ما منزلة الرسول في الأمة؟
أن يشهد على الأمة: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس
ويكون الرسول عليكم شهيداً) إذن وظيفة الصحابة في الأمة هي الشهادة
على الأمة بل الأمم, كما أن الرسول هو شاهد على أصحابه وعلى أمته,
وأصحاب الرسول يشهدون على الأمم؛ وحديث نوح-عليه السلام-معروف:
أنه لما يأتي ربنا بنوح-عليه السلام-يقول: من يشهد لك نوح يقول: محمد
وأمته, فيأتي الله بأمة محمد فيشهدون لنوح فيقول: وما علمكم بذلك,
يقولون أخبرنا رسولنا, أخبرنا رسول الله محمد-صلى الله عليه وسلم-فنحن
نصدق ونشهد لنوح؛ فهم يشهدون لنبيهم بالرسالة, ويشهدون للأنبياء بالرسالة
لأن الرسول أخبرنا بذلك, ويشهدون على الأمة, وورد في الحديث الصحيح:
« أن جنازة مرت من عند الرسول وأصحابه عنده, فأثنوا عليها خيرا فقال:
وجبت, فمرت جنازة أخرى فأثنوا عليها شرا فقال: وجبت, فقالوا: ما وجبت
يا رسول الله قال: الأولى أثنيتم عليها خيراً فوجبت لها الجنة, والأخرى أثنيتم
عليها شراً فوجبت لها النار, أنتم شهداء الله في الأرض».
هل الصحابي حجة على الأمة أم لا؟
حجة, فإذا كانت منزلة الصحابة في الأمة كمنزلة الرسول في الأمة, أو وظيفة
الرسول, وظيفة الصحابة كوظيفة الرسول, إذاً منهج الصحابة حجة, وجعل الرسول
-صلى الله عليه وسلم-منزلة أصحابه في أمته كمنزلة النجوم من السماء,
وما علاقة النجوم بالسماء؟
علاقة النجوم بوجود الرسول في الأمة؟ علاقة ذلك كله بوجود الصحابة في الأمة؟
النجوم في السماء لها وظائف هي ماذا؟ علامات, منارات هدى, هي رجوم للشياطين,
هي زينة للسماء: (ولقد زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب) (ولقد زينا السماء
الدنيا بمصابيح) فالصحابة زينة الأمة (كنتم خير أمة أخرجت للناس) خير هذه الأمة
هم الصحابة, « خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم»
الصحابة-رضوان الله عليهم- علامات, منهجهم علامة يقتدى به (وعلامات
وبالنجم هم يهتدون) إذاً النجوم أيضا في السماء يهتدى بها في ظلمات البر
وظلمات البحر, كذلك منهج الصحابة يهتدى به للتخلص من ظلمة الشبهات,
وظلمة الشهوات, ومنهج الصحابة رجوم لأهل البدع, كما أن النجوم رجوم
للشياطين, كما قال الله-تبارك وتعالى-في سورة الملك وفي سورة الصافات
وغيرها: (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين)
فمنهج الصحابة هو رجوم لأهل الأهواء ورجوم للبدع, ولذلك إخواني
من فضل الله على الأمة أن رؤوس الطوائف ورؤوس الفرق ظهرت في عصر
الصحابة, الخوارج ظهروا ونبغوا في عصر الصحابة, الروافض خرجوا
ونبغوا في عصر الصحابة, المعتزلة خرجوا ونبغوا في عصر الصحابة,
والجهمية نبغوا وخرجوا في عهد الصحابة, فكان لوجود هذه الفرق فائدتين,
أو كان له فائدتان:
الفائدة الأولى: أنها ظهرت, فقام الصحابة بواجب الرد عليهم, ردوا عليهم,
ردّ الصحابة على القدرية كما في حديث ابن عمر في مسلم, وردّ الصحابة
على الخوارج كما في حديث جابر بن عبد الله, حديث يزيد الفقير في مسلم,
وردّ الصحابة على الشيعة الروافض كما في صحيح البخاري حديث أبي جحيفة
عن علي-رضي الله عنه-, ورد الصحابة على الخوارج أيضاً كما في مناظرو
ابن عباس للخوارج, فالصحابة ردوا على هذه البدع, فتبيّن لنا أنها بدع.
الفائدة الثانية: أن أحداً من الصحابة لم يكن في صف أحد تلك الفرق, لذلك
لما ناظر ابن عباس الخوارج قال: وجئتكم من عند ابن عم رسول الله وصهره
ومن عند أصحابه وليس فيكم أحد منهم, ما في أحد من الصحابة في صف الخوارج
ولا معتزلة ولا جهمية ولا أشاعرة ولا مرجئة ولا روافض.
إذن تبيّن لنا أن هذه الرؤوس ضلالة, ودعوات جهالة؛ فهذا الحديث يعطينا
دلالة على وجوب اتباع منهج الصحابة.
أيضا لو انتقلنا إلى طبقة الصحابة-رضوان الله عليهم-لنجد أن الصحابة احتجوا
بمنهجهم على من بعدهم, إذا كان الرسول يعلمنا أن منهج الصحابة حجة
على من بعدهم, الصحابة تلقوا هذا المنهج عن الرسول فاستدلوا بمنهجهم
على من بعدهم, ونأخذ مثالين أيضاً: