منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - >>> الــعبدُ المُـطلق من روائع إبن القيّم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-01-06, 17:01   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سآجدْ للهْ
عضو ذهبي
 
الأوسمة
وسام التميز سنة 2012 المرتبة الثانية وسام العطاء في منتدى التعليم الثانوي 
إحصائية العضو










Icon24 >>> الــعبدُ المُـطلق من روائع إبن القيّم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,,,

((العبد المطلق ))

وصاحب التعبد المطلق ليس له غرض في تعبد بعينه يؤثر على غيره ,

بل غرضه تتبع رضاة الله تعالى أين كانت .

فمدار تعبده عليها .

فهو لا يزال متنقلا في منازل العبودية , كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها ,

واشتغل بها حتى يلوح له منزلة أخرى .

فهذا دأبه في السير حتى ينتهي سيره :

فإن رأيت العلماء رأيته معهم , وإن رأيت العباد رأيته معهم , وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم , وإن رأيت الذاكرين رأيته معهم , وإن رأيت المتصدقين المحسنين رأيته معهم , وإن رأيت أرباب الجمعية وعكوف القلب على الله رأيته معهم .

فهذا هو العبد المطلق , الذي لم تملكه الرسوم , ولم تقيده القيود ,

ولم يكن عمله على مراد نفسه , وما فيه لذاتها وراحتها من العبادات .

بل هو على مراد ربه ولو كانت راحة نفسه ولذتها في سواه .

فهذا هو المتحقق بإياك نعبد وإياك نستعين حقا , القائم بها صدقا .

ملبسه ما تهيأ , ومأكله ما تيسر , واشتغاله بما أمر به في كل وقت بوقته ,

وجلوسه حيث انتهى ووجده خاليا ,

لاتملكه إشارة , ولا يتعبده قيد , ولا يستولي عليه رسم ,

حر مجرد , دائر مع الأمر حيث دار , يدين بدين الأمر أنى توجهت ركائبه , ويدور معه حيث استقلت مضاربه

يأنس به كل محق , ويستوحش منه كل مبطل ,

كالغيث حيث وقع نفع , وكالنخلة لا يسقط ورقها وكلها منفعه حتى شوكها .

وهو موضع الغلظة منه على المخالفين لأمر الله , والغضب إذا انتهكت محارم الله .

فهو لله وبالله ومع الله ,

قد صحب الله بلا خلق , وصحب الناس بلا نفس .

بل إذا كان مع الله عزل الخلائق من البين وتخلى عنهم ,

وإذا كان مع خلقه عزل نفسه من الوسط وتخلى عنها .

(( فوا آه له )) !!!.

ما أغربه بين الناس , وما أشد وحشته منهم ,

وما أعظم انسه بالله وفرحه به . وطمأنينته وسكونه إليه !!


روائع التفسير لإبن القيم رحمه الله .



وفّقكم الرّحمـن وأحسن إليكُم
وأعآنني الله وأعانكم على الطآعة والعمل الصآلح









 


رد مع اقتباس