في رأيي أن الطيبة كالمعروف ، و الإنسان المؤمن يصنع المعروف و لو في غير موضعه إيمانا منه أن الله تعالى هو المجازي و هذه قصه رجل كبير يرقد في المستشفى لـهرم جسده ،يزوره شاب كل يوم ويجلس معه لأكثر من ساعة يساعده على أكل طعامه والاغتسال ويأخذه في جولة بحديقة المستشفى ، و يساعده على الاستلقاء ويذهب بعد أن يطمئن عليه .
دخلت عليه الممرضة في أحد الأيام لتعطيه الدواء وتتفقد حاله وقالت له :
ما شاء الله يا حاج الله يخليلك ابنك أوحفيدك يومياً يزورك، قليلا ما نرى هذا في زماننا هذا
نظر إليها ولم ينطق وأغمض عينيه ، وقال لنفسه “ ليته كان أحد أبنائي .. “
هذا يتيم من الحي الذي كنا نسكن فيه ، رأيته مرة يبكي عند باب المسجد بعدما توفي والده فهدأته واشتريت له قطعة حلوى ، ولم أره منذ ذلك الوقت . ومنذ علم بوحدتي أنا وزوجتي فهو يزورنا كل يوم لـيتفقد أحوالنا حتى وهن جسدي فأخذ زوجتي إلى منزله وجاء بي إلى المستشفى للعلاج . وعندما كنت أسأله " لماذا يا ولدي تتكبد هذا العناء معنا؟ " يبتسم ويقول ..
ما زال طعم الحلوى في فمي يا عمي ) !
قال شاعر :
ازرع جميلا و لو في غير موضعه فلن يضيع جميل أينما زرعا
إن الجميل و إن طال الزمان به فليس يحصده إلا الذي زرعا