(6) من مفسدات القلب الخمسة: التعلق بغير الله[1]
التعلق بغير الله تبارك وتعالى وهذا أعظم مفسداته على الإطلاق.
فليس عليه أضر من ذلك ولا أقطع له عن مصالحه وسعادته منه فإنه إذا تعلق بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به وخذله من جهة ما تعلق به وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل بتعلقه بغيره والتفاته إلى سواه فلا على نصيبه من الله حصل ولا إلى ما أمله ممن تعلق به وصل قال الله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً، كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} وقال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ، لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}.
فأعظم الناس خذلانا من تعلق بغير الله فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظم مما حصل له ممن تعلق به وهو معرض للزوال والفوات ومثل المتعلق بغير الله: كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت أوهن البيوت.
وبالجملة: فأساس الشرك وقاعدته التي بنى عليها: التعلق بغير الله ولصاحبه الذم والخذلان كما قال تعالى: {لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً} مذموما لا حامد لك مخذولا لا ناصر لك إذ قد يكون بعض الناس مقهورا محمودا كالذي قهر بباطل وقد يكون مذموما منصورا كالذي قهر وتسلط عليه بباطل وقد يكون محمودا منصورا كالذي تمكن وملك بحق والمشرك المتعلق بغير الله قسمه أردأ الأقسام الأربعة لا محمود ولا منصور.
--------------------------------------------------------------------------------------------
[1]محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية ، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان ، الثانية، 1393هـ/1973م ، ج2، ص الثانية، ص 368.