الأمة( مات ميتة جاهلية )أي ميتة في عصر شهد رجوع جاهلية ما قبل الهجرة(. هذا الحديث رواه مسلم
في صحيحه برقم 1296 ..المترجم.
إن هذا الحديث النبوي لا غبار على صحة سنده للنبي صلى اله عليه وسلم وهو ذو أهمية قصوى إلى
درجة أن جامعة الأزهر قد استخدمته لتبرير دعوتها لعقد مؤتمر عالمي للخلافة الإسلامية في القاهرة
ليكون بمثابة الرد بطريقة لائقة على قرار الجمعية العمومية الوطنية التركية القاضي بإلغاء الخلافة في
شهر آذار عام 6991 م.
إن المؤتمر نفسه الذي عقد في عام 6991 م قد تبنى قرارات جسدت قول النبي صلى اله عليه وسلم
السابق، وأكدت على أهمية مؤسسة الخلافة، التي هي بمثابة النظام الإسلامي العام للعالم الإسلامي.
فالتحدي الذي أمام الأمة اليوم هو تحد صريح وواضح. إنه يتمثل بمحاولة إعادة تحريك الأمة من مكة
إلى المدينة مرة أخرى. وإذا ما قامت الأمة بذلك فستتمكن من إعادة تأسيس دار الإسلام )أي النظام
الإسلامي العام(. وإذا ما نجحت هذه الأمة في استعادة هيمنة الإسلام على الدولة في العالم الإسلامي
فسيكون لزاما على المسلمين أن يطلعوا على تاريخ سقوط الخلافة وتاريخ ظهور بديلها في قلب الإسلام
على يد الدولة القومية السعودية الوهابية. –
إن هذه الدراسة لها أهمية إستراتيجية لأن العدو الذي دمر الخلافة هو الآن يتربص بشعيرة الحج. فقد
استمرت شعيرة الحج بلا انقطاع منذ أن أسسها النبي إبراهيم عليه السلام قبل آلاف السنين، واستمر
الحج حتى حينما اعتنقت الجزيرة العربية عبادة الأوثان. وإن أحد أهم الأهداف طويلة الأجل لأعداء
الإسلام اليوم يتمثل في إلغاء هذا الشعيرة.
فعن أبي سعيد الخدري رضي اله عنه أن النبي صلى اله عليه وسلم قال: )ل يُ ح ج ن البيت ول يُع ت م ر ن بعد
خروج يأجوج ومأجوج(، وقال عبد الرحمن عن شعبة )لا تقوم الساعة حتى لا يُ ح ج ن البيت( رواه
. البخاري برقم 6161
إن دراستنا لهذا الموضوع قد قادتنا إلى استنتاج أن هدف أعداء الإسلام في إيقاف شعيرة الحج بات قاب
قوسين أو أدنى. وكل ما يتطلبه الأمر لتحقيق هذا الهدف هو تدمير المسجد الأقصى. وبوسع دولة
إسرائيل اليهودية فعل ذلك في أي وقت، فالمسألة مسألة اختيار التوقيت الأمثل. إن النظام السعودي
الحالي كان ولا يزال يُسحب بخبث إلى وضع لا مفر منه مع الدولة اليهودية. إذ أن تدمير المسجد
الأقصى سينتج عنه معارضة أكبر للنظام السعودي. ولن يكون بمقدور النظام السيطرة على مشاعر
الغضب التي سيظهرها المسلمون في موسم الحج. لذا فإنهم حينما يظهرون بمظهر العاجز عن السيطرة
على الحج، فان المعارضة الداخلية في العربية السعودية ستستخدم الحج بفعالية في سبيل زعزعة
النظام. هذا هو السيناريو الذي سيقود السعوديين في الأغلب إلى إيقاف الحج من أجل الإبقاء على
حكمهم.
وإذا ما فقد العالم الإسلامي شعيرة الحج، بعد فقدانهم للخلافة، فان ذلك سيعد خطوة كبيرة أخرى نحو
الجاهلية في مكة في عصر ما قبل الهجرة. إن المأزق الأمني الذي سنمر به سيكون مجرد أمر عارض
كما كان في مكة في عهد ما قبل الهجرة. إن الإيمان الأقوى هو وحده الذي سيكون قادر اً على تجاوز
ذلك الابتلاء العظيم، فما الذي بوسعنا أن نفعله؟. إن الخطوة الأولى التي يجب أن تتخذ في أي
الخلافة والحجاز والدولة القومية السعودية- الوهابية
9
إستراتيجية مضادة ممكنة لابد أن تكون بدراسة وتقييم تاريخ تلك الحقبة التي ضاعت فيها الخلافة. وهذا
هو ما سنحاول أن نفعله في هذا الكتاب