منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - رد شبهة يثيرها الحزبيين حول العلامة الفوزان
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-01-24, 13:25   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

علماء الجرح والتعديل في المقابر الآن!
كلمة قالها الشيخ العلامة الفوزان
ما مقصود الشيخ من هذه الكلمة؟
وماذا يريد بها أهل البدع؟!


أبو عبد الحق
عبد اللطيف بن أحمد
وفقه الله للحق


بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد فقد نسمع كثيرا استشهاد القطبيين والسروريين والحزبيين عموما بكلمة للشيخ الفاضل العلامة صالح الفوزان التي هي : ((علماء الجرح والتعديل في المقابر الآن))! ونحن على يقين تام بأن الشيخ الفاضل لم يقصد بكلمته هذه ما فسّرها به الحزبيون، فهم فسروا كلمته بأنها غلق لباب الكلام في المنحرفين والتحذير من المبتدعة والحزبيين، فرأيت أنه من الواجب عليّ أن أشارك في كشف هذه الشبهة درءا لإلصاق التهمة بعالم من علمائنا أفنى عمره في نشر التوحيد والسنة والدعوة إلى سلف هذه الأمة وذلك ببيان مقصد الشيخ من كلمته من خلال أقواله وسياق كلامه؛ لأن خير من يفسر كلامَ المرء هو المرء نفسُه وصاحب الدار أدرى بما فيها، وليس أعداؤه، فهؤلاء لا يحبون الشيخ ولا يقيمون لكلامه وزنا اذا خالف أهواءهم، ولكن يستدلون بكلمته هذه بناء على تفسيرهم الباطل لها خدمة لباطلهم وللتستر على بدعتهم، وإلا فلماذا لا ينقل هؤلاء كلام الشيخ الفوزان حفظه الله في التحذير من الاخوانية والسروية والقطبية ومن مؤلفات سيد قطب والحركيين؟!
أم انهم يكيلون بمكيالين و يشملهم نصيب من عموم قوله تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المائدة : 41]
فهؤلاء يقولون لأتباعهم المقلدة: إن وجدتم من كلام العلماء السلفيين قولا محتملا يمكن تفسيره بما يخدم مناهجكم فخذوه، وإن لم تجدوا شيئا من هذا في كلامهم فاحذروهم فإنهم عملاء السلاطين وإنهم علماء الحيض والنفاس وإنهم وإنهم...!
وهؤلاء اليوم يلبسون لباس أهل السنة، ويتظاهرون بالتمسك بها، وهم لم يفعلوا ذلك إلا لأجل القضاء على وحدة أهل السنة والجماعة، وضرب بعضهم ببعض، وتفريق صفوفهم وكلمتهم لكي تعلو راية البدعة وتسود جيوشها، ولكن يمكرون ومكر أولئك هو يبور، لأن أهل السنة نصروا الله فنصرهم وحفظوا دينه من التحريف فحفظهم، ولذا فمهما اندس بينهم من تزيا بزيهم فإن الله سوف يفضح أمره ويهتك ستره، وها نحن الآن نحاول –بعون الله وتوفيقه- أن نكشف الستر عن هذه الشبهة فأقول وبالله التوفيق:
لقد فرح المنحرفون ببعض فتاوى الشيخ الفاضل صالح الفوزان وظنوا أنها لهم، ولكن عند التأمل يظهر أنها عليهم كما سيظهر، والفتوى هي:
((والله ما نعرف أحدا من علماء الجرح والتعديل في عصرنا الحاضر ، علماء الجرح والتعديل في المقابر الآن، ولكن كلامهم موجود في كتبهم –كتب الجرح والتعديل – والجرح والتعديل في علم الاسناد وفي رواية الحديث، وما هو الجرح والتعديل في سب الناس وتنقصهم، وفلان فيه كذا وفلان فيه كذا، ومدح بعض الناس وسب بعض الناس، هذا من الغيبة ومن النميمة، وليس هو الجرح والتعديل)).
أقول لقد أشار العلماء إلى ثلاثة أشياء ينبغي التفريق بينها:
1- الكلام في رواة الأحاديث
2- سبُّ الناس وتنقصهم
3- التحذير من المبتدعة في كل عصر ومصر

ونلاحظ من كلام الشيخ الفوزان السابق أنه حفظه الله أدخل النوع الأول في باب الجرح والتعديل بل خصّ هذا المصطلح بالنوع الأول.
وأدخل النوع الثاني في باب الغيبة والنميمة.
بينما أدخل الأخير في باب النصيحة ولم يدخله في باب الجرح والتعديل، (ولا مشاحة في الاصطلاح) فالمهم هو أنه لا ينكر الرد على المخالف ولا التحذير من المبتدعة، وأما أنه حفظه الله يسمي هذا نصيحة ولا يسميه جرحا فلا إشكال في ذلك فالخلاف لفظي وليس حقيقيا بينه وبين العلماء الآخرين الذين أدخلوا الأخير تحت اسم الجرح والتعديل كالشيخ الألباني رحمه الله والشيخ ابن عثيمين رحمه الله كما يظهر من قوله: ((فالجرح والتعديل لايزال باقيا مادام نوع الانسان باقيا، فالجرح والتعديل باق)).
فعلماؤنا السلفيون كلهم متفقون على التحذير من المبتدعة بالأدلة الشرعية وأن هذا الرد لا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية وليس هو مما يكرهه أولئك العلماء بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه ، ومن أبرزهم في هذا المجال الشيخ صالح الفوزان نفسه تأصيلا وتنزيلا؛
أما تأصيلا فله أقوال كثيرة في هذا الباب كما هي مثبتة في (الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة) منها:
1. قال حفظه الله(فالواجب على الشباب وغيرهم : رفض كل الجماعات والفِرق المخالفة لجماعة أهل السنة والاستقامة، وأن يحذروا من الدعاة الذين يدعون لتلك الجماعات كما حذّر منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن يلزموا جماعة أهل السنة، وهي الجماعة الواحدة الثابتة على ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وأصحابه)).
2. وفي الجواب على سؤال نصهما رأيكم في كتاب "القطبية"، وهل تنصح بقراءته، وهل كتب الردود من منهج السلف رحمهم الله؟) قال حفظه الله: ((الرد على المخالف؛ سنة السلف؛ فالسلف يردون على المخالفين وهذه كتبهم موجودة...وكثير من الأئمة ردوا على المخالفين من أجل بيان الحق وإظهار الحق للناس حتى لا تضل الأمة وتتبع المخطئين والمخالفين، وهذا من النصيحة للأمة أما كتاب "القطبية" وغيره من الكتب؛ فما كان فيه من صواب وصدق فلا بد من الأخذ به ... أما كوننا نتكتم على الناس، ونغرر بالناس ونقول اتركوا هذه الكتب بأيدي الشباب وبأيدي الناس وفيها السموم وفيها الأخطاء فهذا من الغش للأمة؛ ولا يجوز هذا. لابد من البيان لابد من النصيحة، لا بد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. هذه كتب الردود موجودة من قديم الزمان وما عابها أحد ولا انتقدها أحد الحمد لله، لابد من البيان)).
3. وجوابا على سؤال نصههل يجب على العلماء أن يُبَيَّنُوا للشباب وللعامة خطر التحزب والتفرق والجماعات؟ .) قال حفظه الله: ((نعم، يجب بيان خطر التحزب، وخطر الانقسام والتفرق؛ ليكون الناس على بصيرة، لأنه حتى العوام ينخدعون، كَمْ من العوام الآن انخدعوا ببعض الجماعات يظنون أنها على حق ؟ . فلابد أن نُبَيِّن للناس - المتعلمين والعوام - خطر الأحزاب والفِرَق؛ لأنهم إذا سكتوا قال الناس : العلماء كانوا عارفين عن هذا وساكتين عليه؛ فيدخل الضلال من هذا الباب؛ فلا بد من البيان عندما تحدث مثل هذه الأمور، والخطر على العوام أكثر من الخطر على المتعلمين؛ لأن العوام مع سكوت العلماء يظنون أن هذا هو الصحيح وهذا هو الحق ).
4. وقال أيضا: ((نعم، يجب أن نحذر من المناهج المخالفة لمنهج السلف، هذا من النصيحة لله، ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم . نحذِّر من أهل الشرور، ونحذِّر من المناهج المخالفة لمنهج الإسلام، ونُبيِّن مضار هذه الأمور للناس، ونحثهم على التمسك بالكتاب والسنة، هذا واجب . ولكن هذا من شؤون أهل العلم الذين يجب أن يتدخلوا في هذا الأمر، وان يوضحوه للناس بالطريقة اللائقة المشروعة الناجحة - بإذن الله -)).
5. وجوابا على سؤال نصههل بيان بعض أخطاء الكتب الحزبية، أو الجماعات الوافدة إلى بلادنا؛ يُعتبر من التعرض للدعاة ؟) قال حفظه الله: ((لا، هذا ليس من التعرّض للدعاة؛ لأن هذه الكتب ليست كتب دعوة، وهؤلاء - أصحاب هذه الكتب والأفكار - ليسوا من الدعاة إلى الله على بصيرةٍ، وعلمٍ، وعلى حق . فنحن حين نُبَيِّن أخطاء هذه الكتب - أو هؤلاء الدعاة - ليس من باب التجريح للأشخاص لذاتهم، وإنما من باب النصيحة للأمة أن تتسرب إليها أفكار مشبوهة، ثم تكون الفتنة، وتتفرّق الكلمة، وتتشتت الجماعة، وليس غرضنا الأشخاص، غرضنا الأفكار الموجودة بالكتب التي وَفَدَت إلينا باسم الدعوة)).
6. وجوابا على سؤال نصههل التحذير من المناهج المخالفة ودعاتها يعتبر تفريقًا للمسلمين وشقًا لصفهم؟) قال حفظه الله: ((التحذير من المناهج المخالفة لمنهج السلف يعتبر جمعًا لكلمة المسلمين لا تفريقًا لصفوفهم، لأنّ الذي يفرّق صفوف المسلمين هو المناهج المخالفة لمنهج السلف)). هذا التأصيل:
وأما تنزيلا فعلى نوعين:
الأول: تحذيره من الأحزاب والجماعات بعينها.
والآخر: تحذيره من شخصيات ورموز بأعينهم.
ونذكر بعض الأمثلة على كلا النوعين؛
أما الأول فكتحذيره من :
التبليغ والإخوان والقطبيين والسروريين وحزب النور المصري وغيرها من الفرق.
وقال حفظه الله: ((أما هذه الجماعات الوافدة فيجب أن لا نتقبلها لأنها تريد أن تنحرف بنا أو تفرقنا، وتجعل هذا تبليغي وهذا إخواني...)).
وأما الثاني فمنها:
1. ردّ الشيخ على محمد قطب في كتابه لمنهج التوحيد للمرحلة الثانوية وقال‏:ان ما قام به عمل ناقص جدًّا، لأن ما قام به في هذا العمل يقتصر غالبا على إثبات توحيد الربوبية، وهي تحصيل حاصل.
2. وردّ على محمد على الصابوني وحذر من كتبه.
3. وردّ على عبد الكريم الخطيب في كتاب ‏"‏الدعوة الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب‏"‏
4. وردّ ما توهمه الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو من صحة نسبة ما في كتاب ‏"‏نهج البلاغة‏"‏ إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
5. وردّ على محمد سعيد رمضان البوطي.
6. وردّ أوهام أبي زهرة في حق شيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله –
7. وردّ على ما قاله حسن البنا من أن آيات الصفات من المتشابه
8. قال الشيخ الفوزان في تحذيره من عرعور: ((وأصلا ما هو بعالم... أنصح الشباب السلفي بمقاطعته و عدم حضور دروسه هو و أمثاله)).
9. قال الشيخ الفوزان في تحذيره من أبي الحسن بقوله: (اتركوا هذا الرجل).
10. وردّ على طارق السويدان ووصفه بأنه مجرم.
11. و ردّ على محمد حسان.
12. وكذلك ردّ على محمد سرور بن نايف زين العابدين وقال : هذا القائل من دعاة الضلال؛ نسأل الله العافية فيجب أن نَحْذَر من كتابه هذا، وأن نُحذِّر منه.

وردّ على غير هؤلاء أيضا.
فظهر من هذا أن تعلقهم بمقولة الشيخ الفوزان حفظه الله السابقة تعلق باطل؛ لأن الشيخ حفظه الله لم يسكت هو عن منكرهم وبدعهم ولا عن التحذير منهم، وغاية ما يفهم من عموم أقواله في هذه المسألة أمران:
الأمر الأول: تحذيره من أن يقوم بالتحذير من ليس مؤهلا لذلك كالصغار الذين يتقدمون بين يدي الكبار في الحكم على الناس كما يظهر من قوله: ((لأنهم ليسوا من علماء الجرح والتعديل ولا يعرفون الجرح والتعديل، ولا يعرفون مواضع الجرح والتعديل)) ينظر موقع الشيخ على النت الفتوى رقم (9442). وأما تقدم الصغار بين يدي العلماء فإنه خصلة ذميمة ملاحظة في فرقة الحدادية الذين لا يقفون عند كلام العلماء بل هم يصدرون الأحكام على الدعاة بدون علم .
وهذا التحذير يشاركه فيه غيره من العلماء كالشيخ ربيع حفظه الله كما يظهر من أقواله هذه:
قال الشيخ ربيع حفظه الله: ((فإن كثيراً من الشباب إذا خاضوا في الفتنة جرفتهم أو مزقتهم، وقد حصل هذا، فالأسلم لهم البعد عنها وعدم الخوض فيها، والحفاظ على عقيدتهم وأخوتهم في الله، وأن يدَعوا العلاج للعلماء)).
والأمر الآخر: تحذيره من تجريح من لا يستحق ذلك من العلماء وطلبة العلم وأهل الخير فيحذر الشيخ من خلط التحذير من المبتدعة بالكلام في الأفاضل، كما يقول حفظه الله: ((ولا يجوز الكلام في الناس والكلام في العلماء وطلبة العلم وأهل الخير، ولو لاحظتَ عليهم شيئا ما يجوز أن تتكلم في غيبتهم، حرام هذه غيبة ونميمة، إذا لاحظت عليهم شيء تبلغهم هذا الشيء (كلمة غير واضحة) فليس هذا من الجرح والتعديل هذا من الغيبة))
وهذا التحذير يشاركه فيه غيره من العلماء كالشيخ ابن عثيمين رحمه الله محذرا من تتبع عورات المسلمين و لا سيّما العلماء وطلبة العلم بقوله:
((والواجب - بارك الله فيك- لمن صدر منه ما يُنتقد عليه ، أن يدافع الإنسان عن أخيه إذا سمع من ينتقده في هذا، ويقول: لعله اشتبه عليه الأمر..لعل له تأويلاً ، لاسيما من عُرف بالصدق والإخلاص، وحب نشر العلم ).
المرجع: https://www.IslamGold.com
وكذلك يشارك الشيخُ ربيع الشيخَ الفوزانَ في التحذير من غلو واستعجال الحدادية ومن تأثر بهم من الشباب في طعنهم في كل من أصابته زلة أو وقع في خطأ من العلماء وطلبة العلم السلفيين ،كما يظهر من أقواله الكثيرة التي منها:
قوله: ((ولقد تعبتُ كثيراً وكثيراً هنا وهناك، من معالجة آثار كلام من لا ينظر في العواقب، ولا يراعي المصالح والمفاسد، ولا يستخدم الرفق والحكمة، تلكم الأمور والأصول العظيمة التي يجب مراعاتها، ولا تقوم للدعوة قائمة إلا بها)).
وقال حفظه الله ناصحا من يسيء الظن بإخوانه السلفيين الدعاة ويتتبع عثراتهم:
((أدعوك إلى أن تضع يدك في يد إخوانك، وأن تحسن بهم الظن، وأن تعتقد أن فيهم من يهمه أمر الدعوة مثلك وأكثر)). ((فهم ينصحون ويعالجون ويسعون لإزالة الشبه وجمع كلمة السلفيين بكل ما يستطيعون مادياً ومعنوياً. وكان يجب عليك أن تكون معهم في هذه الأمور التي يقومون بها، ويعانون من المشاكل والمصاعب في سبيل القيام بها ما الله به عليم، ويد الله مع الجماعة، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية)).
وقال حفظه الله لمن يدعي السنة وهو يطعن في الدعاة السلفيين : ((أدعوك إلى الجد في علاج ما جرى في هذه الأيام من فتن... وأدعوك إلى السعي في جمع الكلمة ومنها الثناء على إخوانك والتصدي لمن يطعن فيهم))
وبين حفظه الله أن هؤلاء لا يحسنون العلاج وإنما هم قادرون على إشعال نار الفتنة فقط فقال(جاءت الفتن، واشتعلت نيران الفرقة التي أوقفت الدعوة ودمرتها، وجعلت بأس أهلها بينهم، ثم لا علاج من قبلكم)).
فظهر من كلام الشيخين الفوزان وربيع أن الكلام في علماء أهل السنة و طلبة العلم منهم وفي أهل الخير عموما هو الذي يُعد غيبة وشرّا وسببا للفتنة والفرقة، وأما التحذير من أهل البدع فالكل متفقون على وجوبه وأنه ليس من الغيبة وكما ذكر الفرق بين هذين الأمرين الإمام النووي رحمه الله فقد قال: عند شرحِه لحديث ( من سترَ مُسلماً ستره الله ...) : ((وأمَّا السِّترُ المندوب إليه هنا، فالمراد به الستر على ذوي الهيئاتِ ( أهل السُّؤددِ والفَضْلِ الذين لا يُعْرَفُون بالشَّرِ والفسادِ ) ونحوهم، ممَّن ليس معروفاً بالأذى والفسادِ، فأمَّا المعرُوفُ بذلك فيُستحبُّ ألاَّ يُستَرَ عليه؛ تُرفعُ قضيَّتُه إلى وليِّ الأمرِ، إن لم يُخَفْ من ذلك مفسدةً، لأنَّ السِّترَ على هذا يُطْمِعُهُ في الإيذاءِ والفسادِ، وانتهاكِ الحُرُمات، وجَسارةُ غيرِه على مثلِ فِعْلِه، وهذا كلُّه في سِترِ معصيةٍ وقعت وانقضت ...
وأمَّا جرحُ الرُّواةِ والشُّهودِ والأُمناءِ على الصَّدقاتِ والأوقافِ والأيتامِ ونحوهم، فيجبُ جرحُهم عند الحاجةِ، ولا يحلُّ السترُ عليهم إذا رأى منهم ما يقدحُ في أهليَّتِهم، وليس هذا من الغيبَةِ المُحرَّمةِ؛ بل من النَّصيحةِ الواجبةِ، وهذا مُجمعٌ عليه .
وقد نبَّه الإمامُ النَّوويُّ على هذه المسألةِ في كتابه ( رياضِ الصَّالحين ) أيضا تحت : باب ما يُباحُ من الغِيبةِ، فقال بعد سَرْدِه الأسباب التي تُبيحُ إظهارِ المستور : ((... الخامس : أن يكون مُجاهراً بِفسْقِه أو بدعتِه))
وقال شيخنا مقبل الوادعي رحمه الله في بعض دروسه : ((اجمع من يعتد به على شرعية الجرح والتعديل وقلنا (شرعية) لأنه قد يكون واجباً أو مباحاً أو محرماً والأصل في أعراض المسلمين التحريم)) ترجمة الشيخ مقبل الوادعي (ص / 60) .
وقد ردّ علماء الحديث قديما على هذه الشبهة التي يثيرها الحزبيون والقطبيون والسروريون اليوم والتي هي حصر الكلام في رواة الأحاديث فقط ومنع الكلام في المبتدعة والحزبيين، ومن العلماء الذين فندوا هذه الشبهة السخاوي وشيخه الحافظ ابن حجر رحمهما الله كما يظهر فيما يأتي:
قال السخاوي في فتح المغيث شرح ألفية الحديث - (3 / 362) : ((فإن قيل: قد شغف جماعة من المتأخرين القائلين بالتاريخ وما أشبهه كالذهبي، ثم شيخنا ـ يعني ابن حجر ـ بذكر المعائب، ولو لم يكن المعاب من أهل الرواية، وذلك غيبة محضة. ولذا تعقب ابن دقيق العيد ابن السمعاني في ذكره بعض الشعراء وقدح فيه بقوله: إذا لم يضطر إلى القدح فيه للرواية لم يجز. ونحوه قول ابن المرابط: (قد دونت الأخبار وما بقي للتجريح فائدة، بل انقطعت من رأس الأربعمائة)، ودندن هو وغيره ممن لم يتدبر مقاله بعيب المحدثين بذلك:
[يتبع]









رد مع اقتباس