منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - للنساء فقط!!!!
الموضوع: للنساء فقط!!!!
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-11-24, 23:38   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يرىٰ أنَّهُ غير صالحٍ ليُصبح أبًا وزوجًا ...!

وهنا سائلٌ آخرَ يقولُ: رجلٌ لهُ شهوةٌ شديدةٌ، ولكنَّه ليس قادرٌ على تحمِّل المسئُوليَّة، ويرىٰ أنَّهُ غير صالحٍ ليُصبح أبًا وزوجًا؛ فما حكم زواجه؟

الجواب

والله! لا أدري كيف هذه التَّقدمة الَّتي يرى من نفسه هذا كلِّه؛ على كلِّ حال يستعن بالله - جلّ وعلا - من كان أمره كذلك، نقول له: إذا كانت شهوته عارمة، بما أخبر به النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - في الحديث الصَّحيح: ((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ))، إلى أنْ قال: ((وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ)). فإذا أراد أنْ يكسر شهوته ولا يستطيع إمضائها في حلالٍ فعليه بالصِّيام، والتَّذكر لما أعدَّه الله - عزَّ وجلَّ - للقائمين بحدوده المنتهين عن محارمه.
وأمَّا قوله: أنهُ غير صالحٍ ليصبح أبًا؛ فهذا أخشى عليه أنْ يكون من التَّألِّ، فهذا أمرٌ في علم الغيب، فقد يكون المرء في أوَّل أمره على غير هدًى، وعلى غير استقامة، لكن! بإصلاح النَّفس ومجاهدتها على الصَّلاح والإصلاح يصلح المرء، والنبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - يقول كما في الحديث الَّذي أخرجه التِّرمذيُّ وغيره، وهو حسنٌ: ((إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ..)). إلى آخر الحديث، فما يمكن أنْ يكون الإنسان يخرج مِنْ بطن أمِّه صالحًا مُصلحًا، إنَّما هي بالآداب والأخلاق، وتعويد النَّفسِ على كريم الأخلاق، والبُعد عَنْ قبائح الأمور، وهكذا، ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾. فلا بدَّ الإنسان أنْ يجاهد نفسه على الصَّلاح والإصلاح، ولهذا جاء في الأثر: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزِنوا أعمالكم قبل أنْ تُوزنوا، فالكيِّسُ من دَانَ نفسه وعَمِلَ لِمَا بعدَ الموتْ، والعاجزُ من أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأمانيّ". فلذا يجب على الإنسان: أنْ يسعى في صلاح نفسه وإصلاحها، وأنْ يجاهدها على الصَّلاح، ولهذا محاسبة النَّفس من الأمور المهمَّة؛ لماذا؟
لأنَّ من فوائدها: أنْ يراجع المرء ما أقدَمَ وما قصّرَ فيه، فإذا كان ما أقدم عليه من الأمور الصَّالحة ثبت عليها،وإن كان قد قصَّرَ حثَّ نفسه على المسارعة فيها، وإن كان قد ارتكب منكرًا أو أمرًا يعني منهيًّا عنه جاهَدَ نفسه على أنْ لا يقع فيه، وصحَّحَ أمره وصحَّح فعله، أمَّا أن يبقى الإنسان يقول: أنهُ غير صالحٍ أن يكون أبًا ولا زوجًا! فهذا غير صحيحٌ، لكن! على كلِّ حالٍ، ودعنا من الفرضيات الَّتي يفترضها بعض الفقهاء في هذا الباب، لكن! نحن نقول: الإنسان يسعى جاهدًا في صلاح نفسه وصلاحها.
والأمر الثَّاني: إذا وجد مِنْ نفسه الصَّلاحَ والإصلاح والاستقامة أقدم على الزَّواج ليعُفَّ نفسَهُ ويعفَّ غيره، وقد ذكر الإمام ابن القيِّم - رَحِمَهُ اللهُ -: "أنّ المرء يستطيع أنْ يُصلِحَ ما مضى من فعله، وما يستقبل، وما هو فيه"، فقالَ - رَحِمَهُ اللهُ - في كلامٍ لهُ نفيسٌ في كتابه "الفوائد" حول هذه المسألة المهمَّة: كيف ـ كما يُقال ـ كيف يُصلح المرءُ حاله؟ فذكرَ ممَّا ذكر أنهُ إصلاح ما تقدَّم أو ما سبق؛ يقولُ - رَحِمَهُ اللهُ -: "هلُمّ إلى الدُّخول على الله ومجاورته في دار السَّلام، بلا نَصَبٍ، ولا تَعِبٍ، ولا عَناءٍ، بل هو مِنْ أقرب الطُّرق وأسهلها، وذلك أنَّك في وقتٍ بين وقتين، وهو في الحقيقة عُمرك، وهو وقتك الحاضر بين ما مضى وبين ما يستقبل، فالذي مضى - يعني: ما مضىٰ مِنْ وقتك ومِنْ عمرك - تُصلِحه بالتَّوبة والنَّدمِ والاستغفار، وذلك شيءٌ لا تعبَ عليكَ فيهِ ولا نصَبَ ولا معاناةَ عملٍ شاقّ إنَّما هو عمل القلب". يقصد - رَحِمَهُ اللهُ - أنَّ إصلاح ما مضى ليس فيه مزيدُ عناءٍ وعملٍ شاقٌّ، إنَّما هو بالتَّوبةِ، والنَّدمِ، والاستغفارَ، وغالب هذا يقوم على العمل عمل القلب، قالَ: "إنَّما هو عمل القلبِ وتمتنع فيما يستقبل مِنْ الذُّنوب ـ ما يأتي ـ وامتناعُك عن ذلك تركٌ وراحةٌ ليس هو عملًا بالجوارح يشقُّ عليك معاناته، - يعني: حتَّى ما يستقبل إصلاحك له بالتَّرك، حتَّى التَّرك هذا ليس فيه عملٌ شاقٍّ، على الإنسان بجوارحه - وإنما هو عزمٌ ونيةٌ جازمةٍ تُريحُ بدنك وقلبكَ وسِرَّك".
إذًا قالَ: "فما مضى تُصلحه بالتَّوبة، وما يستقبل تُصلحه بالامتناعِ والعزمِ والنِّية، وليس للجوارح في هذين نصبٌ ولا تعبٌ، ولكنَّ! الشَّأن في عمرك وَوقتك الَّذي بين الوقتين؛ - هذا الشَّأن بين الوقت الَّذي مضى، والوقت الَّذي يستقبل، هو الوقت الَّذي أنت فيه الآن؛ السَّاعة الَّتي أنت فيها -، فإنْ أضعته؛ أضعت سعادتك، ونجاتك، وإنْ حفظته مع إصلاح الوقتين اللَّذين قبله وبعده؛ بما ذُكِر نجوْتَ، وفزتَ بالرَّاحة واللَّذة والنَّعيم، قالَ: "وحِفظه أشقُّ من إصلاحِ ما قبله، وما بعده، فإنِّ حِفْظه أنْ تلزَمَ نفسَكَ بما هو أوْلى بها، وأنفعُ لها، وأعظم تحصيلًا لسعادتها.وفي هذا تفاوت النَّاس أعظم تفاوت: فهي والله! أيَّامك الخاليَّة الَّتي تجمع فيها الزَّاد لمعادِكْ، إمَّا إلى جنَّةٍ، وإمَّا إلى نارٍ، فإنْ اتَّخذت إليه سبيلًا إلى ربِّكَ بلغتَ السَّعادة العُظمى، والفوز الأكبر في هذه المدَّةِ اليسيرة الَّتي لا نسبة لها إلى الأبد، وإنْ آثرتَ الشَّهوات؛ والرَّاحات، واللَّهوَ، واللَّعِبَ، انْقضت عنك بسرعةٍ، وعقبتك الألم العظيم الدَّائم الَّذي مُقاساتهُ ومعاناتهُ أشقُّ وأصعبُ وأدْوَمَ مِنْ معاناة الصَّبرِ عَنْ محارم الله، والصَّبر على طاعته، ومخالفةِ الهوى لأجله". انتهىٰ كلامه - رَحِمَهُ اللهُ -.
إذًا: الإنسان يجب أنْ يجاهد نفسه، وأنْ يُصلحها على الصَّلاح والإصلاح، ويصلح ما مضى، ويُصلح ما يستقبل، وأنْ يُحدّثَ نفسه بالأمور الحسنة الصَّالحة، ويُقدِم على ما أمره الله - عزَّ وجلَّ - به، من التَّحصُّن، والتَّحصين، والزَّواج، فإنَّ الزَّواج أمرٌ عظيمٌ قد حثَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - في أحاديثٍ كثيرةٍ، وعلى المرء إذا ما قام بهذا الفعل النَّبيل أنْ يُراعِيَ الحقوق والواجبات الَّتي له، والَّتي عليه. نعم.
______________________________________
الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري حفظه الله














رد مع اقتباس