي المناهج.