منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - نظرية النقد العربي رؤية قرآنية معاصرة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-11-13, 02:12   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
lakhdarali66
عضو متألق
 
الصورة الرمزية lakhdarali66
 

 

 
الأوسمة
مميزي الأقسام أحسن عضو لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي



1 ـ أهمية الصورة الفنية .
2 ـ الصورة في اصطلاح النقاد القدامى .
3 ـ الصورة عند النقاد المحدثين .
4 ـ مقارنة وتحديد .


1 ـ أهمية الصورة الفنية
تنشأ أهمية الصورة الفنية من خلال معركة النقاد والبلاغيين في الفصل بين اللفظ والمعنى ، فاللفظ هو الصياغة الشكلية والهيكل التركيبي في العمل الادبي ، والمعنى هو الفكرة المجردة التي تفي بالغرض .
وقد أوجد هذا الفصل تقسيماً ظاهراً في النص الأدبي وجعله ذا دلالتين : خارجية تتصل بالشكل ، وداخلية تقترن بالمضمون .
ولعل المطور لهذا الفصل هو المذهب المعتزلي في فهمه للنص القرآني ، فهو ذو بعدين : البعد الأول ، يتمثل بالفن القولي في دلالته المحسوسة من اللفظ التي تتشكل بكل صنوف التعابير المجازية والمحسنات البديعية . والبعد الثاني ، ويتمثل بالمعنى الذهني المجرد الذي يترصده المتلقى في النفس من خلال معنى ذلك اللفظ ، فهما ـ إذن ـ شيئان مستقلان ، ليخلصوا من وراء هذا إلى القول بأن هذه الاشكال عارضة متغيرة فهي محدثة . وأن القرآن إنما هو المعنى لاتصاله بذات الخالق ، وذات الخالق قديمة ، فالقرآن ليس بقديم ، لأنه خلاف ذاته تعالى (1) . بل هو من خلقه وصنعته ، فهو محدث . إذن : اللفظ والمعنى في القرآن محدثان ، ولا علاقة لهما بالقدم ، وكان هذا بداية للبحث عن الألفاظ مرة ، وعن المعاني مرة أخرى . ثم تبلورت الفكرة أكثر فأكثر فعاد المحفز لها هو القول بإعجاز القرآن ، وأين يكمن هذا الإعجاز ، أفي لفظه ، أم في معناه ، أم في العلاقة القائمة بين اللفظ والمعنى ، فذهب عبد القاهر الجرجاني =
____________
هامش :
(1) ظ : تفصيل ذلك في : محمد عبد الهادي أبو ريدة ، نصوص فلسفية عربية : 21 ـ 23 ، علي سامي النشار ، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام : 142 ، جابر عصفور ، الصورة الفنية : 382 .

________________________________________
=وهو من أئمة الأشاعرة ـ إلى القول بالعلاقة بينهما ، ومن ثم جرد اللفظ قالباً ، والمعنى ذهناً ، وصهرهما سوية بأحداث عملية الإعجاز من خلال النظم وحسن التأليف ، وكأنه يلمح بل يصرح بأسبقية المعاني في النفس على الألفاظ (1) .
ومهما يكن من أمر فإن هذه المعركة قد انتهت بفصل العلاقات بين الفكر واللغة فعادت اللغة رموزاً تحتاج إلى الحل بما اشار إليه عبد القاهر : إن اللغة تجري مجرى العلامات والسمات ، ولا معنى للعلامة أو السمة حتى يحتمل الشيء ما جعلت العلامة دليلاً عليه (2) ، وعاد الفكر بهذا التقسيم مستقلاً في تصوره المعاني .
ومن هنا نشأت الحاجة إلى الصورة الفنية باعتبارها أداة لها طريقتها الخاصة في عرض المعاني مقترنة بألفاظ ليتفاعل المتلقي للنص الأدبي وهو مرتبط بجزئيه في وقت واحد ، فلا فصل بينهما ولا يتميز أحدهما عن الآخر ، فيكتسب ـ حينذاك ـ العمل الأدبي مناخاً يشعرك بالتئام اللغة والفكر بإطار موحد ينهض بسبب النص وتحديده ، ويلفت الانتباه إلى طبيعة المعنى في عرضه وأسلوبه منسجماً مع سلسلة الألفاظ المشيرة إلى المعاني ، غير منفصل عنها في حال من الأحوال ، وهنا يندفع المتلقي نحو السير وراء الصورة في استكناه العلاقات القائمة بين اللغة والفكرة ، أو اللفظ والمعنى . أو الشكل والمضمون ، ويكون طريق كشف هذه العلاقات هو التنقل في استنباط المعاني من سبل صياغتها في التشبيه والاستعارة والتمثيل والمجاز ، لتقيم الدليل على الذهني بالحسي وتلخص إلى القيمة من خلال الظاهر إلى الواقع ، ومن مجاز القول إلى الحقيقة ، ومن التعبير الاستعاري إلى الأصل الاستعمالي ، ومن النظر في المشبه به لإدراك شأن المشبه ، ومن التمثيل إلى كنه الشيء ، وهذه هي مجموعة العلاقات في التناسب واللحمة التي تبنى عليها أصول الصورة الفنية .
____________
هامش :
(1) ظ . في تفصيل ذلك المؤلف : الصورة الأدبية في الشعر الأموي : المعركة بين اللفظ والمعنى : 20 ـ 35 .
(2) الجرجاني ، عبد القاهر ـ أسرار البلاغة : 347 .


________________________________________
أما تأثير هذا الكشف في المتلقى ، فيتوقف على المجهود العقلي والفكري الذي يبذله في استخراج الصورة من خلال نظره إلى هذه الخصائص والمميزات .

2 ـ الصورة في اصطلاح النقاد القدامى (1)
ورد ذكر الصورة وبعض مشتقاتها على ألسنة بعض النقاد القدامى ، وأقدم من وقفنا على قول له في هذا الشأن هو أبو عثمان الجاحظ ( ت 255 هـ ) الذي استعمل مادة الصورة في مجال الأدب بهيئة أخرى فقال ـ ( هو يتحدث عن الشعر ) ـ بأنه : ضرب من النسج ، وجنس من التصوير (2) . وكأنه أراد بالتصوير هنا العملية الذهنية التي تصنع الشعر .
إلا أن قدامة بن جعفر ( ت 337 هـ ) قد استعملها نصاً ، واعتبرها الهيكل والشكل في مقابل المادة والمضمون ، فقال ـ متحدثاً عن الشعر ـ « معاني بمنزلة المادة الموضوعة ، والشعر فيها كالصورة ، كما يوجد في كل صناعة من أنه لا بدّ فيها من شيء موضوع يقبل تأثير الصور » (3) . فهو ينأى بها عن فهم الجاحظ لها ، فالجاحظ يذهب ـ في حدود فهمنا لكلامه ـ إلى أنها العملية الذهنية التي تهيئ النص الشعري ، بينما يرى قدامة فيها الإطار الخارجي العام لشكل هذا الشعر .
____________
هامش :
(1) تحدثنا عن « الصورة الأدبية وأبعادها النقدية » في مدخل رسالتنا للماجستير « الصورة الأدبية في الشعر الأموي » بكثير من التفصيل وكشفنا موقعها من مسألة اللفظ والمعنى ، بما لا مسوغ لإعادته بتفصيلاته المكثفة . وهنا أرى لزاماً عليّ أنألخص بعض ما توصلت إليه هناك : مضيفاً له ما استجد لدي في المصطلح لما تقتضيه الضرورة من الإحاطة بمصطلح الصورة الفنية بين يدي البحث . ( ظ : تفصيل ذلك في : الصورة الأدبية في الشعر الأموي : 10|350 ـ الصورة الفنية الأدبية في الشعر الأموي : 10|350 ، الصورة الفنية في المثل القرآني : 25 ـ 38 ) .
(2) الجاحظ : الحيوان : 3|132 .
(3) قدامة بن جعفر ، نقد الشعر ، تحد : أ . بونييكر ، 4 .


________________________________________
وذكر أبو هلال العسكري ( ت 395 هـ تقريباً ) الصورة في أقسام التشبيه فجعل من أقسامه : تشبيه الشيء صورة ، وتشبيهه به لوناً وصورة اراد بهما المثال والهيكل .
وجاء عبد القاهر الجرجاني ( ت 471 هـ ) فأعطى للصورة في المجالات النقدية حلولاً خاصة شرحها بقوله :
واعلم أن قولنا : الصورة إنما هو تمثيل وقياس لما نعلمه بعقولنا على الذي نراه بأبصارنا فما رأينا البينونة بين أحاد الأجناس تكون من جهة الصورة ، فكان بين إنسان من إنسان ، وفرس من فرس ، بخصوصية تكون في صورة هذا لا تكون في صورة ذاك ، وكذلك الأمر في المصنوعات فكان بين خاتم من خاتم ، سواراً من سوار بذلك ، ثم وجدنا بين المعنى في أحد البيتين وبينه في الآخر بينونة في عقولنا وفرقاً ، عبرنا عن ذلك الفرق وتلك البينونة بأن قلنا :
المعنى في هذا صورة غير صورته في ذلك . وليس العبارة عن ذلك بالصورة شيئاً نحن ابتدأناه فينكره منكر ، بل هو مستعمل مشهور في كلام العلماء ، ويكفيك قول الجاحظ :
وإنما الشعر صناعة وضرب من التصوير (1) .
واطلق ابن الأثير ( ت 637 هـ ) كلمة الصورة على خصوص الأمر المحسوس ، وقابل بينهما وبين المعنى ، فقال ـ وهو يعدد أقسام التشبيه الأربعة : « أما تشبيه معنى بمعنى .. وأما تشبيه صورة بصورة كقوله تعالى : ( وعندهم قاصرات الطرف عين (48) كأنهن بيض مكنون (49) ) (2) ، وأما تشبيه معنى بصورة كقوله تعالى : ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة ) (3) وهذا القسم أبلغ الأقسام الاربعة ، لتمثيله المعاني الموهومة بالصور المشاهدة ، وأما تشبيه صورة بمعنى كقول أبي تمام :
وفتكت بالمال الجزيل وبالعدا * فتك الصبابة بالمحب المغرم

____________
هامش :
(1) الجرجاني ، دلائل الإعجاز : 365 .
(2) الصافات : 48 ـ 49 .
(3) النور : 39 .


________________________________________
فشبه فتكة المال بالعدا وذلك صورة مرئية ، بفتك الصبابة وهو فتك معنوي ، وهذا القسم الطف الأقسام الأربعة ، لأنه نقل صورة إلى غير صورة (1) .
وكان ابن الأثير يعتبر التشبيه التمثيلي في تجسيده المعنويات بالحسيات وتصوير الماديات بالذهنيات ـ طرداً وعكساً ـ هو الصورة المتكونة في العمل الأدبي .
وقد اعتبر التهانوي ( من علماء القرن الثاني عشر الهجري ) الصورة ذات طبيعتين خارجية وذهنية فعد الصورة « ما يتميز به الشيء مطلقاً ، سواء كان في الخارج ويسمى صورة خارجية أو في الذهن ويسمى صورة ذهنية » (2) .
ثم فرق بينهما فأعطى الأهمية للصورة الذهنية ، واعتبر الصورة الخارجية من الأعيان ، فقال : الصورة : ما به يتميز الشيء في الذهن ، فإن الأشياء في الخارج أعيان ، وفي الذهن صور (3) .
ثم حذا حذو عبد القاهر ، واستنار برايه باحثاً عن الفروق والمميزات في حصول صورة الشيء في الذهن لا في تواجدها في الخارج فقال : صورة الشيء ما يؤخذ منه عند جذب الشخصيات ، أي الخارجية ، وأما الذهنية فلا بد منها ، لأن كل ما هو حاصل في العقل فلا بدّ له من تشخيص عقلي ضرورة أنه متمايز عن سائر المعلومات (4) .
هذه أهم النصوص التي لا حظناها عند النقاد والبلاغين القدامى في حديثهم عن الصورة ، ولا بد لنا من الوقوف قليلاً عند استعمالهم هذا ، لرصد مفهوم الصورة ، وبث دلالتها لديهم .
أما قدامة ، فله فضل السبق ـ وتبعه أبو هلال ـ باستعمال الكلمة نصاً .
____________
هامش :
(1) ابن الأثير : المثل السائر 1|297 وما بعدها .
(2) التهانوي ، كشاف اصطلاحات الفنون : 1|911 .
(3) المصدر نفسه : 1|912 .
(4) المصدر نفسه : 1|912 .










رد مع اقتباس