بارك الله فيك اخية
(منقول:من كلام الشيخ أبي عبد الله حسونة حفظه الباري)

بسم الله الرحمن الرحيم
بعد حمد لله تعالى والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله ..
وبعد ..
نظرت آسفاً كسيفاً كما نظر مثلي إلى حال بعض المسلمين، فوجدت منهم الساهين السادرين، ومنهم الغافلين الغارقين، ومنهم الخاطئين الخاطلين.
وقلّبت طرفي إلى جانب آخر، فهالني وكاد يصم آذاني : صرخات حيارى شبه سكارى عن السبيل، أين السبيل؟!
رفعوا عقيرتهم قائلين: محال أن يكون هذا الدين؟!!! :
جهل وتناقض!!
قـذف وتكفـير!!
تقتيل وتدمير !!
وفي الناحية الأخرى، رأيت ناشطين، عن ساعد الجد مشمرين، غير أنهم – وآسفاه- عزين !!!
بين السبل ساعين وبعضهم لجهلهم راكضين، وحول شرعها طائفين، ونهجها قاصدين، عنه يصدرون، وعن شياطينها يتلقون ويتلقفون .
ونظرت : فبصرت عاطلين عن الإدراك، معطلين للصفات ذات الكمالات المعطلة بدركها
يستجدون الناس تصديق أقوالهم! يتوسلون رضا قبولها!
والناس عنهم ما بين معرض ومشفق، وناصح ورافض، بل وزاجر
وهم والحالة هذه ما بين صارخ وناطح .
مساكين حيارى !!
بين عز الطاعة خزايا !
وعن الحق عمايا !!
وفي شرف العبودية عرايا !
ولم .. تسكن رحمتي، وتهدأ رياح رأفتي، وينقطع عنهم ديم لطفي؛
إذ .. هالني، وزلزل جوانب جوارحي ما رأيت – ويا سوأة ما رأيت –
رأيت مخابيل المتعلمين، مخانيث المتعالمين، عبدة عقولهم،
عنها يصدرون، ومنها دون غيرها يقبلون
لوساوسها معظمين، ولشرعتها خاضعين! ولطرائقها الحائرة الجائرة سالكين مؤمنين، بل حامدين .
رأيتهم ساجدين لها من دون الله تعالى!!! قانتين لرجسها، مقدسين لنجسها، مسلمين لخبلها، موقنين بخبرها لا بل بخطلها .
لو رأيتهم .. وهي تهيم بهم في ظلمات الظلم والتيه، بين أودية الردى والهوى، وهم خلفها يلهثون ويزبدون، لرحمتهم .
ولو سمعتهم .. وهم ينعقون بأعجميتها، ويطنتنون برطانتها، وينتصرون لهمجيتها ، لبغضتهم لجرأتهم .
وحمدت الله تعالى على الصيانة، والتمتع بسلوك سبيل المؤمنين الذي فيه سلامة العقول ، واستقامة الديانة .
وهم والحالة هذه معرضين عن الهدى والنور معارضين، وعن الحق الأبلج الأنور مجانبين .
مخمورين في ظلمات معاقل هواهم، مترنحين، منكبين في معشوق عقولهم
يتردون تارة، ويترددون تارة أخرى .
فكم زرفت المقل عليهم رحمة، واضطربت الأفئدة عليهم رأفة .
فانقلبت عائداً بخاطري، متأبطاً ثقتي بالوعد الكريم الصادق عن الصادق بالنصرة والتمكين لهذا الدين فتفتحت له جنبات قلبي، وارتقى إليه مدارج فكري
فرفعت طرفي إلى خالقي مناجيا، مستمطراً ديم الهداية مستجلبا، ورحت في ذلة وإنكسار إلى خالقي أدعو .. وأدعو .