منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - \\\رجال صنعوا التاريخ-تابع-( موسى عليه السلام)
عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-10-10, 00:16   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
boulboul
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية boulboul
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال تعالى: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون أخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) (طه 142)
قال جماعة من السلف منهم ابن عباس ومسروق ومجاهد: الثلاثون ليلة هي شهر ذي القعدة بكماله وأتمت أربعين ليلة بعشر ذي الحجة فعلى هذا يكون كلام الله له يوم عيد النحر وفي مثله أكمل الله عزوجل لمحمد صلى الله عليه وسلم دينه وأقام حجته وبراهينه.
والمقصود أن موسى عليه السلام لما استكمل الميقات وكان فيهصائماً يقال: إنه لم يستطعم الطعام فلما كمل الشهر أخذ لحاء شجرة فمضغه ليطيب ريح فمه فأمه الله أن يمسك عشراً أخرى فصارت أربعين ليلة. ولهذا ثبت في الحديث: (أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) فلما عزم على الذهاب استخلف على شعب بني إسرائيل أخاه هارون المحبب المبجل الجليل وهو ابن أمه وأبيه ووزيره في الدعوة إلى مصطفيه فوصاه وأمره وليس في هذا لعلو منزلته في نبوته منافاة قال الله تعالى: (ولما جاء موسى لميقاتنا) أي في الوقت الذي أمر بالمجيء فيه (وكلمه ربه) أي كلمه الله من وراء حجاب إلا أنه أسمعه الخطاب فناداه وناجاه وقربه وأدناه وهذا مقام رفيع و معقل منيع ومنصب شريف ومنزل منيف. فصلوات الله عليه تترى وسلامه عليه في الدنيا و الأخرى. ولما أعطي هذه المنزلة العلية والمرتبة السنية وسمع الخطاب سأل رفع الحجاب فقال للعظيم الذي لاتدركه الأبصار القوي البرهان: (رب أرني أنظر إليك قال لن تراني) . ثم بين تعالى أنه لا يستطيع أن يثبت عند تجليه تبارك وتعالى لأن الجبل الذي هو أقوى وأكبر ذاتاً وأشد ثباتاً من الإنسان لايثبت عند التجلي من الرحمن ولهذا قال (ولكن انظر الى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني) .
وفي الكتب المتقدمة أن الله تعالى قال له: يا موسى إنه لايراني حي إلا مات ولا يابس إلا تدهده وفي الصحيحين: عن أبي موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (حجابه النور) وفي رواية: (النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه). وقال ابن عباس في قوله تعالى: (لا تدركه الأبصار) ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى لشيء لا يقوم له شيء ولهذا قال تعالى: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقاً فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين). قال مجاهد: ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني) فإنه أكبر منك وأشد خلقاً فلما تجلى ربه للجبل فنظر إلى الجبل لا يتمالك وأٌبل الجبل فدك على أوله ورأى موسى ما يصنع الجبل فخر صعقاً. وذكر في التفسير ما رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه ابن جرير والحاكم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت. زاد ابن جرير وليث عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: 0فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً) قال: هكذا - بإصبعه - ووضع النبي صلى الله عليه وسلم الإبهام على المفصل الأعلى من الخنصر فساغ الجبل - لفظ ابن جرير - وقال السدي عن عكرمة وعن ابن عباس: ما تجلى - يعني من العظمة الأقدر - الخنصر فجعل الجبل دكاً قال: تراباً (فلما أفاق) فإن الإفاقة إنما تكون عن غشى. قال: (سبحانك) تنزيه وتعظيم وإجلال أن يراه بعظمته أحد (تبت إليك) أي فلست أسأل بعد هذه الرؤية (وأنا أول المؤمنين) أنه لا يراك حي إلا مات ولا يابس إلا تدهده.

ثبت في الصحيحين من طريق عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني الأنصاري عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تخيروني من بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة م قوائم العرش فلا أدري آفاق قبلي؟ أو جوزي بصعقة الطور؟) لفظ البخاري. وفي أوله: قصة اليهودي الذي لطم وجهه الأنصاري حين قال: لا والذي اصطفى موسى على البشر. فقال رسول الله: (لا تخيروني بين الأنبياء). وفي الصحيحين من طريق الزهري عن أبي سلمة وعبدالرحمن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه وفيه (لا تخيروني على موسى) وذكر تمامه. وهذا من باب الهضم والتواضع أو نهي عن التفضيل بين الأنبياء على وجه الغضب والعصبية أو ليس هذا إليكم بل الله هو الذي رفع بعضهم فوق بعض درجات وليس ينال هذا بمجرد الرأي بل التوقيف. ومن قال: إن هذا قاله قبل أن يعلم أنه أفضل ثم نسخ باطلاعه على أفضليته عليهم كلهم. ففي قوله هذا نظر لأن هذا من رواية أبي سعيد وأبي هريرة وما هاجر أبو هريرة إلا عام حنين متأخراً فيبعد أنه لم يعلم بهذا إلا بعد هذا. والله أعلم. ولا شك أنه صلوات الله وسلامه عليه أفضل البشر بل الخليقة قال الله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وما كملوا إلا بشرف نبيهم. وثبت بالتواتر عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر) ثم ذكر اختصاصه بالمقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون الذي تحيد عنه الأنبياء والمرسلون حتى أولو العزم الأكملون: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم. وقوله صلى الله عليه وسلم: (فأكون أول من يفيق فأجد موسى باطشاً بقائمة العرش) أي آخذاً بها (فلا أدري أفاق قبلي؟ أم جوزي بصعقة الطور؟ )دليل على أن هذا الصعق الذي يحصل للخلائق في عرصات (العرصة: البقعة الواسعة التي لا بناء فيها) القيامة حين يتجلى الرب لفصل القضاء بين عباده فيصعقون من شدة الهيبة والعظمة والجلال فيكون أولهم إفاقة محمد خاتم الأنبياء ومصطفى رب الأرض والسماء على سائر الأنبياء فيجد موسى باطشاً بقائمة العرش. قال الصادق المصدوق: (لا أدري أصعق فأفاق قبلي) أي كانت صعقته خفيفة لأنه قد ناله بهذا السبب في الدنيا صعق؟ أو جوزي بصعقة الطور؟ يعني فلم يصعق بالكلية. وهذا فيه شرف كبير لموسى عليه السلام من هذه الحيثية ولا يلزم تفضيله بها مطلقاً من كل وجه. ولهذا نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على شرفه وفضيلته بهذه الصفة لأن المسلم لما ضرب وجه اليهودي حين قال: (لا والذي اصطفى موسى على البشر) قد يحصل في نفوس المشاهين لذلك هضم بجانب موسى عليه اللام فبين النبي صلى الله عليه وسلم فضيلته وشرفه. وقوله تعالى: (قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وكلامي) أي في ذلك الزمان لا ما قبله لأن إبراهيم الخليل أفضل منه كما تقدم ذلك في قصة إبراهيم ولا ما بعده لأن محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل منهما كما ظهر شرفه ليلة الإسراء على جميع المرسلين والأنبياء وكما ثبت أنه قال: (سأقوم مقاماً يرغب إلى الخلق حتى 'براهيم) وقوله تعالى: (فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين على ذلك. قال الله تعالى: (وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفضيلاً لكل شيء) وكانت الألواح من جوهر نفيس ففي الصحيح: أن الله كتب له التوراة وفيها مواعظ عن الآثام وتفضيل لكل ما يحتاجون إليه من الحلال والحرام (فخذها بقوة) أي بعزم ونية صادقة قوية (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها) أي يضعوها على أحسن وجوهها وأجمل محاملها (سأريكم دار الفاسقين) أي ستروا عاقبة الخارجين عن طاعتي المخالفين لأمري المكذبين لرسلي.

يذكر تعالى ما كان من أمر بني إسرائيل حين ذهب موسى عليه السلام إلى ميقات ربه فمكث على الطور يناجيه ربه ويسأله موسى عليه السلام عن أشياء كثيرة وهو تعالى يجيبه عنها فعمد رجل منهم يقال له: هارون السامري فأخذ ما كان استعاره من الحلي فصاغ منه عجلاً وألقى فيه قبضة من التراب كان أخذها من أثر فرس جبريل حين رآه يوم أغرق الله فرعون على يديه فلما ألقاها فيه خار كما يخور العجل الحقيقي. ويقال إنه استحال عجلاً جسداً أي لحماً ودماً حياً يخور. قاله قتادة وغيره وقيل: بل كانت الريح إذا دخلت من دبره خرجت من فمه فيخور كما تخور البقرة فيرقصون حوله ويفرحون (فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي) أي فنسي موسى ربه عندنا وذهب يتطلبه وهو ههنا تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً وتقدست أسماؤه وصفاته وتضاعفت آلاءه وعداته. قال الله تعالى مبيناً بطلان ما ذهبوا إليه وما عولوا عليه من الهيتة هذا الذي قصاراه أن يكون حيواناً بهيماً وشيطاناً رجيماً: (أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولاً ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً) وقال (ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهيدهم سبيلاً اتخذوه وكانوا ظالمين) فذكر أن هذا الحيوان لا يتكلم ولا يرد جواباً ولا يملك ضراً ولا نفعاً ولا يهدي إلى رشد اتخذوه وهم ظالمون لأنفسهم عالمون في أنفسهم بطلان ما هم عليه من الجهل والضلال (ولما سقط في أيديهم) أي ندموا على ما صنعوا (ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين) ولما رجع موسى عليه السلام إليهم ورأى ماهم عليه من عبادة العجل ومعه الألواح المتضمنة التوراة ألأقاها فيقال: إنه كسرها وهكذا هو عند أهل الكتاب وإن الله أبدله غيرها وليس في اللفظ القرآني ما يدل على ذلك إلا أنه ألقاها حين عاين ما عاين.
وعند أهل الكتابأنهما كانا لوحين وظاهر القرآن أنها ألواح متعددة ولم يتأثر بمجرد الخبر من الله تعالى عن عبادة العجل فأمر بمعاينة ذلك ولهذا جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وابن حيان عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس الخبر كالمعاينة) ثم أقبل عليهم فعنفهم ووبخهم وهجنهم في صنيعهم هذا القبيح فاعتذروا إلأيه بما ليس بصحيح (قالوا إنا حملنا أوزارنا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري) تحرجوا من تملك الحلي آل فرعون وهم أهل حرب وقد أمرهم الله بأخذه وأباحه لهم ولم يتحرجوا بجهلهم وقلة علمهم وعقلهم من عبادة العجل الجسد الذي له خوار مع الواحد الأحد الفرد الصمد القهار. ثم أقبل على أخيه هارون عليهما السلام قائلاً له: (يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا أن لا تتبعن) أي هلا لما رأيت ما صنعوا اتبعتني فأعلمتني بما فعلوا؟ فقال: خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل) أي تركتهم وجئتني وأنت قد استخلفتني فيهم (قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين) وقد كان هارون عليه السلام نهاهم عن هذا الصنيع الفضيع أشد النهي وزجرهم عنه أتم الزجر قال الله تعالى: (ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به) أي إنما قدر الله هذا العجل وجعله يخور فتنة واختباراً لكم (وإن ربكم الرحمن) أي لا هذا (فاتبعوني) أي فيما أقول لكم (وأطيعوا أمري. قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع غلينا موسى) يشهد الله لهارون عليه السلام (وكفى بالله شهيداً) إنه نهاهم وزجرهم عن ذلك فلم يطيعوه ولم يتبعوه ثم أقبل موسى على السامري (قال ما خطبك يا سامري) أي ما حملك على ما صنعت (قال بصرت بما لم يبصروا به) أي رأيت جبرائيل وهو راكب فرساً (فقبضت قبضة من اثر الرسول) أي من أثر فرس جبريل.

ذكر ابن عباس في حديث الفتون أن عبادتهم العجل كانت على أثر خروجهم من البحر. وما هو ببعيد لأنهم حين خرجوا: قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة) الأعراف 138. وهكذا عند أهل الكتاب فإن عبادتهم العجل كانت قبل مجيئهم بلاد بيت المقدس، وذلك أنهم لما أمروا بقتل من عبد العجل قتلوا في أول يوم ثلاثة آلاف، ثم ذهب موسى يستغفر لهم فغفر لهم بشرط أن يدخلوا الأرض المقدسة (واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا) الأعراف 155.
ذكر السدي وابن عباس وغيرهما: أن هؤلاء السبعين كانوا علماء بني إسرائيل ومعهم موسى وهارون ويوشع وناداب وأبيهو ذهبوا مع موسى عليه السلام ليعتذروا عن بني إسرائيل في عبادة من عبد منهم العجل وكانوا قد أمروا أن يتطيبوا ويتطهروا ويغتسلوا فلما ذهبوا معه واقتربوا من الجبل وعليه الغمام وعمود النور ساطع صعد موسى الجبل فذكر بنو غسرائيل أنهم سمعوا كلام الله وهذا وافقهم عليه طائفة من المفسرين وحملوا عليه قوله تعالى: (وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون) وليس هذا بلازم، لقوله تعالى: (فأجره حتى يسمع كلام الله) أي مبلغاً، هكذا هؤلاء سمعوه مبلغاً من موسى عليه السلام وزعموا أيضاً أن السبعين رأوا الله وهذا غلط منهم لأنهم لما سألوا الرؤية أخذتهم ارجفة كما قال تعالى: (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة وأنتم تنظرون. ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون) البقرة 55 - 56. وقال انطلقوا إلى الله فتوبوا إليه مما صنعتم وسلوه التوبة على ما تركتم وراءكم من قومكم صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقته له ربه، وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم فطلب منه السبعون ان يسمعوا كلام الله. فقال: أفعل فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل كله ودنا موسى لدخل في الغمام وقال للقوم: ادنوا. وكان موسى إذا كلمه الله وقع على جبهته نور ساطع، لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه فضرب دونه بالحجاب ودنا القوم حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجوداً فسمعوه وهو يكلم موسى يأمره وينهاه: افعل ولا تفعل.
فلما فرغ الله من أمره وانكشف عن موسى الغمام أقبل إليهم قالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة. فأخذتهم الرجفة - وهي الصاعقة - فالتقت أرواحهم فماتوا جميعاً فقام موسى يناشد ربه ويدعوه ويرغب إليه ويقول: ({ب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا) أي لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء الذين عبدوا العجل منا فإنا براء مما عملوا. وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن جريج: إنما أخذتهم الرجفة لأنهم لم ينهوا قومهم عن عبادة العجل وقوله: (إن هي إلا فتنتك) أي اختبارك وابتلاؤك وامتحانك قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وأبو العالية والربيع بن أنس وغير واحد من علماء السلف والخلف يعني أنت الذي قدرت هذا ما كان من أمر العجل اختباراً تختبرهم به.

ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لما فرغ من خلق السماوات والأرض كتب كتاباً فهو موضوع عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي) فسأكتبها للذين يتقوه ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون) أي فسأوحيها حتماً لمن يتصف بهذه الصفات (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي) وهذا فيه تنويه يذكر محمد صلى الله عليه وسلم وأمته من الله لموسى عليه السلام في جملة ما ناجاه به وأعلمه وأطلعه عليه وقد تكلمنا على هذه الآية وما بعدها في التفسير بما فيه كفاية ومقنع. ولله الحمد والمنة. وقال قتادة: قال موسى يا رب أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر رب اجعلهم أمتي قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة هو الآخرون في الخلق السابقون في دخول الجنة رب اجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرأونها وكان من قبلهم يقرأون كتابهم نظراً حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئاً ولم يعرفوه وإن الله أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئاً لم يطعه أحداً من الأمم قال: رب اجعلهم أمتي قال : تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر ويقاتلون الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ويؤجرون عليها وكان من قبلهم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها ناراً فأكلتها وإن ردت عليه تركت فتأكلها السباع والطير وإن الله أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم! قال رب فاجعلهم أمتي. قال تلك أمة أحمد. قالك رب فإني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتب له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف) قال رب اجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال رب إني أجد في الألواح أمة هم المشفعون المشفوع لهم فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال قتادة: فذكر لنا أن موسى عليه السلام نبذ الألواح وقال: اللهم اجعلني من أمة أحمد. وقد ذكر كثير من الناس ما كان من مناجاة موسى عليه السلام وأوردوا أشياء كثيرة لا أصل لها ونحن نذر ما تيسر ذكره من الأحاديث والآثار بعون الله وتوفيقه وحسن هدايته ومعونته وتأييده.
قال الحافظ أبو حاتم محمد بن حاتم بن حبان في صحيحه: (ذكر سؤال كليم الله ربه عزوجل عن أدنى أهل الجنة وأرفعهم منزلة): أخبرنا عمر بن سعيد الطائي بمنبج حدثنا حامد بن يحيى البلخي حدثنا سفيان حدثنا مطرف بن طريف وعبدالملك بن أبجر شيخان صالحان سمعنا الشعبي يقول سمعت المغيرة بن شعبية يقول على المنبر عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن موسى عليه السلام يسأل ربه عزوجل أي أهل الجنة أدنى منزلة؟ فقالك رجل يجيء بعدما يدخل أهل الجنة الجنة فيقال له: ترضى أن يكن لك من الجنة؟ وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا إخاذاتهم؟ فيقال: لك هذا ومثله ومثله فيقول: أي رب رضيت. فيقال: له لك مع هذا ما اشتهت نفسك ولذت عينك. وسأل ربه: أي أهل الجنة أرفع منزلة؟ قال سأحدثك عنهم غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ومصداق ذلك في كتاب الله عزوجل (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) الآية وهكذا رواه مسلم والرمذي كلاهما عن ابن أبي عمر عن سفيان وهو ابن عيينة به ولفظ مسلم: (فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل وملك ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب. فيقول لك ذلك ومثله ومثله.