إستوقفني قبل أيام خبر " إنشقاق " ثلاث صحفيين " سوريين " عن النظام السوري.
إستغربت أن يكون الصحفي جزء من النظام حتى ينشق عنه ... فالصحفي إن كان مؤسسة عمومية فهو موظف أقصى ما يستطيع فعله هو الإستقالة من الوظيفة و هو إجراء لا يأخذ طابع الإنشقاق حتى و إن كان لأسباب سياسية ... فالموظف ليس جزء من النظام بل عو عون من أعوان الدولة.... فلو صح هذا النمط من التفكير لكان غسان بن جدو مثلا منشقا عن دولة قطر ...سيقول البعض أن غسان بن جدو ليس قطريا ... و أقول مهلا مهلا ... سيأتي بيان ذلك و تفنيده فيما سيلي من تدخلي.
إستغربت أيضا صحوة الظمير المتخلفة كثيرا من باب " أن تصل متأخرا خير من أن لا تصل أبدا " ... رغم أن الصحفي هو من نخبة المجتمع و يجب أن لا يستغرق كل هذا الوقت ليتخذ قرارا في مسألة كالماسألة السورية بكل ما تمثله من أبعاد و تعقيد ... فالصحفي الذي يقبل أن يعمل " بوقا من أبواق النظام " لمدة تزيد عن 20 شهرا لا يستطيع أن يقنع سوى الأغبياء بأنه الآن فقط أدرك خطأ ما يقوم به ... و إن صح هذا الزعم فهو لا يستحق العمل في قطاع الصحافة و الإعلام أصلا و لا ان ينتمي إلى " السلطة الرابعة " لأن مستواه الفكري و الخلاقي و المهني لا يؤهله لمعرفة الحقيقة و التمييز بين الخطأ و الصواب، فكيف لمن ينقصه الوعي أن ينشر الوعي في المجتمع و كيف يحكم على النظام بأنه غير اخلاقي من يستغرق 20 شهرا حتى يحدد ما هو الأخلاقي و غير الأخلاقي.. . فشهادته مشكوك فيها و كلامه لا وزن له.
و أخيرا ... و هنا أعود إلى قضية غسان بن جدو المستقيل من قناة الجزيرة ... أستغرب أن نقول أن ثلاث صحفيين قد إنشقوا عن النظام السوري .... فمن بين هؤلاء الثلاث لا يوجد سوى سوري واحد فقط .. أما المدعوة لمى الخضراء وأمها بدور عبد الكريم فهما فلسطينيتان و ليستا سوريتين لا بالدم و لا بالجنسية لا من جهة الأب و لا من جهة الأم و لا من جهة خامس جد .... فكيف ينشق الفلسطيني عن الدولة السورية و هو أصلا لم يكن يوما منتميا إليها بأي رابطة إلا بعقد شغل محدد المدة.
ما أريد قوله من خلال طرحي للموضوع هو أنني منذ نعومة اظافري كنت أسمع هنا و هناك عن أسماء تختلف مع النظام و كان المصطلح المستعمل دوما هو إنتقال المعني إلى المعارضة .... و لكن منذ التجربة الليبية ظهر هذا المصطلح الجديد و جرى تعميمه و تكريسه بكثير من المكر و الدهاء لتقديم صورة خاطئة عن كون أركان النظام تتداعي... حتى أصبحت إستقالة بواب العمارة في حواري دمشق إنشقاقا عن النظام.
لا يهمني أن يتداعي أي نظام ... و لكن أكره الكذب على الناس ... و من كان يريد إسقاط نظام ما لا يخدع مناصريه بالآمال الكاذبة غير المؤسسة ... و التي قد يكون لها تأثير عكسي يخدم النظام أكثر مما يضعفه.