[بنت الرّحّل]

24 صفر 1434 من الهجرة النّبويّة الشّريفة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أسأل الله أن يعافيك أختي الكريمة

في الحقيقة مسألة السحر مسألة منتشرة وعدم فهمها فهما صحيحا أدى إلى وجود مشاكل إضافية
هذه بعض النقاط أرجو أن تعينك والله أعلم :
مسألة تحديد السحر ونوعيته وماهيته :
بعض الرقاة - هداهم الله - يقومون بشيء كبيع الوهم للناس ! الأعراض غير كافية في تحديد نوعية السحر
وأستبعد أن تكون المرأة التي توعدتكم شرا هي بحدّ ذاتها من وصفت لك نوعية السّحر وأنك أكلته !
لأن غالب الذين أعرفهم يعانون من هذا الأمر يكون الشخص الذي قصدوه للرقية هو الذي يشخّص لهم حالات السحرمع أنّها أمور غيبية يصعب الجزم بها بهذه الطريقة
ولهذا التشخيص نتائج سيئة جدا منها : تضخيم حالة السحر ، وتوتير المصاب ووقوعه في الشك والوساوس وربط الأحداث ببعضها البعض...إلخ

الإيمان بقدر الله سبحانه :

وليس شرطا أيضا أن تكون جميع أحداث حياتك السيئة مرتبطة بالسحر وهنا النقطة الثانية وهي الأساسية: المصاب بالسحر أو الذي يظن أن فيه سحرا ..مصاب في إيمانه بالقدر ؛ فالسحر وقع بإذن الله وتأثيره بإذن الله أيضا
و لا يعقل بالمؤمن أن ينسب كل شيء سيء يصيبه أنه بسبب السحر

هنا نقطة دقيقة لا يلتفت إليها ...

لنفرض أن هناك سحرا لتعطيل الزواج من الخطأ اعتقاد أنه هو السبب الرئيس والوحيد في ابتعاد الخطاب قد تكون هناك أسباب أخرى لهذا الأمروالله عزّ وجلّ هو الذي يقدّرها سواء بوجود سحر أو عدم وجوده

عمل القلب واعتقاده هو الذي يقوم عليه الشّفاء من السّحر

مثال : أنت فيك سحر فعلا وأصبت بأمراض وعلل لاحظي أن الذي يصاب بالأمراض يصاب أيضا بالتعب النفسي فكره الأشياء الذي لا حيلة لك فيه والذي سببه السحر موجود لكن يضاف إليه الكره الناتج عن الأمراض والعلل والعوائق وما شابهها
هذا الجزء لا يعالجه المرقي ولا الرقية ولا الطبيب ولا غيرهم لأن المصاب هو السّبب فيهلأنه متعلق دائما بالأسباب المادية الظاهرة ويهمل الأسباب القلبية والتي هي أهم شيء في الشفاء والتعافي

فالتوكل على الله والاعتماد عليه والثقة به والإخلاص له ..هذه تحتاج منا مراقبة دائمة وتدقيق فيها .. وكثيرون يظنون أن مظهر التوكل وحقيقته هو أن يقرأ سورة البقرة أو يسمعها ..!
سورة البقرة تحتاج إلى حضور القلب ، إلى خشوع وذل لله ، يأس من جميع العلائق والطرائق والسبل... وأمل فيه وحده سبحانه واعتقاد يقيني بأن الضر بيده ورفعه بيده وحده ..

هذا اليقين في الله هو السبب الرئيس في عمل الأسباب مهما كانت سواء كانت دواء أو أعشابا أو رقية بحد ذاتها
فقراءة سورة البقرة والأذكار لا يعني هو بأنها هي التوكل ! قراءة سورة البقرة تحتاج للتوكل ومن الأخطاء الاعتماد على سماعها مع أن المطلوب القراءة والقراءة تحتاج تدبرا وفهما وخشوعا وحضورا للقلب ، والسماع أيضا يحتاج هذه الأمور

الإصابة بالسحر أو غيره فرصة لمراجعة النفس :
من الأشياءالتي يهملها المصاب : الاستغفار والتوبة من الذنوب والرجوع إلى الله ..
أنا لا أتهمك أختي الكريمة ..لكن يؤسفني أن ينظر دائما إلى السحر من جهة الساحر فقط ..على أنه تعد وظلم وجور وتعذيب وتعطيل للمصالح
و لا ينظر إلى أن المصائب التي تنزل علينا امتحانا واختبارا أو عقوبة ..

فمن الخطأ أختي أن أنشغل بالمرأة الشريرة وأترك أكبر فرصة في حياتي لمراجعة نفسي ..وقد لا تكون تسلّطت عليّ إلا بذنب وقعت فيه ....

أرجو أن لا تفهميني خطأ أختي لكن من أراد الدواء تلّمس أسباب الدّاء وتتبّعها و قضى على كل واحد منها.

وفي الأخيــــر : إن كانت فعلا هذه المرأة شريرة وهي فعلت السحر فعلا ..لا تبيّني لها ولا تبيّن لك ... ولا تضعيها في حسبانك انزعيها من رأسك، كلي أمرها لله سبحانه لأنه سواء بينت لها أو لم تبيني ...الله عز وجل ليس غافلا عما تعمله ..وإن نجحت في الدنيا وحرمتك من الزواج فليس بقوتها و لا بضعفك وإنما لشيء أراده الله ليعذبها به في الآخرة ويوم القيامة تقام الموازين العادلة
وأرجو لها الهداية ...
فكل ما عليك أختي الكريمة الالتزام بأذكارك وقراءة سورة البقرة أنت تقرئينها وليس تسمعينها ...حاولي قراءة بتدبر وخشوع وحضور القلب ...
حافظي على الصلوات ...وادعي الله عز وجل يرفع عنك البلاء وثقي به سبحانه
بالنسبة للكوابيس والأحلام المزعجة عليك بالنوم على طهارة والنفث قبل النوم وقراءة أذكار النوم والمحافظة عليها لتبعد عنك الشيطان ...
ولا تنسي أختي أن تتعلمي العبادات القلبية : الخوف والتوكل والرجاء والإنابة ...هذه عبادات مهمة إن لم يعرفها المسلم فسيقع في الشرك بالله من حيث لا يدري وإن لم يكن ضابطا لها في الرخاء لن يعرفها في الشدّة
هذا لانشراح الصدر والتخلص من السحر لكنه ليس شرطا في وقوع الزواج لأنه رزق من عند الله إن شاء أعطى وإن شاء منع ..
أسأل الله أن يحقق أمانيك ويرزقك العافية والزوج الصالح

أتمنى لك التوفيق

---------------------------------

معا لاستعمال التقويم الهجري : قيّد مشاركتك بكتابة اليوم والشهر القمري والسنة الهجرية .. الهوية تبدأ من هنا!