حدّثنا الرّاوي (كان هنا و راح) قال: نظرت نظرة فتعجّبت، و لولادة البنيان الغريب أبصرت، رأيت الأشجار تمشي على رؤوسها للتقدّم فهمت، ثم سيّرت طرفي للبهائم فسعدت، رأيت ما لا يرى في المنام و خصّصت، ثم حملتني الأرجل لشجرة بها تظّللت، فغفت عيني و في بحر خضم بعد بركة سبحت، رأيت رؤيا على غير الطبيعة فسّرت، رأيت ضيافةً الريحُ لأزكى الريحِ منها حملت، تدخلها الأنفس و تتخلّف عنها الأجساد بما ركّبت، فراسلتها بجنيّ خفيّ مستفسرا عمّا حوت، فغبرت الزائرة و تاه الرّسول و أنا كبّلت، ثم راسلتهما بهمسات لنسيم العليلة تخلّفت، فطلبته بالزيادة و للرّجوع رفضت، فضاع الثلاثة و للجدّ شمّرت، كيف الوّلوج للبحر بعد اليابسة تيقّنت، فتحرّكت فإذا بصوت عال ينادي بالصلاة قد فلحت، فلممت أمري و للبيت الشريف قصدت، و فتعثرت بقوقعة حلزون سقطت، عجبا كيف للصغير أن يعطّل الكبير فشرفت، ثم للجد المسير أكملت، فرأيت حسناء على النهر ففتنت، فوقفت ناظرا فإذا الصوت الأوّل للغذاء يهفت، فلفوتها عنّي و سبقتهم الدرجات علمت، فاجتهدت أن أجيبه للغذاء ثم أكمل ما نويت، فدخلت فوجدت الغذاء على غير الطبيعة شممت، الغذاء على غير ما عهدت، فاختلطت الحقيقة بالحلم و الرؤيا فاحترت. هي مقامة معقّدة سطّرت، ردا على سبقت الكلمات قصدت.