أهلا بك أخي سند الجزائري..
و الله يتطلبالتحليل وقتا و جهدا لا يوفرهما المنتدى مع الأسف ... لذلك سأكتفي بقراءة ما جرى مجرد قراءة لا ترقي إلى مستوى التحليل... و قد تختلف القراءات بإختلاف الزاوية التي ينظر منها إلى الأحداث، و ما حدث في القاعدة الغازية الجزائرية لا بد أن ينظر إليه من الجانب الأمني و السياسي و الإقتصادي.
فمن الناحية الأمنية لا يختلف إثنان في كون نشاط الجماعات الإرهابية في الجزائر غير مرتبط بالأحداث و الأزمات الدولية أو الإقليمية وقد سبق لهذه الجماعات الإرهابية تنفيذ عدد كبير من العمليات قبل الأزمة المالية الحالية، و بالتالي فإن محاولة تصوير أحداث قاعدة تيقنتورين على انها إنتقام من فتح المجال الجوي أمام الطيران الحربي الفرنسي هو إدعاء باطل لا يجد ما يدعمه على أرض الواقع، بدليل أن المصالح الجزائرية قد تم تهديدها و المساس بها قبل المغامرة الفرنسية في مالي و ذلك من خلال غحتجاز الدبلوماسيين الجزائريين إلى غاية يومنا هذا.
أما من القراءة السياسية فيمكن تلخيصها في عدة عناصر لعل أبرزها محاولة إحراج الجزائر و الضغط عليها لكسب مواقفها في ملفات أخرى تتخذ الجزائر منها موقفا متشددا ، و هي ملفات تتجاوز ما يحدث في سوريا و غيرها إلى ملفات أكثر تعقيدا تتعلق بمستقبل منطقة الصحراء و الساحل.
اما القراءة الإقتصادية و التي تحاول جميع التحليلات إغفالها و القفز عليها، فلا أعتقد أن هناك من يعجز عن الربط بين هذا العمل الإرهابي و بين طبيعة المنشأة التي تم إستهدافها و جنسيات الشركات المستثمرة في هذا المجال.
المنشأة منشأة غازية تنتج على ما أعتقد نسبة كبيرة جدا من الغاز الموجه للتصدير .. و الجزائر على ما أعتقد هي رابع ممول لأروربا بهذه المادة بمعنى انها تحتل مكانة مرموقة في السوق مما يجعلها في مواجهة كثير من المتنافسين .. و الشركات العاملة هناك شركات أجنبيةو من شأن هذه العملية الإرهابية أن تؤثر على مناخ الإستثمار ككل و تحد بالتالي من قدرات الجزائر على المحاقظة على مكانتها في السوق الدولية لصالح منتجين آخرين لا سيما على مستوى الخليج العربي ...
ضف إلى ذلك أن الإيحاء بعجز الدولة الجزائرية عن توفير الحماية و الأمن للإستثمار الأجنبي سيجعل موقف الجزائر ضعيفا في مواجهة إصرار بعض الدول الغربية على اللجوء إلى خدمات شركات الأمن العالمية التي كانت في دول أخرى بمثابة أذرع للمخابرات الغربية ساهمت في قلب أنظمة و تغيير معادلات بل و في سقوط دول بأكملها.
غير أنني في هذه المقام أود أن ألفت الإنتباه إلى التركيز الجنوني الهستيري على العملية التي نفذها الجيش الوطني الشعبي ، على عكس المتوقع عادة في مثل هذه الأزمات حيث ينصب التركيز على مواقف الحكومات و على الحالة الإنسانية نفسها، حتى أصبح المتابع يشعر بأن الجيش هو المتسبب في الأزمة و هو من يحتجز الرهائن و هو من يعرض حياة الأبرياء للخطر.
إن إختيار المنشأة الغازية لم يكن إعتباطيا و لم يكن وليد اللحظة التي عجز فيها الإرهابيون عن إختطاف العمال الأجانب و ليس غريبا أيضا أن يتزامن مع تصريح الوزير الفرنسي حول فتح الجزائر مجالها الجوي .. فتصريح الوزير خدم العملية الإرهابية حتى لا أقول أنه جاء تنفيذا لخطة تم إعدادها مسبقا ....
أقول أن التركيز على الجيش الوطني الشعبي لم يبتعد كثيرا إلا من حيث الشكل عن سياسة التصويب على الجيش الليبي و الجيش السوري... إضافة إلى أن التركيز على الجيش الجزائري و تصويره بصورة العاجز عن إدارة أزمة الرهائن و تحريرهم لا سيما حين يطول عمر الأزمة قد يمنح تبريرات لدول الرهائن بالتدخل العسكري تحت ذريعة حماية الرهائن ثم ملاحقة الإرهابيين ... و قد تم إختيار منشأة غازية بالضبط لإطالة عمر الأزمة لكون التعامل مع وضع أمني في منشأة حساسة بمثل هذا الشكل ومع هذا الحجم من الرهائن يجعل خيارات القوى الأمنية محدودة للغاية...
لقد وجد الجيش الوطني الشعبي نفسه أمام معادلة قلما صادفتها القوى الأمنية عبر العالم كله ... منشأة غازية ملغمة قابلة للإنفجار على شعاع 60 كيلومترا ... 30 إرهابيا يتحصنون بألف رهينة مدني و ينتقلون بينهم و يتخذون منهم دروعا بشرية ... عشرات الرهائن الأجانب تم تحييدهم من خلال تقييدهم و ربطهم بأحزمة ناسفة ... ضف إلى ذلك سلطة سياسية تمنع أي تفاوض أو مساومة.
وضع معقد كهذا كان المنتظر من طرف واضعي الخطة الإرهابية أن يستمر على الأقل لمدة تزيد عن الشهر الكامل ... و هو ظرف زمني يسمح بتحقيق أحد ثلاثة أهداف : إما إيجاد موطأ قدم للجيوش الغربية تحت غطاء المساعدة ... إما لفت الأنظار عما يجري في مالي تحديدا ... إما ضرب الجيش الوطني الشعبي نفسه و التشكيك في قدراته على حماية التراب الوطني و توفير الأمن و الإستقرار.
لكن قيادة الجيش و القيادة السياسة ليست بالغباء الذي يجعلها لا تتفطن لهذه التفاصيل .. و هو ما دفع بها إلى التسريع و الإسراع في معالجة الوضع أمنيا مع ضرب حصار إعلاميا لتفادي كل الضغوط على سير العملية نفسها و لحرمان الإرهابيين أنفسهم من كلفرصة للتواصل و تلقي التعليمات من الجهات المخططة عبر أي وسيلة إتصال كانت.
كل هذه مجرد قراءة لا ترقى إلى مستوى التحليل ... و هي نظرة شخصية